الوكالات ـ «سينماتوغراف»
يقول البعض إنه لا توجد قصة خيالية إلا وقد حدثت بصورة أو أخرى في الواقع. بدءاً من اتحاد جيوش العالم لمحاربة نظام شرير كفيلم «مملكة الخواتم» (Lord of the Rings)، وبإمكانك العثور على نفس الحالة في كل أنواع الأفلام.
فإذا كان الأدب قائماً من الأساس على قصص واقعية، فيجب أن يكون إيجاد قصص مبنية على أحداث واقعية للأفلام من أسهل الأمور، وهو بالفعل كذلك. وعلى سبيل المثال، ففيلم «ذئب وول ستريت» (The Wolf of Wall Street) يعطينا مثالاً جيداً على كيفية تقديم قصة حقيقية مع تكييفها بما يمتع المشاهدين، حسب ما نشرته صحيفة «ذا تيست أوف سينما»، أمس السبت 19 مارس 2016.
لكن بعض المخرجين يظنون أن كلمة «مقتبس عن قصة حقيقية» هي مجرد جملة تُوضع في بداية الفيلم لكي يزيد هذا الأمر من فرص ترشحها للجوائز. بينما يقوم البعض باستخدام أسماء حقيقية لشخصيات واقعية ثم ينسج حولها قصة خيالية للغاية، لماذا إذن لا تُقدم الفيلم على أنه من وحي الخيال؟
وفيما يلي بعض الأفلام التي استخدمت أسماء شخصيات حقيقية لتقدم قصة أبعد ما تكون عن الواقع:
1 ـ «جوي» – 2015 (Joy)
قصة الفيلم: تدور القصة حول “جوي” السيدة متقدة الذكاء منذ كانت طفلة. لكنها الآن في العشرين من عمرها وتعمل في شركة طيران صغيرة، تعيش مع أمها البغيضة. جوي مُطلقة ولديها طفلان ولا يمكنها توفير النقود اللازمة للذهاب إلى الجامعة لأنها تنفق على والديها. كما أن طليقها المُغني الفنزويلي الوسيم انتهى به الحال، بشكل ما، لأن يعيش في قبو منزلها.
وفجأة، تواتي جوي فكرة رائعة لاختراع ممسحة ذاتية التنظيف. وتُضطر لمواجهة مشاكل لا تنتهي لتوفير المال اللازم لأطفالها.
القصة الحقيقية: اخترعت جوي الممسحة ذاتية التنظيف، وقامت بالتسويق لها بنفسها على التلفاز، وهذا كل شيء.
جوي خريجة جامعية قسم إدارة أعمال، وزوجها السابق كان أحد زملائها. بعد طلاقها انتقلت لمنزل صغير مع أطفالها. مع اختراعها للمسحة ذاتية التنظيف انتهت كل مشاكلها المالية، ثم امتلكت شركتها الخاصة، مع العديد من براءات الاختراع.
كل ما في الفيلم من أحداث مأساوية لم تحدث. كما أن شقيقتها، التي كانت شخصية مؤثرة في أحداث الفيلم، لم توجد قط في الحقيقة.
2 ـ «إنقاذ السيد بانكس» – 2013 (Saving Mr. Banks)
قصة الفيلم: بي إل ترافيرس، مؤلفة رواية “ماري بوبينز” وصاحبة حقوق الملكية الفكرية الحصرية لها تسافر إلى لوس أنجلوس لترى إن كانت ستبيع روايتها لشركة والت ديزني. إلا أنها تتعنت أمام كل محاولات كتابة السيناريو التي يقدمها الكُتاب لها، في محاولتها الحفاظ على القصة من التغيير. ولا تبدأ في الموافقة إلا بعد أن يأتي والت ديزني (توم هانكس) لها بنفسه.
تم تصوير والت ديزني كشخصية رجل مرح ودود يقوم بكل ما في وسعه لإقناعها ببيع حقوق الرواية، وبعد أن يتحدثا سوياً عن تجاربهما المؤلمة في الحياة يستطيع والت ديزني أن يقنعها بالتنازل عن حقوق الملكية الفكرية. وفي افتتاح الفيلم تدمع أعين ترافيس من الفرحة وتتنازل عن حقوق الشخصية مجاناً.
القصة الحقيقية: بعد أن تنازلت ترافيس بالفعل عن حقوق الرواية تذهب إلى لوس أنجلوس لمتابعة السيناريو. وللأسف، لم يقم والت ديزني بأي محاولات لإقناع ترافيس بالتنازل عن حقوق الرواية. فقد كان والت ديزني هو مؤسس الشركة ورئيسها، وكان لديه المتخصصون في التعامل مع هذه الأمور.
