«سينماتوغراف» ـ لمياء رأفت
تبقت أيام قليلة على ترشيحات الأوسكار 2022، وهي الجائزة الأشهر في عالم السينما في الوقت الحالي، رغم كونها محدودة إلى درجة كبيرة بالسينما الأميركية، مع محاولات من القائمين عليها لتغيير هذه الصورة في السنوات الأخيرة بدعم الأفلام الدولية وفوز فيلم “طفيلي” (Parasite) بأوسكار أفضل فيلم منذ عامين.
أفلام الأوسكار 2022 هي أهم الأفلام التي عُرضت في 2021، وهو عام سينمائي ثري للغاية، فجميع الأفلام التي تأجلت في 2020 بسبب انتشار جائحة كورونا عُرضت خلال هذا العام، فعانى من التخمة الفنية اللذيذة بالتأكيد لمحبي السينما. وفيما يلي نتحدث عن أهم أفلام الأوسكار 2022 التي ستتنافس بشدة على جائزة أفضل فيلم.
رغم كونها جائزة يقال عنها كثيرًا إنها مسيسة، ولها قواعد ثابتة وراسخة أفقدتها بعض شعبيتها في السنوات الأخيرة، فإن الأوسكار قد تفاجئ الجمهور -من عام لآخر- باختيارات غير عادية، على سبيل المثال إدخال فيلم “بلاك بانثر” (Black Panther) في المنافسة على جائزة أفضل فيلم كأول عمل من مارفيل يشارك في هذه الفئة، وفوز فيلم “طفيلي“.
هذا العام يتوقع أن تبرز مفاجأتان متشابهتان مع الأمثلة السابقة؛ فقد نجد فيلم “سبايدرمان: لا طريق للمنزل” (Spider Man: No Way Home) في قائمة الأفلام المرشحة لجائزة أفضل فيلم، وهو مفاجأة مارفيل لهذا العام، الذي أصبح الأعلى إيرادًا سينمائيًا في فترة ما بعد انتشار الجائحة، وحاز إعجاب كل من الجمهور والنقاد.
حقق هذا الفيلم معادلة صعبة للغاية؛ فهو استغل إعجاب كل محبي السلسلة الحاليين، واجتذب الملايين من محبي الشخصية ذاتها الذين ظل ولاؤهم لممثلين آخرين قدموا دور سبايدرمان سابقًا، وكذلك صنع ملحمة أبطال خارقين بعدد محدود من هؤلاء الأبطال، فعلى عكس أعمال مثل “إند جيم” (End Game) الذي امتلأ بالنجوم فنحن هنا أمام “سبايدرمان“.
ومع حشد من شخصيات الماضي لاستنزاف حنين الجمهور والنقاد لآخر قطرة، هناك حملة ضخمة على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن شركة ديزني المنتجة لتعزيز فرص الفيلم للترشح لجائزة أفضل فيلم؛ قد تنجح بالفعل في النهاية.
والمفاجأة الأخرى من أفلام الأوسكار 2022 هي ترشيح فيلم “قودي سيارتي” (Drive My Car) الياباني لجائزة أفضل فيلم، بالإضافة إلى أفضل فيلم دولي، للمخرج ريوسوكي هاماجوتشي، وهو واحد من أهم أفلام العام بالتأكيد، وعُرض في مهرجان كان السينمائي وفاز بجائزة أفضل سيناريو، بالإضافة إلى عرضه في كثير من المحافل الدولية؛ مثل مهرجان القاهرة السينمائي، وفاز بجائزة غولدن غلوب كأفضل فيلم أجنبي.
ومن المتوقع فوزه بها في الأوسكار كذلك، لكن ترشحه لجائزة أفضل فيلم ستجعله منافسًا صعبًا لأي فيلم أميركي في المسابقة، مما قد يقلب الموازين ويجعل فيلمين آسيويين يفوزان بجائزة أفضل فيلم في أقل من 5 سنوات، في ضربة قاسمة للسينما الأميركية قد تغضب كثيرا من الأستوديوهات الكبرى بالتأكيد.
