دبي ـ الوكالات: «سينماتوغراف»
تحول ويل سميث من نجم شباك تذاكر إلى مرشح للأوسكار للعبه دور الملاكم الأسطورة الأعظم محمد علي. والآن بعد 20 عاماً، يقدم سميث أداءً رائعاً آخراً في قصة حول نوع مختلف تماماً من الرياضة، عبر لعب دور الرجل الذي يقف وراء الإنجاز الأعظم في فيلم King Richard، والذي يطرح الخميس المقبل في صالات السينما الخليجية.
يشير اسم الفيلم (والذي يعني الملك ريتشارد) إلى ريتشارد ويليامز، والد بطلتي التنس فينوس وسيرينا ويليامز، والرجل الذي قاد صعودهما السريع نحو القمة. وعلى الرغم من أن هناك أوقات يبدو فيها الفيلم وكأنه نسخة معدلة من قصته، إلا أن سميث يتألق بدور البطولة، فيجمع بين السحر والكاريزما وصفات أخرى غير محببة ليجسد هذا الرجل المعقد والغامض أحياناً.
لطالما كان ويليامز شخصية مثيرة للجدل، فقد كان صريحاً في المقابلات وحيوياً على المدرجات، بينما طور سمعة للترويج الذاتي الذي أثار استياء أولئك الذين يديرون تلك الرياضة. لكنه كان أيضاً الأب المحفز الذي يمتلك خطة دائماً. بدأ كل شيء عندما شاهد ويليامز اللاعبة الرومانية فيرجينيا روزيتشي على التلفاز، وسمع كم كانت تكسب من المال، وقرر أن يحول عائلته إلى “شركة تقوم بتربية الأبطال”.
لذا قبل ولادة سيرينا وفينوس، كتب ويليامز بياناً من 78 صفحة يخطط فيه طريقهما نحو المجد، ثم أرغم الفتاتين على العيش وفقاً لتلك القواعد. والباقي معروف، مع فوز فينوس بسبع ألقاب فردية ببطولات Grand Slam الكبرى، وسيرينا حازت على 23 لقباً في طريقها لتصبح واحدة من عظماء التاريخ. وكما تصوغ الأمر هي نفسها: “لما كانت هناك فينوس وسيرينا لولا ريتشارد”.
تبدأ القصة في كومبتون، حيث يدرب الأب ابنتيه بالنهار، ويعمل كحارس أمن في الليل، في سعيه لتعليمهما قيمة المال، وغرس أخلاقيات العمل فيهما بقوة. هناك أوقات يبدو فيها السيد ويليامز مثل السيد مياجي من The Karate Kid، حيث يوزع الحكمة حول الروح الرياضية، ويقوم بتدريبهما على مواجهة الإعلام حتى تكونان جاهزتان للأضواء، ويستخدم أفلام ديزني لتعليم الفتاتين التواضع.
لكن ريتشارد بالإضافة لكونه شخصاً يمتاز باللطافة والروح الرائعة فقط، إلا أنه من ناحية أخرى قد يكون شخصاً عنيداً وعصبياً، وهي صفات تدفعه للبحث عن مدرب في وقت مبكر، ثم مرة أخرى في وقت لاحق عند التعامل مع المدراء والعملاء والجهات الراعية الذين يريدون جميعاً حصة من تلك الفتاتين.
وكانت مؤسسة التنس تعامل ريتشارد على أنه مخادع، خسر الملايين من الدولارات في هذه العملية. لكن يبدو أن العنصرية موجودة أيضاً، وتصبح موضوعاً رئيسياً في سيناريو زاك بايلين حيث يحارب ريتشارد وصمة العار والأحكام المسبقة بشكل يومي.
لا يخشى سيناريو بايلن التشكيك في دوافع ويليامز أيضاً. ليس هناك شك في أن ريتشارد قام بإسقاط آماله وأحلامه على الفتاتين، ولكن عندما أخرجهما من حلبة بطولة الناشئين لأخذهما في مسار أقل تقليدياً، يتساءل المرء عما إذا كان ذلك لمنع الثنائي من الإنهاك، كما حدث للعديد من نجوم التنس في ذاك الوقت، أم لأنه يخشى أن تبتعدا عنه بعد الشهرة. يناقش السيناريو المتوازن كلا الجانبين، ثم يترك للجمهور القرار.