في افتتاح الفيلم، تغضب ترافيس الحقيقية من التزييف الذي لحق بالقصة، وحين تعترض على والت ديزني، يخبرها بأن “السفينة قد انطلقت بالفعل”.
3 ـ «نادي دالاس للمشترين» – 2013 (Dallas Buyers Club)
قصة الفيلم: يُصاب بطل الفيلم لاعب الروديو بالإيدز نتيجة لأسلوب حياته الجنسية، ويبدأ في بيع الأدوية التي يصعُب الوصول إليها لأنها لا زالت تحت الاختبار للمصابين بالإيدز في محاولة لمقاومة المرض. يقوم بكل هذا مع صديقه المتحول جنسياً وطبيبته اللذين يساعدانه بكل الطرق لإنجاح عمله.
القصة الحقيقية: رونالد وودورف بطل القصة لم يكن لاعب روديو، بالإضافة إلى أن شخصيتي أصدقاء بطل القصة كانتا من وحي خيال المؤلف ولم تتواجدا في الحقيقة. ولكن المؤلف خلقها كي يستطيع طرح رأيه في قضية الشواذ ونظرة المجتمع لهم، كما لم يذكر الفيلم أخت وابنة رونالد وودورف رغم أهميتهما في القصة.
4 ـ «كابتن فيليبس» – 2013 (Captain Phillip)
قصة الفيلم: يلعب توم هانكس دور كابتن فيليبس قبطان السفينة المحنك. وحين يختطف قراصنة صوماليون السفينة يقوم الكابتن بشجاعة منقطعة النظير بمفاوضتهم لضمان سلامة طاقم السفينة، ما يترتب عليه أخذ القراصنة له كرهينة وتبدأ محاولة إنقاذه.
القصة الحقيقية: يُذكر طاقم السفينة قصة مختلفة تماماً عن قائدهم. فقد ادعوا أن كابتن فيليبس قد تصرف بأنانية وطريقة متهورة، ما أدى بهم إلى مقاضاة مالكي السفينة فيما بعد مطالبين بتعويض يُقدر بـ50 مليون دولار، حيث ادعوا أن فيليبس لم يهتم بسلامة طاقمه وبهذا سهّل الهجوم.
حتى إن فيليبس رفض اتباع إجراءات السلامة لتجنب هجوم القراصنة، كما تجاهل التحذير بعد الإبحار في المنطقة الخطرة التي يقبع القراصنة الصوماليون فيها.
5 ـ «آرغو» – 2012 (Argo)
قصة الفيلم: يستخدم عميل الاستخبارات الأميركية توني مانديز (بن أفليك) مهاراته المنفردة في محاولة إخراج 6 أميركيين من إيران بعد الثورة مباشرة، حيث يتنكر كمخرج يبحث عن مواقع مناسبة لتصوير فيلم في طهران. ويتنكر الأميركيون الستة كأنهم طاقم التصوير الخاص بالفيلم. بعد أن كادت تقتلهم مجموعات شعبية كارهة للأميركان، يستطيعون الوصول للمطار بسلام.
في المطار يتم مراجعة تذاكرهم عدة مرات بواسطة القوات الإيرانية، لكنهم يعبرون بسلام. ولكن أحد الجنود يلاحظ شيئاً مريباً بالتذاكر في آخر لحظة فتطارد قوات الجيش أبطال الفيلم في مدرج الطائرات ويُطلقون النيران على الطائرة وهي في الجو، لكن الأبطال يهربون نحو الحرية في النهاية.
القصة الحقيقية: ربما حين قرأ بن أفليك قصة توني مانديز الحقيقية قال لنفسه إنها لا تكفي ولابد من تعقيد الحبكة زيادة عن الحقيقة. فقد تم إغفال دور شريك توني مانديز في الأحداث، كما تم زيادة قصة زيارتهم لبعض المناطق بحثاً عن مواقع تصوير للفيلم المزعوم. فكل ما فعلوه هناك كان الجلوس في البيت الآمن الذي وفره الكنديون لهم، وربما يكون أسوأ ما نالهم هو بعض الرعب من نظرات الإيرانيين حين يلاحظون وجوههم الأجنبية.
يعود أغلب الفضل في هذه القصة للكنديين الذين قاموا بأغلب العمل، وقد تم تكريمهم بالفعل على دورهم.
