تونس ـ «سينماتوغراف»
يغوص الفيلم التونسي ”عصيان“ لمخرجه جيلاني السعدي في عوالم الحرمان والتهميش في عمق المجتمع التونسي، وعالم الليل المحفوف بالمخاطر والجريمة والتمرد، والتوق إلى التحرّر والعيش في ”المدينة الفاضلة“.
ويُعرض الفيلم في دور السينما التونسية بداية من يوم 9 فبراير الجاري، بعد عرضه أمس الخميس 3 فبراير للصحافة في مدينة الثقافة بالعاصمة التونسية.
ويؤدي أدوار البطولة في هذا الفيلم محمد حسين قريّع ورمزي سليم وأمينة بديري وعبدالعزيز بالقايد حسين.
الفيلم عبارة عن ”كوميديا سوداء“ تمتزج فيها المواقف المضحكة بأشد المواقف قتامة وصعوبة، ويطرح قضايا متشعّبة، تتراوح بين حلم العدالة الاجتماعية المنشود لدى شخصيات الفيلم، التي جمعتها الصدفة، وبين طموح جزء منهم إلى عودة الديكتاتورية بطريقة ما، لكن القاسم المشترك بين كلّ أبطال الفيلم هو انتماؤهم الطبقي إلى نفس الفئة الاجتماعية الغارقة في البؤس والتهميش.
ويروي الفيلم رحلة ليلية للشخصيات الرئيسية الأربعة التي جمعها القدر، وقررت مجابهة الصعوبات التي اعترضت طريقها، وانطلاقا من هذه الشخصيات تتحول كاميرا جيلاني السعدي بين الشوارع والأزقة في مدينة تونس العتيقة، لتنقل جوانب المعاناة التي تواجهها الفئة الفقيرة، مجسّدة حلماً جماعياً ورغبة في التغيير، وطيّ الصفحات السوداء من تاريخ تونس.
وعلى امتداد أحداث الفيلم، يتابع المشاهد جوانب من الواقع التونسي في السنوات العشر الأخيرة، فالفيلم يروي الخيبات المتراكمة التي واجهها التونسيون وهم يرون حلم التغيير يتبدّد، بعد أن كانت الآمال كبيرة وسقف التوقعات مرتفعاً لتحقيق العدالة الاجتماعية والحياة الكريمة والشغل لكل العاطلين، والخبز لكل الجائعين.
والفيلم رغم الجوانب المظلمة التي يغوص فيها، لا يخلو من الجانب الفكاهي، فترى أبطاله الأربعة ينتزعون الضحكة من المشاهد في أحلك المواقف وأشدها صعوبة، وينتقدون واقعاً مريراً بطريقة تمزج بين السخرية والمرارة وطرافة الأسلوب.
وقال المخرج جيلاني السعدي، في تصريحات إعلامية، إن الفيلم تم إنتاجه خلال فترة حظر التجوّل؛ لأنّ طبيعة السيناريو تقتضي أن يتم تصوير مشاهد الفيلم ليلا، وحين تكون الشوارع مقفرة من المارة، مشيرا إلى أنّ جائحة ”كورونا“ وقرار فرض حظر التجول ساعدا على توفّر هذا الشرط لتصوير الفيلم في ظروف مريحة، وفق تعبيره.
واعتبر السعدي أنّ الفيلم يعكس حالة التوتّر التي يعيشها التونسيون في الفترة الأخيرة، بالنظر إلى حالة الإرباك على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.
والفيلم هو الفيلم الروائي الطويل الخامس للمخرج جيلاني السعدي، الذي قال إنّ هذا العمل هو الأول الذي حصل فيه على دعم من الدولة.
وكان الفيلم شارك في مسابقة الأفلام الطويلة في مهرجان أيام قرطاج السينمائية، التي جرت في نوفمبر الماضي في تونس.