« سينماتوغراف » ـ أحمد شوقي
إذا كنت من سكان العاصمة التونسية، أو ممن سيكون لهم حظ متابعة فعاليات أيام قرطاج السينمائية الخامسة والعشرين، فستواجه حيرة كبيرة في الاختيار بين برنامج الأفلام الدسم والحافل، الذي يعرض فيه المهرجان حرفيا معظم الأفلام المهمة والجيدة التي ظهرت خلال العامين الماضيين. سأحاول المساعدة كالمعتاد وأقدم قائمة بعشرة أفلام يجب مشاهدتها في مهرجان قرطاج.
-
مومي (كندا)
الفيلم الروائي الخامس للمخرج كسافيه دولان صاحب الخمسة وعشرين عاما. الشاب الكندي الذي أصبح ظاهرة سينمائية حقيقية، فيلمه الأول “قتلت أمي” الذي أنجزه قبل أن يبلغ العشرين من عمره نال ثلاث جوائز في مهرجان كان، وتبعه بأفلام شاركت كلها في المهرجان الفرنسي الأكبر (عدا توم في المزرعة الفائز بجائزة الفيبريسكي بمهرجان فينيسيا)، قبل أن يتوج في الدورة الأخيرة من مهرجان كان بجائزة لجنة التحكيم بمشاركة جان لوك جودار، ليتقاسمها أكبر مخرج وأصغر مخرج شاركا في المهرجان. دولان مخرج يستحق المتابعة والاهتمام، بكل أصالة أعماله والهواجس بالغة الذكاء التي تسيطر عليها.
-
وداعا للغة (فرنسا)
إذا كنت ستشاهد فيلم دولان فيجب أن تشاهد فيلم جودار الذي ناصفه الجائزة، سيد السينما يواصل مغامراته بفيلم ثلاثي الأبعاد، يصر على ألا يوصف في الصحافة وكتالوجات المهرجانات بأنه روائي أو تسجيلي، فهو كما يقول فيلم “جوداري Godarish”. ثقة مبالغ فيها؟ ربما، غرائبية معتادة دائما، وجذب دائم للأضواء، ورغبة لا تتوقف في التجريب وخوض مساحات بصرية وسردية جديدة لصاحب “حتى آخر نفس” من بدايات ال16 ملليمتر وصولا للأبعاد الثلاثية.
-
المطلوبون ال 18 (فلسطين)
من أذكى الأفلام الوثائقية المشاركة في المهرجان، ومن أذكى الأفلام التي تناولت القضية الفلسطينية على الإطلاق. بدون خطابة ولا شعارات، وبحكاية تمزج بين مشاهد التحريك والشهادات الحية، يقدم المخرجان عامر الشوملي وبول كوان الحكاية العجيبة لما حدث في قرية بيت ساحور وقت الانتفاضة الفلسطينية الأولى، عندما قرر الجيش الإسرائيلي ترك كل ما وراءه من مهام، والتفرغ لمطاردة 18 بقرة موجودة بالقرية، لأن هذه الأبقار تعد “خطرا على الأمن القومي الإسرائيلي”!
-
الصورة الناقصة (كمبوديا)
فيلم تسجيلي آخر يستخدم تقنيات التحريك في سرد حكاية تاريخية سياسية، هذه المرة من كمبوديا ذات التاريخ السينمائي وحجم الإنتاج المحدودين، التي خرج منها فيلم قادر على التتويج بجائزة فيلم نظرة خاصة في مهرجان كان والترشح لأوسكار أحسن فيلم أجنبي، إنه هذا الشريط الوثائقي الذي يتناول مرحلة حكم الخمير الحمر، الفترة الأكثر سوادا في تاريخ الدولة الصغيرة (وربما في القرن العشرين بأكمله)، التي عانت من أغرب نظام حكم في القرن العشرين. فيلم شديد الذكاء وتاريخ من لا يعرفه سيصدم كثيرا مما سيشاهده.
