«المرافقة» فيلم كوميدي يناقش الشبق الجنسي والدعارة وعزلة الفرد في المجتمع الأمريكي

 فيلم خفيف وممتع، تمكن من التطرق لقضايا تعد من التابوهات ويدعونا إلى التفكير فيها، كوميديا رومانسية هادئة ولم تُغرقنا بمشاهد جنسية أو تعري مجاني على الرغم من العنوان والموضوع الذي يتحاشاه البعض في أفلامهم، يأتي تفعيله مع امرأة جميلة وجذابة (ليندسي فونسيك)  في دور مرافقة أو بائعة الهوى.

«ميتش» صحفي مدمن على الجنس، يفقد وظيفته ثم يبحث عن قصة جيدة لنشرها في إحدى المجلات، يتعرف على فتاة تسمي نفسها «فيكتوريا» ترفض أن تعترف بمصطلح عاهرة وتصف نفسها بأنها مرافقة وتصتطاد زبائنها من الفنادق الفخمة، يفكر «ميتش» كتابة مقال عنها وبعد محاولات تقتنع بفكرته.

تجنب مخرج فيلم «المرافقة ـ The Escort» السير وراء المسار الأخلاقي أو الإشارة إليه ولم يوجه نقدا لاذعا إلى الشخصيتين وجعل نقطة الإنطلاق التأسيس وخلق مناخ كوميديا رومانسية، بسيطة وفعالة.

الممثل مايكل دونجر تقمص دور الصحفي «ميتش» وشارك في كتابة الفيلم أيضا، كشف في إحدى المناسبات أن فكرة الفيلم ليست بعيدة عن الواقع ومصدرها صديق له كان يصاحب فتاة تمتهن التعري في الملاهي، وقد طور الفكرة وجعلها بائعة هوى.

يقودنا الفيلم كي نستكشف الوجه الآخر لمدينة لوس أنجلوس الأميركية، يبدو لنا أن الشخصيتين (الصحفي والعاهرة) ليس لهما رغبة ولا مصلحة في بناء أي علاقة رومانسية فنحن نرى «ميتش» المدمن على الجنس حد الشبق بوسعه أن يستهلك ويمارس الجنس عدة مرات باليوم دون أن يدفع مليما واحدا، فهو مشترك ببرنامج يمكنه من العثور على شريكة جنسية والممارسة في أي مكان والمسالة قد تستغرق دقائق لا أكثر ولا يهتم أي طرف بمعرفة الآخر أو التعلق به، هي لحظات للممارسة الجنسية السريعة ثم يذهب كل واحد لشأنه، فلا أسئلة ولا علاقات حميمية مجرد تبادل اللذة دون التورط في أي عواطف. 

يضغط الفيلم على قضية فوضوية الجنس وضعف الأسرة وتنامي شعور الفرد بالوحدة والعزلة فهنا «ميتش» يمارس الجنس مع عدة نساء يوميا ولم يكسب أي صديقة وكذلك العاهرة لديها كل ليلة زبون أو أكثر وتلبي طلبات زبونها مقابل 1000 دولار بالساعة أو 3000 دولار بالليلة وقد تصرخ خلال الممارسة لتوهم زبونها أنها متلذذة ولكن في الحقيقة لا يمكنها الشعور باللذة وهدفها المال لا غير، وحتى تشعر بكيانها الإنساني فهي تعطي دروسا خاصة في الحساب للأطفال بمقابل مادي زهيد.

بداية الفيلم تكون هادئة ثم تنمو المسارات الدرامية مع تعارف «ميتش» و«نتالي» وهكذا تبرز القضايا والتي تُصهر في قوالب كوميدية دون الدخول في تعقيدات فكرية وأخلاقية أو فلسفية، الفيلم يعرض الواقع الجديد في عصر الانترنت حيث قد تتحول بعض الخصوصيات إلى مزحة عامة كما حدث لنتالي فبعد تخرجها من الجامعة كتبت قائمة بأسماء من مارست معهم الجنس خلال حياتها الجامعية وأرسلتها لصديقة لها وبعد ساعات قليلة كان خبر هذه القائمة على كل لسان وتحدثت عنها قناة «سي إن إن» وهكذا تحولت إلى عاهرة في نظر المجتمع وتم غلق أبواب العمل أو التسجيل في الماجستير، شقت الفتاة طريقها في سوق الدعارة دون أن تعتمد على الإنترنت أو قواد وفضلت أن تمارس المهنة وفق التقاليد القديمة.

تحدث المواجهة مع الوعي الذاتي ولسنا هنا مع شخصيات بلا روح، «نتالي» شعرت بأنها غريقة وتافهة وكذلك «ميتش» الذي لم يفلح الطب النفسي في علاجه من الشبق الجنسي، في لحظة ما شعر كل طرف بحاجته إلى الآخر ليس لغرض منفعة مادية أو تبادل شهوة سريعة وعابرة، ميلاد العاطفة كان بمثابة قارب النجاة لهما.

المخرج ويل سلوكومب، ركز على هاجس الجنس ولم يبعثر جهوده في تشعبات مختلفة ومن خلال الصحفي العاطل والعاهرة الراقية شكل علاقة تكافلية جميلة، «ميتش» يرافقها كونه بحاجة إليها من أجل مقالته، وهي تستخدمه وتجعله  حارسها ضد مضايقات ومخاطر المهنة ولكن سرعان ما تصبح هذه الصفقة صداقة ثم تتطور إلى أبعد من ذلك.

النهاية مرضية لجميع الأطراف وفيها رائحة الأمل والتفاؤل وربما تختلف عن نهايات الكثير من الأفلام التي تتناول شخصية العاهرة، أغلب النهايات تكون قاسية ومفجعة لهذا النوع من الشخصيات ويتم تبرير ذلك بالواقعية أو لغرض أخلاقي وأكثر الأفلام لا تعطي فرصة لمثل هذه الشخصيات أن تتحدث إلينا وتصارحنا بمخاوفها وأحلامها الإنسانية والتي ربما تكون صغيرة وطفولية ومشروعة، لكننا تعودنا محاكمة هذا النوع من الشخصيات ومعاقبتها وقبول نهاياتها البشعة.

Exit mobile version