«قمرة 2» يستضيف المخرج جيمس تشاموس في ندوة دراسية ملهمة
الدوحة ـ «سينماتوغراف»
استضافت فاعلية قمرة اليوم كاتب السيناريو والمخرج والمنتج الأمريكي الحائز على العديد من الجوائز جيمس تشاموس، والذي استعرض رحلته في عالم صناعة الأفلام ضمن ندوة دراسية صريحة وغنية وحافلة بالمتعة والإلهام.
وتعتبر هذه الجلسة الأولى ضمن سلسلة من 5 ندوات دراسية تستضيفها الدورة الثانية من الفاعلية الـذي تنظّمه “مؤسسة الدوحة للأفلام” لدعم تطوير صنّاع الأفلام الواعدين. واستحضر المخرج تشاموس ذكريات عشقه الأول للسينما مع نشأته في مدينة لوس أنجلوس واعتياده مشاهـدة الأفلام الصامتة ليلة كل يوم جمعة على التلفاز. وتحدث تشاموس عن لقاءه الأول بالمخرج أنج لي وتأسيسهما شركة الإنتاج السينمائي الأمريكية “جود ماشين” مطلع تسعينيات القرن الماضي بالتعاون مع المنتج تيد هوب، وقرروا حينها التركيز على صناعة الأفلام منخفضة الميزانية.
وقال تشاموس بهذه المناسبة: “لطالما أحب تيد كتابة القوائم، وقد أعدّ قائمة بأسماء جميع من صنعوا فيلماً قصيراً خلال السنوات العشر الأخيرة ولم تسنح لهم الفرصة بإخراج فيلم روائي طويل. وكان أنج لي من بين الذين صنعوا فيلماً قصيراً وهـو لا يزال في كلية السينما بجامعة نيويورك، وكان عمله آنذاك مذهلاً بالفعل. وقد اتصلنا بمدير أعماله، وعلمنا منه أن لي كان يعمل حينها على عدد من المشاريع الكبيرة وشكرنا على اهتمامنا دون أن نتلقى أي رد منهم بعد ذلك”.
وأضاف تشاموس: “بعد مرور أسبوعين، جاءنا اتصال من السيد لي يخبرنا فيه أنه فاز بجائزة عن سيناريو فيلم تم عرضه في تايوان؛ وأن لديه 300 ألف دولار لصنع فيلم روائي طويل، وسمع أننا نتكفل بصناعة أفلام دون مقابل”.
ومنذ ذلك الحين، نشـأت بيني وبين أنج لي علاقة عمل تعاونية طويلة أثمـرت عن تسعة أفلام بما فيها “النمر الرابض” و”التنين الخفي” الذي فاز بأربع جوائز أوسكار ولا يزال يُصنف كواحد من أفضل الأفلام بلغة أجنبية في الولايات المتحدة. وقد تم عرضه في “قمرة” ضمن إطار عروض فئة “خبراء سينمائيون معاصرون”.
وأشار تشاموس إلى أن أنج لي كان يحلم منذ طفولته بصناعة فيلم حـول الفنون القتالية، وقال بهذا الخصوص: “كان أنج لي من عشاق أفلام الحركة والمؤثرات البصرية التي يتم تنفيذها بواسطة الأسلاك. وقد استطاع أن ينقل هذا النمط السينمائي إلى حيز جديد تماماً بعد أن كانت تسوده آنذاك أفلام فنون تشــوبوسكي القتالية في هونج كونج. وقد أعاد أنج لي إحيـاءه إلى ما كـان عليه أصلاً كنمط سينمائي يتعدى نطاق هذه المنطقة الجغرافية الضيقة.
وأردف تشاموس: “من أكثر الأشياء متعةً عند معاودة مشاهدة فيلم ما هو تذكر ما كان يجري على أرض الواقع عند تصويره، حيث كان يعمل 10 – 20 شخصاً على تنفيذ جميع الخدع السينمائية لإبقاء الأشخاص الآخرين معلقين فعلياً على ارتفاع 60 قدماً فوق الأشجار مثبتين ببكرات وحبال. وقد كان ما يجري في مواقع تصوير أنج لي عملاً حقيقياً بالفعل”.