-
مرقص جيمي (بريطانيا)
البريطاني الكبير كين لوتش شعلة نشاط سينمائي لا تتوقف عن العمل، الرجل الذي اقترب من عامه الثمانين يواصل التواجد بفيلم جديد سنويا، هذه المرة بفيلم صعب التنفيذ، تدور أحداثه في ثلاثينيات القرن العشرين، بكل ما يحمله تصوير الزمن الماضي من متاعب ينوء بها كثير من شباب المخرجين. لوتش سيد الحكايات الممتعة يروي هذه المرة حكاية بريطاني شيوعي تحرري، يعود لقريته بعد أعوام قضاها في الولايات المتحدة، ليؤسس قاعة رقص تهدد التقاليد المحافظة الجامدة المسيطرة على القرية منذ قرون. الفيلم شارك في المسابقة الرسمية لمهرجان كان الأخير.
-
ذيب (الأردن)
الفيلم الأنشط والأنجح حاليا في دائرة المهرجانات، فاز بجوائز في جميع المهرجانات التي شارك فيها حتى هذه اللحظة: مسابقتي آفاق في فينيسيا وأبو ظبي، مهرجان القاهرة، ومهرجان فن التصوير السينمائي في بولندا. رائعة المخرج الشاب ناجي أبو نوّار التي لا يكتفي فيها بصناعة فيلم جيد فنيا آت من بلد صناعة السينما فيه تتطور بإطراد، ولكنه قبل كل المعايير الفنية والإنتاجية قام بإخراج فيلم ممتع ومشوق، وهو هدف يتناسى الكثير من صناع الأفلام ضرورته.
-
الرئيس (إيران)
المخرج الإيراني الكبير محسن مخملباف يعود للأفلام الروائية بعد توقف خمس سنوات قدم خلالها شريطين وثائقيين. هذه المرة بفيلم موضوع يهم كثيرا سكان المنطقة العربية، تدور أحداثه في بلد متخيل قام الشعب فيه بثورة ضد ديكتاتور مستبد، ليقوم الرئيس بالهرب برفقه حفيده، ليقطع معه رحلة بانورامية في البلاد التي تسبب نظام حكمه في الكثير من الضرر لها. فيلم اعترف مخرجه أنه متأثر كثيرا بما يسمى الربيع العربي، عُرض في قسم آفاق بمهرجان فينيسيا، وتقدم أيام قرطاج السينمائية عرضه الأول في الشرق الأوسط.
-
فتاة المصنع (مصر)
كبير آخر يعود بعد فترة توقف أطول، محمد خان أحد صناع مدرسة الواقعية الجديدة في السينما المصرية وأنشط أبناء جيله، يقدم بعد سبع سنوات تقريبا من آخر أفلامه حكاية نسائية رقيقة مغلفة بصوت سعاد حسني التي أهدى المخرج الفيلم لروحها. لكن لا تدع البداية الوردية تخدعك، فالفيلم سرعان ما سيأخذ منحى آخر أكثر التصاقا بسينما خان ذات السمات الخاصة. الفيلم أختير ليكون المنافس المصري في سباق جوائز الأوسكار المقبلة.
-
يومان وليلة (بلجيكا)
الشقيقين الأشهر في السينما البلجيكية جان بيير ولوك داردِن يقدمان درسا مجانيا في كيفية صناعة فيلم سينمائي مثير وممتع ومهم على صعيد المضمون والطرح الاجتماعي. المبهرة دائما ماريون كوتيار تتحول إلى موظفة بائسة على بعد أيام من فقد وظيفتها، وعليها التنقل بين منازل زملائها في العمل لإقناعهم واحد بعد الآخر بالتنازل عن علاوة نالوها كي تبقى هي في عملها. فيلم يجمع بين أقصى صور القسوة والرقة في نفس الإنسان، ومعهما صنعة سينمائية يجب أن يستفيد منها كل من يعمل في سوق إنتاجي فقير.
10 . بيات شتوي (تركيا)
عرض الفيلم المتوج بسعفة كان الذهبية الأخيرة حدث لا يمكن تجاهله بشكل مجرد، فما بالك لو كان صاحبه هو المخرج التركي الأكثر عذوبة نوري بلجي جيلان. جيلان يقدم ملحمة جبلية إنسانية في ثلاث ساعات وربع. عندما تسمع زمن عرض الفيلم الضخم تعتقد تلقائيا أنه سيكون عملا شعريا تأمليا من أفلام اللقطات التي تستمر على الشاشة لدقائق، لكن المفاجئة هي أن الفيلم أبعد ما يكون عن هذا التصور.