خاص ـ «سينماتوغراف»
روب مارشل، مخرج أشهر فيلمين مقتبسين عن مسرحيات غنائية عرضت على خشبات برودواي وهما «شيكاغو وناين»، ولم يغيّر عادته في عشق الأفلام الموسيقية والعمل مع أشهر نجوم السينما. وفي فيلمه الجديد «داخل الغابة ـ Into the wood» الذي يعرض حاليا في صالات السينما يكرر التجربة للمرة الثالثة، مع تغيير لحكايات الأطفال والأساطير التي عرفنها، لكنه يبعدها هذه المره عن الكليشيهات المحببة والمحفوظة، ويمزجها مع بعضها البعض، ويجعل الغابة مسرحا للسعادة والحزن، وطريق الساحرة الشريرة الذي تتقاطع خلاله حكايات ليلى والذئب، وريبانزل، وحبوب الفاصولياء السحرية وساندريلا التي يخونها أميرها مع زوجة الخباز.
وداخل الغابة ننطلق كباراً وصغاراً مع أحداث الفيلم، لنتعرف إلى الساحرة الشريرة ميريل ستريب التي يستحيل أن يتفوق عليها أحد في قوة الأداء والغناء وقد «سبق وغنت في فيلم ماما ميا»، لنراها ترمي لعنتها على والد الخباز «جيمي كوردن» وزوجته «اميلي بلانت» قبل أعوام لأنه سرق ثمار حديقتها، وتمنع اللعنة الخباز وزوجته من إنجاب طفل، ولإزالتها، تطلب من الثنائي إحضار لائحة أغراض تستخدمها في تركيب خلطة سحرية تعيد إليها شبابها وجمالها، وهي بقرة بيضاء مثل الثلج «بقرة جاك» وحذاء ذهبي «حذاء ساندريلا» ورداء أحمر كالدم «رداء شابرون روج»، وشعر أشقر مثل الذرة «شعر ريبانزل».
ونرى مع تتابع الأحداث كل شخصية لديها حلمها وعليها أن تقطع الغابة لتحققه. ليلى «الصغيرة ليلا كراوفرد» تريد زيارة جدتها، وجوني ديب يصبح “ديباً” يطاردها ليلتهمها، وساندريلا «آنا كندلريك» تريد الذهاب الى حفلة الأمير«كريس بين»، و«ريبانزل» تريد الهرب من برجها، وجاك مضطر الى قيادة بقرته لبيعها في السوق، والخباز وزوجته يريدان طفلاً. وتتقاطع الأحلام، وتتداخل الأخطار، لكن رغم أن الشخصيات كلها تحقق حلمها، الا أن أحلاماً أخرى تولد من جديد وتشكل لهم متاعب جديدة، ليكتشف الجميع في النهاية أن القناعة كنز لا يفنى، وهي مفتاح السعادة..
وعن سيناريو لجيمس لابين اقتبسه من مسرحيته الموسيقية التي قدمها مع ستيفن سوندهايم في برودواي عام 1986، وعن إنتاج لـ «والت ديزني»، يقربنا روب مارشل أكثر من مخاوفنا وخصوصاً مع اعتماده مشهدية قريبة من المسرحة البرودوية وتصويراً قريباً «كلوستروفوبياً» إلى الغابة وجميع الشخصيات.
وقد يعجب الفيلم الكبار أكثر من الصغار، رغم انه مصنف عائلياً، وقدّمه مارشال من خلال حبكة غنائية، ولكن جاءت الأغاني طويلة نسبياً،و بعضها ممتع ومعظمها نمطي، مع أن العمل حافل بالديكورات المبهرة والأزياء الساحرة والماكياج الفني المتقن والمؤثرات الخاصة الجيدة وخصوصاً التصوير الناجح، إضافة طبعاً الى النجوم الذين يتقمصون الأدوار، لكن الفيلم رغم كل نجومه وتاريخ مخرجه وامكانياته سيتعثر في طريق بحثه عن حلم الجوائز التقديرية. رغم حصوله بالفعل على ترشيحات للغولدن غلوب كأفضل فيلم موسيقي وخصوصاً أفضل تمثيل لكل من البارعتين أميلي بلانت في دور اول وميريل ستريب في دور ثانٍ، إلا أن طوله «ساعتان» وقصته المتشعبة التي تنطلق في كل الاتجاهات مع كثير من التفاصيل الجانبية، مرهقة جدا للكبار، فكيف الحال مع الصغار؟ خصوصا مع فقده في مساحات كثيرة من أجزاء الفيلم إلي الإبهار الذي تعودناه من روب مارشال، ولمسته الخاصة في تلك النوعية من الأعمال السينمائية.
يبقى أن نشير الى أن فيلم Into the wood ليس المحاولة الأولى سينمائيا، فعام 1994 حاولت شركة إنتاج بيني مارشال تقديم المسرحية الموسيقية في فيلم من بطولة روبن ويليامز وغولدي هاون وشير، لكن المشروع ألغي. وبعد ذلك حاولت كولومبيا بيكتشرز تصوير فيلم من اخراج روب مينكوف ومن بطولة بيلي كريستال وميغ راين وسوزان ساراندون، وأيضاً انتهت المحاولة بالفشل، الى أن كانت التجربة الثالثة التي نفذتها ديزني عام 2014.