أمير كوستوريتسا: مشكلة السينما حالياً أن المخرجين لا يريدون مشاركة مشاهديهم ما يشعرون به
القاهرة ـ «سينماتوغراف»
أقيمت اليوم، محاضرة للمخرج الصربي أمير كوستوريتسا، ضمن فعاليات الدورة الـ 43 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وأدارتها دوبرافكا لاكيتش، وذلك علي مسرح النافورة بدار الأوبرا المصرية، وبحضور الفنان صبري فواز، المخرجة ساندرا نشأت، السيناريست تامر حبيب، المخرج محمد العدل، ومحمد حفظي رئيس المهرجان.
آثار كوستوريتسا إعجاب وتصفيق الحضور، بصراحته المعهودة التى بدأها بالحديث عن بداياته، وكيف طرق أبواب السينما قائلاً: لم أكن طالباً مجتهداً في أي وقت، ولو لم تتدخل والدتى وتتحلي بالإصرار للدفع بي لألتحق بالكلية لدراسة السينما لأصبحت منحرفاً، وقد كانت هناك علاقة بين والدى وصانع أفلام فرنسي فألحقني للعمل معه، وبدأت أول مشاركة لي بدور صغير كنت اخشي وقتها أن أتحدث جملتي القصيرة لأن الرعشة في صوتى كانت تعكس شعوراً كبيراً بالخوف، والنقطة الوحيدة لدخولي الفن جاءت برغبة والداي.
وأضاف قائلاً، أنه قام بـإخراج الكثير من الأعمال المهمة علي مدار تاريخه والبساطة كانت من أهم سمات هذه الاعمال، إلا إنها كانت تحمل فلسفة خاصة بها، زمن أهم الاشياء التي تعلمتها في دراستي كانت استخدام الجاذبية في أفلامي، خاصة مع أبطال العمل، لكي يتعلق بهم المشاهدين ويتفاعلون بحياتهم اكثر واكثر.
وتابع كوستوريتسا، أنه حين يستخدم كاميرته للإخراج، يحاول دائماً أن يجعل المشاهدين يشعرون بما يدور في هذه اللقطات، المشكلة في السينما خلال الفترة الأخيرة أن أغلب المخرجين لا يريدون مشاركة مشاهديهم ما يشعرون به.
وأكمل كوستوريتسا حديثه، قائلاً: أغلب المخرجين يريدون سرد قصة الفيلم دون وضع المشاهدين في حالة إبهار دائم، ولكن أنا يهمني تقديم نوعًا جديد ودائم من الإبهار في أفلامي.
وحول جمعه بين الفانتازيا والموسيقي والسياسة في أفلامه وكيف ينجح في أن يجعل كل ذلك ينصهر بشكل متميز في أفلامه، قال المخرج الكبير: هناك حوار دار بين المخرج ديسوفسكي وصحفي عندما صدر فيلمه” آنا كارنينا”، وقال ديستوفسكي أن الرواية حين صدرت كانت مملة لأنها تتحدث عن فئة الاغنياء فقط، فهو يعارض فكرة التقسيم الطبقي، وكان ممتعضاً لأن الدراما تجري في إطار الأرستقراطيين دون الفقراء، وعندما قدمت فيلماً عن اللاعب مارادونا تساءل البعض ولماذا لا أقدم فيلماً عن بيكهام، فقلت لأنه لا توجد في شخصيته أحداث، لقد حطم مارادونا حياته، لذا اتعاطف معه، مثلما أتعاطف مع المهمشين الذين يكافحون للبقاء على قيد الحياة، وهذه الفئة تحديداً يتم التعبير عنهم بشكل كوميدي لا يعبر عن واقعهم.
وأشار كوستوريتسا إلى أن حياته كـ موسيقي استمرت لـ حوالي 24 عاماً، مما ساعده في التعلم أكثر عن استخدام الموسيقي بشكل صحيح في أفلامه، حيث أن السينما هي الموسيقي الحقيقية وهي الأقرب للسينما من أنواع الأدب المختلفة التي نتعامل معها بشكل يومي، وهذا ما يسعي له دوماً في أعماله، ومن الطبيعي اختلاف استخدام الموسيقي في جميع الأعمال لاختلاف القصص والسرد في الافلام، كما أن الموسيقي هي العامل الأساسي الذي يفرق بين المخرج الجيد والضعيف.
وعبر المخرج الصربي عن إدانته للتطور التكنولوجى في صناعة الأفلام وحسبما أكد: ليس لدينا أفلاماً بجودة أفلام الماضي، هناك تكنولوجيا لكنها لا تعترف بالأخلاقيات ولا الدراما الصادقة، أننى اعترض على الإنسياق الأعمي وراء حقيقة السينما، يجب ان يكون هناك خليطاً بين الحقيقة والخيال الذى تصنعه. حقائق الحياة كما جرت لن تكون جذابة بالقدر الكافي وهناك جمهور يجب ان تصفعه على وجهه بالحقيقة.
وتطرق المخرج الكبير في محاضرته للحديث عن المنصات معبراً عن رفضه لها محذراً : خلال خمس سنوات فان الأماكن التى تجمع في جنباتها مشاهدى الافلام سوف تتضاءل ثم تختفي فاذا كانت منصة مثل نتفليكس تتيح لك مشاهدة الافلام على مدي العام ب12 يورو ، فهي وغيرها يسعين للسيطرة على صناعة الافلام، في ظل هيكلة نشهدها للعالم بأسره فإن كل هذه المنصات الكبيرة ستتوافق حتى تغلق آخر دار عر سينمائي بالعالم، ولن تفتح أبوابها للجمهور حيث المسئولون عن إعادة هيكلة العالم يخشون من ميلاد رضيع يشاركهم الأوكسجين الذي يتنفسونه، بالنسبة لي سأكون سعيداً لو عرضت لى هذه المنصات فيلماً وثائقياً لكن أرفض عرض أفلامي الكبيرة بها، لأن المنصات تنطوي على أمور لانعرفها، ويهتمون بما يحققونه من أرباح، الحقيقة أن أغلب صناع الأفلام لا يهتمون بما يحدث في هذا السياق لكننى أهتم.
أمير كوستوريتسا، هو أحد أبرز المخرجين في صربيا، إذ حصدت أفلامه جوائز عديدة من كبرى المهرجانات الدولية، من بينها حصوله مرتين على السعفة الذهبية من مهرجان كان السينمائي، عن فيلميه “When Father Was Away on Business” و“Underground”، وجائزة الدب الفضي من مهرجان برلين، عن فيلمه “Arizona Dream”، فيما حصل على جائزة أفضل مخرج في مهرجان كان عن فيلمه “Time of the Gypsies”.
كما تم اختياره عام 1993 كعضو لجنة تحكيم مهرجان كان السينمائي، فيما أصبح رئيسا للجنة تحكيم نفس المهرجان عام 2005.