تونس ـ الوكالات : «سينماتوغراف»
يرى المخرج والسيناريست المغربي هشام العسري أن إنتاج أفلام تنتقد الوضع والمجتمع لا يمثل إساءة للبلد وإنما هي ضرورة لا بد منها فهي من جانب تمس المشاهد بشكل مباشر ومن جانب آخر تفرض على الآخر في الغرب احترامنا.
وقال العسري (40 عاما) على هامش أيام قرطاج السينمائية ”لماذا يعتبر البعض أنه إذا أنتجنا أفلاما تنتقد الوضع والمجتمع نكون قد أسأنا إلى صورة البلد، مع العلم إنني لما أسافر بأفلامي إلى عروض في الخارج يقولون لي مادام لم يمنعوك من التصوير وسافرت لتشارك بها في مهرجانات خارج المغرب فهذا يعني إنكم بلد ديمقراطي.. وهذا يثلج صدري“.
وأضاف ”أفلامي ذات طابع تجريدي، فالسينما لها كتابتها وانطلق من خلال فكرة أنني مغربي وأعيش في هذا البلد. إذ يجب أن نبتعد في أفلامنا عن الديماجوجية وأن نتطرق إلى مواضيع تبحث في عمقنا بواقعه الجميل والبشع“.
وقدم العسري عددا قليلا من الأفلام منها القصيرة مثل (وشم العذاب) و(محطة الملائكة) والروائي الطويل مثل (هم الكلاب) في 2013 و(البحر من ورائكم) في 2014 و(جوع كلبك) في 2015 و(ضربة في الرأس) في 2017 لكنها تركت أثرا كبيرا لدى المشاهد المغربي بفضل جرأتها وتناولها لقضايا شائكة مما أهلها للمشاركة في أكبر المهرجانات الأوروبية.
ويتناول أحدث أفلامه (ضربة في الرأس) الذي عرض ضمن الدورة 67 لمهرجان برلين السينمائي في فبراير شباط الماضي إحدى أكثر الحقب صعوبة في تاريخ المغرب والتي شهدت أحداثا حزينة منها مظاهرات شعبية سميت ”مظاهرات الخبز“ وكذلك أحداثا سعيدة مثل فوز المنتخب المغربي على نظيره البرتغالي في بطولة كأس العالم لكرة القدم 1986 بالمكسيك.
ويبدأ الفيلم من نقطة تأهل المنتخب المغربي إلى الدور الثاني ببطولة كأس العالم قدم حيث يتم إرسال ضابط أصيب بالشلل في وجهه خلال مظاهرات الخبز إلى جسر يربط بين قريتين لتأمينه لاحتمال مرور موكب الملك عليه.
ويقول العسري ”الطريف بالنسبة للفيلم هو أننا لم نطلب دعم المركز السينمائي لأنه فيلم سيكون حتما ممنوع من العرض حتى أنه لما كنا نصور الفيلم كان الناس خائفين“.
وأضاف ”وعلى العموم هذا الفيلم لم يعرض في المغرب بل عرض في مهرجانات عالمية مثل تورونتو وبرلين وقرطاج“.
وتابع قائلا ”هذا يعني أن فكرة الفيلم حقيقية فالخوف معشش في المجتمع المغربي.. بالرغم من أن العديد من الناس يقولون إن ما وقع في الماضي أصبح وراءنا وتخلصنا منه، لكن الأساليب والخطابات القديمة لا تزال موجودة لا نستطيع أن نغير مجتمع ما بين عشية وضحاها“.
وكان المغرب قد أنشأ 2004 هيئة رسمية تحت مسمى (هيئة الإنصاف والمصالحة) لكشف ماضي انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة من 1956 إلى 1999. لكن الدولة لم تقدم اعتذارا عما حدث من اختفاء قسري واعتقال تعسفي وتعذيب لنشطاء وسياسيين معارضين لنظام الحكم.
وقال العسري “الناس تخاف من أفلام دون أن تراها وتكون فكرة مسبقة كما حدث مع بعض أفلامي مثل (هم الكلاب).
وأضاف ”أنا لا أمارس السياسة، أنا أحاول أن أتطرق إلى هذه المواضيع كفنان من خلال الميدان السينمائي.“