** إن كان هناك من مؤشر أو ترمومتر لقياس الحركة السينمائية في السعودية، فهو مهرجان أفلام السعودية، فبما أنه الوحيد المختص بالإنتاج المحلي، يمكن لنا من خلال مسابقاته المتنوعة، معرفة ما يحدث خارجه، ووعياً من إدارته بأهمية مؤشرات ما تستقبله من مشاركات، يصمم فريق المهرجان برنامجه بوعي بما تتطلبه المرحلة، فما الذي تخبرنا به المشاركات، وما الذي توجب على المهرجان جراء ذلك؟.
يخبرنا ترمومتر الحركة بأننا الآن على أعتاب «صناعة»، فبدءاً من الدورة السابعة استقلت مسابقة الأفلام القصيرة عن الطويلة، وتنافس على فئة الأفلام الطويلة 3 أفلام. أما في الدورة الحالية، فنحن في مسابقة تشارك فيها 8 أفلام طويلة، وهذا أمر ملفت وقفزة مهمة، فلا يمكن أبداً الحديث عن وجود صناعة أو عن سينما سعودية إلا بإنتاج أفلام طويلة، وحين نرى أنفسنا أمام هذا العدد فنحن بال شك نتجه في الإتجاه الصحيح، ومن شبه المؤكد أن العام المقبل سيشهد هذا العدد أو ما يزيد عنه، خاصة مع الأخبار المتزايدة عن انتهاء عدة أفلام، وتصوير عدة أفلام أخرى في نفس الشهر الذي يعقد فيه المهرجان.
وقد يقول قائل بأن العبرة في الكيف لا الكم، ولكن في قانون الصناعة السينمائية يمكن القول بأن الكم يصنع كيفاً، وأن تراكم الخبرات والأعمال سيولد أعمال ذات جودة أعلى فنياً.
ووعياً من إدارة المهرجان بهذا، فقد استحدثت جوائز أكثر مما كانت عليه في سوق الإنتاج العام الماضي، لضمان توفير متطلبات الإنتاج لمشاريع جديدة، كما تم تقديم ورش تدريبية في تخصصات دقيقة تشهد قصوراً في صناعة الأفلام السعودية، وخاصة في قسمي الإنتاج وهندسة الصوت. أما على مستوى إثراء المحتوى السينمائي، فقد تمت طباعة 12 كتاباً، 8 منها في التأليف السينمائي و4 مترجمة، كما يوجد معمل لتطوير السيناريوهات الفائزة القصيرة والطويلة، والهدف من كل هذه البرامج هو مواكبة الحراك السينمائي والمساهمة في تأسيس صناعته.
وبناء على ما تشهده المرحلة الراهنة التي نمر بها من نمو وتطور، كان لابد من أن ينتقل تنظيم المهرجان إلى جمعية متخصصة في مجال السينما، بعد أن قامت جمعية الثقافة والفنون مشكورة بدعم ورعاية المهرجان منذ البدايات. فجمعية السينما ستعمل على أن يكون للمهرجان فعاليات طوال العام تتوج بدورته السنوية، لا أن تكون الدورة هي مجال نشاطه الوحيد وحسب.
نحن اليوم أمام مرحلة هامة جداً في تأسيس البنى التحتية للصناعة السينمائية، وجمعية السينما والمهرجان لابد أن يكونا فاعلين في هذا التأسيس، فهو الهدف الأول والأخير الذي يعملان من أجله.
هناء العمير
* رئيس جمعية السينما السعودية