ومع ذلك، في حين أن King Richard عبارة عن دراسة شخصية من جزئين، فإن الجزء الثالث هو فيلم رياضي، وهو ينجح بالارتقاء للتوقعات على هذا الجانب. هناك لمحات مبكرة على موهبة ثنائي التنس، لكن المخرج رينالدو ماركوس غرين يحتفظ بالتفاصيل الغنية بذكاء حتى الوقت المناسب. ثم تبدأ الفتاتان بإطلاق العنان لموهبتهما حقاً، تماماً مثل موسيقى كريس باورز التي تذكرنا بموسيقى جيري غولدسميث في Rocky، والنتيجة هي لحظة من سحر الفيلم الخالص حيث تبدعان في إظهار مهارتهما الفائقة أخيراً.
ومما يساعد بتحقيق ذلك هو أن سانيا سيدني التي تلعب دور فينوس وديمي سينغلتون التي تلعب دور سيرينا تلعبان بمهارة تصل لمستوى مهارتهما بالتمثيل، كما أن عدم لجوء الإخراج إلى أسلوب تقطيع المشاهد يجعل مشاهدة التنس مذهلة للغاية. تتألق كلتا الممثلتان وتجعلانك تصدق الرابطة التي تجمعهما بقدر موهبتهما، وتتشاركان مشاهد رائعة مع المدربين بول كوهين (توني غولوين الذي يرتدي شورتات ضيقة وجدي بالعمل) وريك ماتشي (جون بيرنثال ذو الشارب والإلهام).
لكن السلاح السري للفيلم هي أنجانو إيليس بدور براندي، زوجة ريتشارد المخلصة والتي عانت طويلاً في نهاية المطاف. في الأماكن العامة، تقف براندي إلى جانب زوجها وتدعم ابنتيها، ومن الجيد أن نرى شخصاً تم حذفه من التاريخ يتم الاحتفال به بهذه الطريقة. لكنها قصة مختلفة خلف الأبواب المغلقة، وتتألق إيليس في المشاهد التي تواجه فيها براندي ريتشارد حول غروره وخيانته.
إنها الإشارة الوحيدة إلى أن ريتشارد أقل التزاماً تجاه عائلته مما يوحي به باقي الفيلم، كما يتم التشكيك في تعاملاته التجارية الشخصية بشكل مقتضب، ثم يتم نسيانها بنفس السرعة. وهذا ليس مفاجئاً عندما تكون فينوس وسيرينا منتجتين في المشروع، ولكن هناك شعور بأننا لا نحصل على الصورة الكاملة عندما يتعلق الأمر بسلوك ريتشارد.
على الرغم من هذه العيوب، يبذل سميث قصارى جهده لدخول رأس ريتشارد ويليامز، فيقدم أداءً كشخص بلهجة من لويزيانا مع حركات جسم مبالغ بها، لكن هناك أوقات نشعر فيها أنه يعطينا جوهر الرجل.
ينجح سميث بالتقاط الطبيعة المتباهية والشجاعة عندما يكون ريتشارد بائعاً، لكنه يقدم أداءً أفضل عندما يوحي بالخوف الذي يكمن وراء أفعاله، الخوف من ألا يتم احترامه، الخوف من أن يبدو كأحمق، وفي نهاية المطاف، الخوف من أن يكون مخطئاً. إنها أمور معقدة ودقيقة، تعطينا شعوراً بالاضطراب الداخلي الذي يعاني منه ريتشارد، وتشرح شعوره بعدم الأمان وعدم القدرة على التنبؤ بسلوكه.
كل ذلك يضيف شعوراً بالتوتر إلى حكاية لا يبدو أن فيها توتر ظاهرياً. فالعالم يعرف قصة الشقيقتين ويليامز، ولأن الفتاتين شهدتا النجاح بسرعة كبيرة، فإن الفيلم مجبر على العثور على نزاع خارج الملعب، في المكاتب وغرف الفنادق، من خلال الاجتماعات والمفاوضات. لكن تماماً عندما يبدو أن فيلم King Richard سيصل ذروته بخطأ مزدوج بدلاً من نجاح كبير، يقدم القائمون على الفيلم مباراة تنس مليئة بالتوتر والمفاجآت، وتجمع بين الآكشن والعاطفة لتنتهي قصة المنشأ هذه بالنهاية الرائعة التي تستحقها.
الخلاصة أن فيلم King Richard يروي قصة بسيطة حول الانتصار على الشدائد. وفيه يتألق فريق الممثلين المساندين، في حين يبرع ويل سميث تماماً، وبالرغم من أنه لربما لا يقدم القصة الكاملة، إلا أن الفيلم يقدم دراسة للشخصية وفي نفس الوقت يعمل كفيلم رياضي مرضي. لكننا بتنا نعرف الآن الرجل خلف البطلتين، ربما حان الوقت لسرد قصة البطلتين نفسيهما، حيث ينتهي الفيلم تماماً مع بداية رحلة فينوس وسيرينا المذهلة.