وناقش تشاموس الدور المحوري الذي يلعبه فريق اختيار الممثلين. وقد استعرض تجربته الشخصية الممتعة خلال تعامله مع صنّاع أفلام كانوا يخوضـون تجاربهم الإخراجية الأولى. وقـال تشاموس في هذا السياق: “أدعم المخرجين الناشئين قلباً وقالباً، وأتفاعل معهم بإيجابيّة كبيرة؛ فأنا معجب بإقدامهم على خوض تجارب محفوفة بالمخاطر ومعرّضة للفشل أكثر من أي شخص آخر. وينبغي أن نظهر الاحترام والتقدير لهؤلاء المبدعين، ولذلك أسعى لمنحهم الثقة والتأييد والشعور بأن هناك من يقف إلى جانبهم حتى لو أخفقوا، خاصة وأن انتقاء الممثلين المناسبين يمثل 90% من التجربة الإخراجيّة”.
وبخصوص تحوله إلى الإخراج – وكانت البداية مع الفيلم الوثائقي “ذلك الفيلم حــول المال” (2014) وفيلمه الروائي الطويل “السخـط”، قال تشاموس: “إن الإخراج أشبه بنزعة تصيـب المنتجين في منتصف العمر. ولطالما أدركت أنّي معرّض للتأثر بتلك النزعة. ومع جميع تلك النصوص التي تعاونت فيها مع المخرج أنج لي، بدأت أتساءل حول مدى قدرتي على خوض هذه التجربة بالفعل”.
ولدى سؤاله عن مفتاح نجاحه ككاتب سيناريو ونصيحته للتغلب على التحديات في هذا المجال، أضاف تشاموس مازحاً: “بعد ذلك تظهر المشكلة الأكبر، فالنصوص السينمائيّة هي أدوات بلاغية بحتة ولا تشكل في جوهرها أعمالاً فنية. وإن رؤيتي للنص السينمائي هو أنه وثيقة من 124 صفحة تهدف بالدرجة الأولى إلى كسب المال؛ فأنت لا تكتب قصيدة شعر، ولست مضطراً لإضافة لمسات أنيقة أيضاً، ولكن عنصر الإقناع يعتبر السمة الأبرز في أي نص”.
وخلال ” قمرة “، سيشرف تشاموس على 10 صنّاع أفلام يشاركون عبر مشاريعهم في برنامج تطوير مكثّف. وتشمل هذه الأعمال دراما الجريمة/ فيلم “ثور القرش” (قطر، البحرين، الولايات المتحدة) للكاتب/ المخرج محمد الإبراهيم، والفيلم الوثائقي الطويل “إلى أقصى أنحاء الأرض” (قطر) للمخرجة حميدة عيسى، وفيلم “علي معزة” (مصر، فرنسا، قطر) للمخرج شريف البندري، وفيلم “شارع الموت” (العراق، قطر) للكاتب/ المخرج مهنّد حيال، والفيلم الروائي “لحين عودة السنونو” (الجزائر، فرنسا، قطر) للمخرج/ الكاتب كريم موسوي.
ويعتبر تشاموس واحداً من 5 أساتذة سينمائيين يشاركون في الدورة الثانية من “قمرة”، وهم المخرج الروسي المخضرم ألكسندر سوكوروف (“السفينة الروسيّة”، “الأم والابن”، “أب وابن”)؛ والمخرجة/ الكاتبة اليابانيّة ناوومي كاواسي (“آن”، “غابة الحداد”، “لا تزال المياه”)، وهي أصغر مخرجة تفوز بجائزة “الكاميرا الذهبية” في “مهرجان كان السينمائي” عام 1997 عن أول أفلامها الوثائقيّة؛ والمخرج التركي نوري بيلج جيلان الذي فاز بالسعفة الذهبية في “مهرجان كان السينمائي” (“حدث ذات مرة في الأناضول”، “نوم الشتاء”، “القرود الثلاثة)؛ والمخرج الوثائقي الأمريكي جوشوا أوبنهايمر المرشح مرتين لجائزة الأوسكار (“فعل القتل”، و”نظرة الصمت”).