6 ـ «عقل جميل» – 2001 (A Beautiful Mind)
قصة الفيلم: جون ناش عبقري الرياضيات والبروفيسور بجامعة برينستون يصاب بانفصام الشخصية ويبدأ في تخيل هلوسات مُضللة. بدءاً من اختراعه أصدقاء في الكلية، وجواسيس سوفييت وطفلة صغيرة مُريبة.
ثم يكتشف “نظرية اللعبة” التي تُحدث ثورة في الاقتصاد، لكنه يُصبح غير مُتزن نفسياً ويتم إدخاله مصحة نفسية عدة مرات. في النهاية يتوقف عن تناول أدويته بحجة أنها تُعيق عقله من التفكير وبمساعدة زوجته المخلصة يستطيع تجاوز الأمر حتى يفوز بجائزة نوبل ويُلقي هناك خطبة مثيرة للعواطف، كما يتم تكريمه في جامعة برينستون، حيث يمنحه جميع الأساتذة أقلامهم كدليل على مدى تأثيره.
القصة الحقيقية: الفيلم ليس تجسيداً حقيقياً لقصة جون ناش بقدر كونه تجسيداً للقصة التي تمناها الجميع. فقد كان الفيلم تجميعاً غير دقيق لبعض النقاط في مسيرة ناش دون سرد لكل الأحداث.
فمرض ناش في الحقيقة كان أشد وأخطر وأكثر فوضوية. فقد ادعى أن كائنات فضائية تتواصل معه برسائل مُشفرة في الجرائد بعد انتهائه من المدرسة الثانوية، كما ظن أن أي رجل يرتدي ربطة عنق حمراء هو عضو في منظمة شيوعية سرية.
كما أخبر أحد زملائه بأنه هو بابا الفاتيكان، وإمبراطور أنتاركتيكا، وحين أتى بنظريته الشهيرة اعتقد أنه رسول من الإله. كما كان يسمع أصواتاً تتناقش معه طوال الوقت، وربما بفضل هذا المرض استطاع أن يأتي بنظريته الرائعة. كما أغفل الفيلم ذكر تجاربه الجنسية الشاذة وحياته الزوجية المأساوية.
7 ـ «لعبة المحاكاة» – 2014 (The Imitation Game)
قصة الفيلم: العالم آلان تورينغ العبقري يتم استدعاؤه من قِبل بلده لتفكيك جهاز التشفير النازي الشهير Enigma. وبالفعل يستخدم كل أفكاره العبقرية ليقوم بالمهمة. فيخترع آلة قوية ويُصبح رئيس فريق العمل في وقت قصير جداً، لكنه كذلك يكتسب عداءهم بسبب غرابة أطواره. بالإضافة لذلك فهو شاذ يحاول إخفاء هويته الجنسية بشتى الطرق.
يحاول آلان مساعدة صديقته العالمة التي تتعرض للتمييز كونها امرأة ويدخلها لفريق حل التشفير. وبعد ضغوط عديدة من رئيسه في العمل يستطيع حل الشفرة المستخدمة في المحادثات النازية.
القصة الحقيقية: لم يكن لدى آلان تورينغ حبيب مراهقة مات بشكل مأساوي، وأثر فيه هذا لبقية حياته. لدرجة أنه في الفيلم قد أطلق اسمه على الآلة العبقرية التي اخترعها، لكن كل هذا من تخيل المؤلف وحده. كما لم يكن فريق العمل مع آلان مجموعة من العاجزين الذين يحاولون إعاقته فقط.
ويذكر زملاء آلان أنه كان شخصاً رياضياً بشدة، كما كان سهل المعشر محبوباً من زملائه، كما كان لا يخفي شذوذه الجنسي.
وعلى عكس الفيلم كان رئيسه في العمل من أشد مؤيديه ومشجعيه. كما أن مشهد تخيير زميلهم بين إنقاذ أخيه جندي البحرية مع احتمال اكتشاف الألمان كسر شفرتهم وبين الرضا بمقتله في سبيل إخفاء اكتشافهم للشفرة لم يحدث قط، بل لم يكن لدى أي منهم أخ في البحرية.
8 ـ «القناص الأميركي» – 2014 (American Sniper)
قصة الفيلم: يتم تمثيل بطل الرواية كريس كيل كأنه “كابتن أميركا” المعاصر. فهو خبير بالقنص منذ كان طفلاً، متدين، وشديد الإخلاص. وكل ما يرغب فيه هو حماية من يحبهم فقط؛ لذا ينضم للجيش الأميركي بعدما يرى تفجيرات إرهابية في التلفاز.
