«كان» الوكالات ـ سينماتوغراف
يسدل الستار مساء اليوم الأحد على الدورة 69 من مهرجان كان التي يتنافس فيها 21 فيلما على السعفة الذهبية، وهز الفيلمين الأخيرين الذين عرضا في هذا الإطار «الكروازيت» لتناولهما مواضيع شائكة. فهل تكون السعفة الذهبية من نصيب الهولندي بول فيرهوفن عن فيلمه «هي» أم يحرزها الإيراني أصغر فرهادي عن «البائع».
في اللحظات الاخيرة نسلط الضوء على فيلم «هي»، ومخرجه بول فيرهوفن الذي قد سبق وأن خلق «الفضيحة» بالفيلم الإباحي «الغريزة الأساسية» من بطولة شارون ستون. والذي افتتح مهرجان كان 1992.
واختار فيرهوفن هذه المرة لفيلمه الجديد الممثلة الفرنسية إيزابيل هواير، التي أحرزت مرتين جائزة أفضل ممثلة في مهرجان كان وترأست لجنة تحكيمه عام 2009. وفي حين استلهم فرهادي فيلمه من مسرحية كلاسيكية،
واقتبس فيرهوفن قصة فيلمه، من رواية «أوه.. » للكاتب الفرنسي المثير للجدل فيليب دجيان. فـ«هي» ميشال، مديرة شركة تصميم ألعاب الفيديو، تمارس الجنس مع زوج شريكتها في العمل، وتربطها بزوجها السابق علاقة أقرب إلى الصداقة من الحنين، وفي تعاملها مع أمها كما مع ابنها تداول بين النفور والتعلق.
تتعرض ميشال لعملية اغتصاب في بيتها البورجوازي الفخم بالضاحية الباريسية، لا تتصل بالشرطة.. بل تطلب «سوشي» ياباني. وبدون أي سرد أو محاولات فهم أو فلسفة. يتبع المخرج بطلته دون سيناريوهات فضفاضة وبكاميرا فجة، منذ حكاية والدها الذي ارتكب جرائم دامية وهي في العاشرة من العمر وحتى ربطها علاقة جنسية بمغتصبها!، فبعد هوسها بمشهد الاعتداء الذي يصوره فيرهوفن من زوايا مختلفة ويتكرر في الفيلم تاركا المشاهد وميشال على شفير الغثيان، لا يفضي تحقيقها الشخصي البارد حين تكتشف أن المسؤول هو جارها إلى رغبة في الانتقام بل إلى الاندفاع نحو الرغبة الجنسيه.
هكذا زعزع فيرهوفن «كان» بوقوفه على خط الهشاشة الفاصلة بين الذنب والبراءة وبين الحكمة والجنون. وكانت هوبر في أعلى مستويات الأداء، «هي» التي تقمصت فيدرا وميديا في أكبر التراجيديات إلى حد أن صارت قادرة على انتزاع البسمة من المشاهد حتى في أبشع المواقف.
وأشادت إيزابيل هوبر بـ«رقة وموهبة» فيرهوفن في إدارة الممثلين، وتابعت «لو كان مخرج آخر لخفت» من هذا الدور الذي اعتبرته رغم ذلك «نسويا وإيجابيا أكثر من أنه صادم». فبالنسبة لهوبار «تتكبد البطلة المصائب بنوع من الشجاعة والقوة، وبإرادة أن لا تتحول لضحية»، وأكدت أن ما أعجبها في الفيلم هو إمكانية «تقمص أحاسيس متناقضة ومعقدة» في دور «بارد كالجليد وفي نفس الوقت يبهر ويشد». ووصفت هوبار سينما فيرهوفن بالـ«الطموحة» والمصنوعة لتمشي على «حافة شائكة».
فهل تجازف لجنة التحكيم مهرجان «كان» بتكريم فيلم فيرهوفن الذي يخلق أزمة بصرية جديدة ويحطم المنظومة الأخلاقية المتداولة، والمتعارف عليها؟.