عام 2021 فاز بجائزة أفضل فيلم “أرض الرحل” (Nomadland) من إخراج المخرجة كلوي تشاو، التي فازت كذلك بجائزة أفضل مخرجة، وهذا العام هناك مخرجة أخرى قادمة بفيلم كبير ومهم ومنافس، وهي المخرجة جين كامبيون وفيلمها “قوة الكلب” (Power Of The Dog) الذي فاز بجائزة أفضل فيلم في غولدن غلوب، وفازت كامبيون بجائزة أفضل مخرجة من مهرجان لندن السينمائي، ونالت جائزة الأسد الفضي في مهرجان فينيسيا السينمائي.
الفيلم من نوع “الويسترن” ومقتبس من رواية بالاسم نفسه، وهو يتناول عالم الغرب الأميركي القاسي، وذلك عبر قصة امرأة شابة وابنها المراهق عندما تتزوج ابن عائلة غنية تدير مزرعة في الغرب، ويصعب عليها الاندماج في هذا العالم الذكوري القاسي وتبدأ صراعات خفية بينها وبين أخ الزوج المملوء بمسلمات الذكورية المسممة التي تؤذيه قبل أن تؤذي من حوله.
ينافس في موسم الجوائز 2022 فيلمان من نوع الأفلام الموسيقية، وهي عودة كبيرة لهذا النوع السينمائي المندثر، وكان رائجًا من الثلاثينيات وحتى الخمسينيات من القرن العشرين، ولم يظهر بعدها سوى في أفلام ضئيلة كل بضعة أعوام.
في 2021 عُرض فيلم “قصة الحي الغربي” (West Side Story) إخراج ستيفن سبيلبرغ، وهو إعادة إنتاج لفيلم شهير من الستينيات يعالج مسرحية روميو وجولييت لشكسبير على نحو حديث، فبدل الخلافات بين الأسرتين الأرستقراطيتين في فيرونا بإيطاليا تحول الأمر لصراع عرقي بين فقراء حي برونكس، وفاز الفيلم بجائزة غولدن غلوب كأفضل فيلم موسيقي أو كوميدي لهذا العام.
وهو معالجة أفضل حتى من الأصلية باستخدامه ممثلين من أصول عرقية مختلفة، وتجديده في بعض الرقصات؛ مما أضفى على الفيلم حيوية أكثر من مجرد إعادة إنتاج حديثة فقط، وفيه عودة لستيفن سبيلبرغ لموسم الجوائز بالتأكيد.
الفيلم الآخر هو “تيك تيك بوم” (Tick tick BOOM) إخراج مخرج مسرح برودواي الشهير لين مانويل ميراندا في أول إخراج سينمائي له، وهو فيلم سيرة غنائي بطولة أندرو جارفيلد في دور كاتب المسرحيات الغنائية الراحل جوناثان لارسون الذي تملكه هاجس موته مبكرًا قبل وصوله إلى المجد الأدبي، ومات بالفعل في عامه 35 قبل أن تصبح مسرحياته ظاهرة بالفعل، وفاز جارفيلد بجائزة غولدن غلوب كأفضل ممثل عن هذا الدور، ورُشح الفيلم لجائزة أفضل فيلم موسيقي أو كوميدي.
ترشح هذين الفيلمين لجائزة أفضل فيلم سيكون الأول منذ ترشح فيلم “لالا لاند” (La La Land) عام 2017، الذي كاد أن يحصل على الأوسكار بالفعل قبل انتقالها بشكل درامي إلى فيلم “مون لايت” (Moonlight).
من أفلام الأوسكار 2022 كذلك المتوقع ترشحها بقوة “مأساة ماكبث” (The Tragedy of Macbeth) إخراج جويل كوين، وهو عمل آخر مقتبس لشكسبير. فهل يصبح شكسبير مفاجأة الأوسكار هذا العام؟