يصبح بعد ذلك قناصاً مُحنكاً لا هم له سوى قتل “المتوحشين”، وبعدما يعود لوطنه يُصبح محبطاً لأنه لا يزال يريد قتل الأعداء لحماية أصدقائه.
بعد ذلك يُصاب بصدمة لأنه كاد أن يقتل كلبه بعدما ظن أنه يُهاجم أحد الأطفال. يتم قتل كريس في نهاية الفيلم على يد أحد زملائه السابقين لسبب غير معروف.
القصة الحقيقية: يُمثل فيلم “قناص أميركا” خطراً كبيراً لاستخدام جملة “مُقتبس عن قصة حقيقية”؛ وذلك لأنه يُمثل جميع المسلمين على أنهم أشرار وكل الأميركيين على أنهم أبطال. فالفيلم ليس عنصرياً فقط، بل غير مسؤول كذلك.
الأمثلة عديدة على تحريف الحقائق لتصوير المسلمين على أنهم أشرار. كما تم تضخيم بطولة كايلن الذي لم يشعر بالذنب قط، إلا لأنه لم يقتل المزيد من “المتوحشين”، كما أن الشخصية الرئيسية التي تُمثل العدو – القناص العراقي مُصطفى – الذي يدور أكثر من ثلاث أرباع الفيلم في مطاردته لم يقابله كايل قط في الحقيقة، بل سمع عنه فقط عندما كان في الخدمة.
في الحروب ليس هناك أبطال ولا أشرار، بل منتصرون ومنهزمون فقط. لكن كلينت إيستوود (مخرج الفيلم) تجاهل هذه الحقيقة في سبيل القيام بدعاية للحرب على العراق، عن طريق تشويه أي شخصية غير أميركية.
9 ـ «السعي إلى السعادة» – 2006 (The Pursuit of Happiness)
قصة الفيلم: كريس جارنر أب مُخلص يحاول توفير مستقبل أفضل لابنه، من خلال محاولاته المضنية للنجاة من حياة الشوارع، لدرجة أنه اضطر للنوم في أحد حمامات مترو الانفاق ومعه ابنه لفقره الشديد. كما تم القبض عليه لعدم امتلاكه نقوداً لدفع مخالفة ركن السيارة. لكن في النهاية يستطيع أن يلتحق بعمل جيد، ويجتاز أزمته المالية.
القصة الحقيقية: بعد أن التحق كريس الحقيقي ببرنامج التدريب المؤهل للعمل لم يكن يعلم مكان ابنه لمدة 4 أشهر، قضاها الطفل عند أمه. كما لم يتم القبض على كريس لعدم قدرته على دفع غرامة السيارة بل للعنف المنزلي ضد زوجته.
كما أغفل الفيلم الأوقات التي تاجر فيها كريس بالمخدرات، وتعاطيه للكوكايين والعديد من المواد الأخرى مع عشيقته.
10 ـ رجل عصابة أميركي – 2007 (American Gangster)
قصة الفيلم: يسعى بطل الفيلم فرانك لوكاس لاستعادة السيطرة على عدة مناطق بعد وفاة معلمه ورئيسه في العصابة بين يديه. ولأجل ذلك يستورد الهيروين من فيتنام في توابيت الجنود القتلى في الحرب.
بينما على الجانب الآخر يسعى المُحقق ريتشي روبرتس للقبض عليه، ويعوقه عن ذلك مجموعة من رجال الشرطة الفاسدين. في نهاية الفيلم يتم القبض على فرانك ويتم تخفيف الحكم الصادر ضده من 70 عاماً إلى 5 سنوات فقط بعد أن يشي بكل رجال الشرطة الفاسدين.
القصة الحقيقية: ربما هذه المرة لا يقع الخطأ على عاتق المؤلف، ففرانك لوكاس كذب بكل طريقة ممكنة ليُظهر نفسه بصورة تجمِّله على الشاشة.
فهو لم يُهرب المخدرات داخل توابيت الجنود، بل داخل الأثاث. كما أنه وشى بكل من يعرفهم من تجار المخدرات على عكس ما جاء في الفيلم. بالإضافة إلى ذلك فالمحقق ريتشي الذي نال كل الفضل في هذه العملية لم يكن له دور مؤثر في الحقيقة، وتم إغفال دور ضباط مكافحة المخدرات، وغيرها من المشاهد المُخترعة المخالفة للحقيقة.
بالطبع هناك العديد والعديد من الأفلام الأخرى التي تنطبق عليها نفس الأوصاف، لكن من غير المنطقي صنع قائمة تحتوي على 100 فيلم مثلاً.