يعود المهرجان بعد غياب عام كامل ليطلق دورته الثامنة نهاية مايو المقبل
الجزائر ـ «سينماتوغراف»
يعود «مهرجان وهران للفيلم العربي»، أخيرا، إلى النشاط بعدما أثار توقفه السنة الماضية كثيرا من علامات الأستفهام، وأقلق عشاق السينما ليس فقط في الجزائر وإنما عربيا. ولأول مرة في تاريخ المهرجانات السينمائية الجزائرية يتم التركز على البعد التجاري هذا العام، من خلال استحداث سوق للأفلام، على غرار المهرجانات العالمية التي لا يقتصر فيها الحدث السينمائي على توزيع الجوائز، لخلق مناخ من التواصل الاقتصادي خلال الدورة الثامنة لمهرجان وهران التي ستكون نهاية شهر مايو المقبل.
عرف مهرجان وهران للفيلم العربي، منذ أن تأسس عام 2007 على يد مدير التلفزيون الجزائري آنذاك حمراوي حبيب شوقي، عدة تحديات، أولها ربما كانت على صعيد توزيع الجوائز، وتكريم العرب والمخرجين الجزائريين في هذا الحدث الاستثنائي الأول من نوعه في الجزائر، فكانت الإجابة في الدورة الأولى للمهرجان جزائرية أكثر منها عربية، على مستوى التتويجات تحديدا، حيث كان للسينما الجزائرية سنة 2007 حصة الأسد في الجوائز مع مشاركة عربية شبه رمزية، مثلها المخرج السعودي عبد اللّه المحيسن بفيلمه «ظلال الصمت»، بينما كان للمخرجين الجزائريين حضورا قويا تحديدا سعيد ولد خليفة، بفيلم «عائشات»، وبشير درايس بـ«عشرة ملايين سنتيم»، وعكاشة تويته بـ«موريتوري»، ومحمد شويخ بـ«دوار النسا»، وحتى الوزيرة الحالية للثقافة نادية لعبيدي بفيلمها «خلف المرآة».
بدأ المهرجان يتصالح سنة بعد الأخرى مع السينما العربية، ويتجه نحو الحرفية أكثر من خلال التركيز على النوعية، ورغم العثرات إلا أن مهرجان الفيلم العربي قرر أن يكون عربيا أكثر من أي وقت مضى وذلك خلال الدورة الثانية له سنة 2008، ومع فعاليات الدورة الثالثة للمهرجان بدأت تتكون قناعة الجزائريين بأن سر نجاح المهرجان هو في التركيز أكثر على السينما العربية وتكريم الوجوه المصرية تحديدا، ليتم ضبط أجندة أسماء عربية كضيوف شرف، ومن ضمنها الفنان محمود عبد العزيز الذي كرم في الدورة الثانية مع الفنان محمود ياسين ونيللي كريم وخالد زكي وخالد النبوي وداليا البحيري وداليا مصطفى وشريف سلامة. وأضافت تلك التكريمات نقاطا للمهرجان على المستوى العربي، وجعلته محل أنظار الصحافة المصرية والعربية. لكن تلك الإنجازات لم يشأ لها أن تعيش طويلا، وقد تزامن انسحاب حمراوي حبيب شوقي الذي كان يركز على «الشكل» وتفاصيل البهرجة في المهرجان، ليتم تغيير تسمية المهرجان من «المهرجان الدولي للفيلم العربي» إلى «مهرجان وهران للفيلم العربي».
موعد تنظيم المهرجان وتاريخه هو الآخر سرعان ما أصبح يشكل نقاشا بسبب تزاحم المهرجانات العالمية، فبعد أن نظمت الدورات الأولى الثلاث لمهرجان وهران للفيلم العربي، في شهر يوليو، والثلاث دورات التي تلتها في شهر ديسمبر قبل أن يتقرر سنة 2013 اعتماد شهر سبتمبر موعدا سنويا للمهرجان، عاد المهرجان إلى البحث عن الشهر المناسب، ويطرح السؤال مجددا «متى نعقد مهرجان وهران بشكل ثابت على غرار باقي المهرجانات؟»، ها هي الإجابة تأتي مع تعيين الشاعر إبراهيم صديقي رئيسا للمهرجان، ويسعى لتشكيل طاقم يضع المهرجان السينمائي الأبرز في تاريخ الجزائر على مسار ثابت وموعد محدد.
ومع موجة الخلاف الكروي المصري الجزائري سنة 2009 انكسرت عزيمة الجزائريين تجاه العرب والمصريين تحديدا، وبدأ مهرجان وهران يعرف محطات أخرى صعبة، حيث علت صرخات الفنانة المصرية يسرا في وجه المهرجان وكذلك الممثلة إلهام شاهين التي أعلنت إرجاع هدية المهرجان إلى الجزائر بدافع «حب بلادها» بعد أحداث أم درمان، لينعكس ذلك بشكل واضح خلال العام الموالي ليغيب المصريون وتغيب أجواء العروبة التي كانت ستقود المهرجان العربي الوحيد إلى حدث مميز، لكنها عادت تدريجيا في عام 2012 عبر مسابقة الأفلام الطويلة التي كانت من نصيب المخرجة المصرية هالة لطفي عن فيلمها «الخروج إلى النهار»، ليصبح مع حلول عام 2013 أقل شغفا تجاه المصريين والعرب وإن كانت الجوائز قد شملت العديد من الدول العربية، حتى مصر التي ظفرت بجائزة أحسن فيلم مناصفة «هرج ومرج» للمخرجة نادين خان و«مريم» للمخرج السوري باسل الخطيب، كما شملت التتويجات تونس من خلال جائزة أحسن ممثل للفتحي الهداوي عن فيلم «الخميس العشية»، والممثلة اللبنانية يارا أبوحيدر بجائزة أحسن ممثلة عن فيلم «العصفور» كما تم تتويج الأردن، المملكة السعودية، الإمارات، فلسطين، المغرب والجزائر بجائزة واحدة خطفها فيلم «قبل الأيام» لكريم موساوي.
اليوم تقف دورة العام الحالي أمام مشهد عربي متخم بالأحداث السياسية والأمنية العربية الساخنة، وأخرى ثقافية عربية بالتزامن مع استضافة قسنطينة لتظاهرة عاصمة الثقافة العربية، ما يجعل من رهان نجاح دورة المهرجان الذي غاب السنة الماضية، أكبر وأهم على الصعيد التنظيمي وأيضا على صعيد الأفلام وضيوف المهرجان العرب في ظل تبيان مواقف نجوم السينما العربية مما يحدث في العالم العربي، وهو ما قد يعيد النقاش إلى حادثة المخرج السوري، غسان شميط، الذي أثارت مشاركته جدلا كبيرا بسبب مواقفه الداعمة لبشار الأسد.