أحداث و تقارير

فيلم Get Out.. المفضل للنقاد حتى الآن في 2017

ـ محمد جابر

واحدة من المفاجآت السينمائية السعيدة في الربع الأول من عام 2017 هي فيلم “غو أوت” Get Out للكاتب والمخرج جوردن بيلي؛ لم يكن أحد ينتظر أو يتوقع شيئاً كبيراً من العمل الإخراجي الأول لممثل كوميدي، ومن بطولة عدة أسماء ليست من نجوم الصف الأول ولا الثاني في هوليوود، وبميزانية محدودة لم تزد على 5 ملايين دولار، ولكن فيلم Get Out حقق أكثر مما يمكن أن يتوقع أي شخص، احتل قمة شباك التذاكر الأميركي لأسبوعين متتاليين (ليحصد 162 مليون دولار في أميركا وحدها)، والأهم ربما هو تقييماته النقدية المرتفعة جداً والتي جعلته (مع فيلم Logan) عمل النقاد المفضل في العام حتى الآن.

get_out_01

يبدأ الفيلم من نقطة تقليدية وبسيطة وتذكرنا بفيلم Guess Who’s Coming to Dinner عام 1967، حيث في كلا الفيلمين هناك فتاة بيضاء تقدم لأهلها حبيبها أسود البشرة، ولنصف أحداثه تقريباً يكون Get Out أقرب إلى نسخة حديثة من الفيلم، وموضوع العنصرية في أميركا هو الذي يشغله، حيث تعليقات أهل الفتاة وتعاملاتهم المتحفظة معه وشعوره بعدم الارتياح، مع فارق وحيد ومهم في هذا الجزء وهو أن الفيلم يمتلئ بالإشارات ولحظات الغموض المكتومة، ليست في حدث محدد يمكن سرده، ولكن في طريقة ناضجة جداً من قبل المخرج جوردن بيلي، في خيارات التصوير والمونتاج وشريط الصوت.

get-out-catherine-keener

تبدأ الأمور في التكشّف قليلاً مع الإشارة إلى أن الأم “ميسي أرميتاج” تعمل في التنويم المغناطيسي، وفي مشهد واحد رائع جداً إخراجياً على بساطته تدخل إلى رأس “كريس” وتنوّمه وتؤثر فيه، ومنذ تلك اللحظة، والتي يتلوها تتابع طويل لحفلة من أصدقاء العائلة البيض يتصرفون كلهم بغرابة ناحية الضيف الذي لا يشبههم، يتزايد شعورنا بالغموض والإثارة والترقب، ويجيد “بيلي”، ككاتب سيناريو أولاً ثم مخرج ثانياً، إبقاء أسئلته حية وغير مُجاب عنها، حيث نتساءل عمن هي تلك العائلة؟ ومن هم أصدقاؤهم البيض؟ ولماذا يتصرف كل السود (كالخدم أو الشخص الذي يحضر مع سيدة ستينية) بغرابة؟

أجمل ما في هذا السيناريو، هو طريقة تراكم تلك الأسئلة عند المشاهد، لذلك فحين يبدأ النصف الثاني ومراحل الصدام الحقيقي المباشر بين “كريس” والعائلة، يكون التوتر وصل إلى قمته تماماً، ويصبح المشاهد محاطاً بالضغط من المكان المُغلق والملامح والتصرفات الغريبة، وهو أمر يتعامل معه “بيلي” أيضاً بنضج في بعض المشاهد التي تنتمي لـ”الرعب” وبعض اللحظات الأخرى التي تنتمي لـ”الأكشن” والحركة قرب نهاية الفيلم، فالتأسيس الجيد لهذا العالم الغريب سمح للانتقالات أن تحدث بسلاسة، وجعله فيلماً ناضجاً وذكياً، حتى مع بعض العيوب التي تشوبه، والتي ترتبط تحديداً بطريقة الكشف عما يحدث وعما تريده العائلة من “كريس” وأقرانه.. فذلك يحدث عبر مشهد واحد وتلقيني، ورجل في التلفزيون (يشرح) للبطل والمشاهدين ما حدث وما سيحدث، وهي حيلة لا تعمل جيداً بالنظر إلى عدم اضطراره أصلاً إلى الشرح! ولأن الطبخة الجيدة والأسئلة التي تراكمت ببطء على مدى ساعة من الأحداث تحل نفسها فجأة في دقيقتين فقط يُمنح فيهما المشاهد كل الإجابات، وبعضها حتى لم يكن مرضياً لأنه تجاوز سؤالاً هاماً عن سبب اختيار السود تحديداً لعمليات العائلة، وكأن جزءاً من هوية الفيلم كله وبناءه التحتي (عن عنصرية أميركا والعلاقة بين السود والبيض في تلك اللحظة) يأتي كضيف ثقيل وغير مفسر درامياً بالمرة ولا لسبب إلا ربما أن مخرج الفيلم أسود البشرة، وهذان العيبان (حيلة الكشف والتبرير الضعيف لاستهداف السود) هما مشكلتان كبيرتان في فيلم بهذه القيمة، يمكن تجاوزهما أثناء المشاهد بسبب إخراج “بيلي” الذكي والمبهر، وأداء الممثل دانيال كالويا الذي يجعلنا متورطين معه تماماً منذ اللحظة الأولى، ولكن مع التفكير قليلاً في منطقية تتابع الكشف والإجابة تكون هناك بعض الفجوات التي لن تؤثر في النهاية على كون الفيلم مفاجأة سعيدة وغير منتظرة للربع الأول من 2017 .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى