«القرد بيتكلم».. أضعف ما فيه ألاعيب السحر والخدع

 ــ محمد جابر

خلال السنوات الأخيرة، قدمت السينما الأميركيّة أكثر من فيلم يتناول فكرة السحر والألاعيب. كان أهمها، ربما، The Prestige للمخرج كريستوفر نولان عام 2006، وThe Illusionist الذي صدر في العام نفسه، وكذلك Now You See Me بجزءيه 2013 و2016.

ونتيجة لتلك الشعبية (في العالم بشكل عام، وفي مصر بشكل خاص)، التقطت الدراما التلفزيونية الخيط. وقدم الممثل يوسف الشريف، مسلسل “لعبة إبليس” (2015)، اعتماداً على أجواء مرتبطة بالسحر والغموض. وأخيراً، لحقت السينما المصرية بالركب، بفيلم “القرد بيتكلم” للمخرج بيتر ميمي، والذي طرح قبل أيام بدور العرض.

تدور أحداث الفيلم حول شقيقين، طه (الذي يجسده أحمد الفيشاوي)، ورشاد (يلعب دوره عمرو واكد)، اللذان ورثا مهمة السحر والسحرة عن والدهم، والمسجون الآن. ويقرر طه أن يستعين برشاد من أجل تقديم خدعة سحرية جديدة، لم يرها أحد من قبل، الهدف الأساسي منها إطلاق سراح والدهم.

يخلق الفيلم لنفسه كل أسباب النجاح منذ مرحلة الدعاية. فعلى الرغم من عدم وجود “نجم شباك” بالمعنى الحرفي، إلا أن أبطاله لهم قدر مناسب من القبول الجماهيري، خصوصاً مع وجود اسمين، مثل سيد رجب وبيومي فؤاد، كأسماء مساندة مشجعة جداً. ولكن النقطة الأهم، هي اعتماده على تفاصيلٍ لها قدر عالٍ جداً من الجاذبية خلال الفترة الحالية، مثل صورته البراقة تقنياً (وهو أمر يظهر في العرض الدعائي)، وعالم السحر والغموض الذي يغلب عليه تصدير “الخدعة التي لم يرها أحد” كشكل من أشكال الدعاية. وأخيراً، فإنه فيلم يعد بالكثير من “التويستات” (التواءات الحبكة)، والمفاجآت غير المتوقعة للمشاهد، وهو عنصر دائم في أغلب الأفلام المصرية التي نجحت في السنوات الأخيرة، مثل “أولاد رزق” و”الفيل الأزرق” و”هيبتا”. فالـ”تويست”، حالياً، أهم من الحكاية، وهو ما يعيه بيتر ميمي، مخرج ومؤلف الفيلم، جيداً في الفيلم نفسه.

يحتفظ ميمي بكل تلك العناصر، وإن كانت بدرجات متفاوتة من الجودة. عَمِلَ على خلق قدر لا بأس به من الغموض في مرحلة التأسيس للأحداث. الصراع يكون واضحاً بين الطرفين، طه ورشاد، من ناحية، وعناصر أخرى مختلفة (من بينها الشرطة) من ناحيةٍ أخرى. ومع هذا التوتر، نبدأ في استيعاب ومشاهدة تفاصيل الخدعة، والتورط داخلها مع تقدم الأحداث.

عانى الفيلم في المقابل في تقديم الشخصيات وخلفيّاتها بشكل جيد، بدا متعجِّلاً جداً في هذا الجانب، كأنّ كلّ ما يهمه هو الحبكة، دون أبطالٍ يهتمّ أو يرتبط المشاهد بهم. ولذلك، فكلّ ما له صلة بالعلاقات والأبطال، تم اختصاره في حوار تقريري جداً. كأن صناع الفيلم يخبرون المشاهد “دعنا في المهم” مع تقدم الأحداث.

ورغم الجودة النسبيّة في الجوانب المتعلّقة بالمطاردات والأجواء المشحونة. وفي الوضع الضاغط الذي ينشأ نتيجة لاثنين من السحرة يحتجزان بعض الرهائن بدرجات كبيرة من التوتر والغموض، إلا أنَّ مراحل كشف التواءات الحبكة والمفاجآت التي يُفترَض أن يحملها الفيلم جاءت أضعَف كثيراً من المنتظر، منها ما هو متوقع، وحين يحدث على الشاشة، يُدرِك المشاهد أنّه استشفَّه بالفعل منذ بداية الأحداث. ومنها ما يُعدّ أفقر كثيراً (على مستوى الفكرة والتنفيذ)، من أن يحل حبكة فيلم قائم بالأساس على السحر والغموض.

 

أبطال الفيلم على الناحية الأخرى، كانوا مقيدين جداً بشخصيّاتهم المحدودة، وانصباب اهتمام كاتب ومخرج الفيلم على حبكته فقط. في الكثير من الأحيان، نشعرُ أنّ الحوار مترجم وليس مكتوباً لفيلم مصري. وفي أحيان أخرى، يبدو المطلوب منهم هو الأداء بشكل آلي وكاريكاتوري، ظناً بأنّ هذا هو ما يسبغ “الهيبة والغموض” عليهم. وفي كلّ الأحوال، لم تكن أداءات الفيشاوي وواكد مُوفّقة، رغم جاذبيّة حضورهما معاً على الشاشة، إلا أنَّ الشخصيَّات نفسها عانت من فقرٍ وفجوات كبيرة. الممثل الوحيد الذي خرج عن هذا التقييد، وقدم شخصية مختلفة عما اعتاد تقديمه هو نفسه كان بيومي فؤاد.

https://www.youtube.com/watch?v=rrPGu_VTW9E

Exit mobile version