المهرجاناتالمهرجانات العربيةسينمانامراجعات فيلميةمهرجان أبو ظبيمهرجاناتنقد

نظرة على أفلام أبوظبي السينمائي الثامن

ثلاثة منها تشارك في مسابقات رسمية مهمة
المشاركة العراقية ضعيفة من حيث الكم لكنها نوعية
“سينماتوغراف” ـ بغداد: ليث الربيعي
 
دأب صناع السينما في العراق بعد عام 2003 على مواكبة الفعاليات السينمائية كافة للحاجة الماسة لإثبات ذواتهم في منافسة العديد من رواد وشباب السينما في العالم، وأمام مثل هذه الطموحات لا يسعنا إلا أن نشير بإحترام شديد إلى التجارب السينمائية التي عززت من مكانة السينما العراقية في هذه المحافل للدرجة التي اصبحت فيها محترمة ومرموقة، ومع افتتاح مهرجان ابو ظبي السينمائي في دورته الثامنة تبرز المشاركة العراقية بمجموعة من الأفلام الروائية الطويلة والقصيرة والوثائقية والتي نستعرضها بشكل سريع.
 
في المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة يشارك فيلم (ذكريات منقوشة على حجر) للمخرج شوكت أمين كوركي وهو من إنتاج عراقي ألماني قطري مشترك، ويتطرق إلى قضية الإبادة الجماعية التي تعرض لها الأكراد في عهد نظام صدام حسين، حيث يقرر صديقا الطفولة حسين وآلان تقديم فيلما يوثق ما حصل للكرد في عهد نظام صدام من إبادة جماعية عام 1988 لتبيان الحقائق والتصالح مع ذاتيهما، حيث يضعان كل شيء على المحك بما في ذلك حياتيهما. وعن الفيلم يقول الناقد اللبناني نديم جرجورة أنه “عبارة عن مجموعة من الذكريات المقيمة في تلك المجزرة الرهيبة، من دون أن يُحوّل الإنسانيّ والأخلاقيّ إلى صُور بصرية أكثر تماسكاً وإبداعاً وجمالاً فنياً، على الرغم من قسوة الجريمة (182 ألف قتيل كوردي)، لكن الجريمة بحدّ ذاتها لا تظهر في الفيلم (93 د.) أبداً، بل تنبعث أصواتها الخافتة وروائح بشاعتها بهدوء في طيات المسار الحكائي.
 
المخرج السينمائي حسين يعيش كابوس مقتل والده (عارض الأفلام) على أيدي جنود صدام حسين قبل سنين عديدة، السينما، بالنسبة إليه، علاج، واستعادة الجريمة محاولة للتحرّر من وطأتها، يُعاني كثيراً على مستويين: عدم جرأة أي فتاة كوردية لتأدية الشخصية النسائية الأولى، وغياب التمويل. سينور (شيما مولايي) تخترق المحرّم، وتواجه المنع، وتقبل بما لا تريده (الزواج من قريب لها) كي تؤدّي الدور المنشود. السبب؟ قُتل والدها هي أيضاً على أيدي الصدّاميين. كما أن بلاتوهات التصوير موجودة في المدرسة ـ السجن الذي أُسِر والدها فيه قبل قتله. مفارقات، بعضها مُضحك، تؤدّي إلى خاتمة لا تقلّ ألماً عن الفعل الجُرمي. حبّ وغيرة وتقاليد ومحاولة قتل ونجومية وأموال «أثرياء حروب» وغيرها من العناوين حوّلت تلك الذكريات المرمية على الحجارة إلى تحية وفاء للضحايا الكورد”.
 
أما المشاركة الثانية فهي العرض السينمائي العالمي الأول لفيلم (صمت الراعي) للمخرج رعد مشتت، والذي سيعرض ضمن مسابقة “آفاق جديدة” وهو من إنتاج دائرة السينما والمسرح لحساب وزارة الثقافة العراقية ضمن مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية 2013، وتدور قصته حول الفتاة (زهرة) البالغة من العمر ثلاثة عشر عاماً القروية التي تعيش في جنوبي العراق في عهد صدام وتختفي ذات يوم في ظروف غامضة عندما تذهب لجلب الماء. يتعهد والدها بتحقيق العدالة لابنته، ولكن الشخص الوحيد الذي يعرف ما حدث يبقى صامتاً.
 
 
وفي هذا الصدد قال المخرج مشتت “إن أحداث الفيلم تدور في محيط منطقة الرميثة في محافظة السماوة جنوب العراق، وأنه يتحدث عن موضوع الصمت عن الجرائم الذي أدى إلى تراجع العالم العربي، من خلال أحد الرعاة الذي يشاهد جريمة بشعة ولم يفصح عنها، وهو الشاهد الوحيد بسبب الخوف من السلطة في عهد النظام السابق. ويضيف: “صمت هذا الراعي أدى إلى نتائج عكسية للناس المحيطين به والمرتبطين بالقصة بشكل أساسي، لأنهم أصبحوا في موت مؤجل ومستمر بسبب الصمت، حيث إن الخروج إلى الحرية يحتاج إلى إزالة الخوف والصمت”، مؤكدا أن عدم وجود بنى تحتية للسينما العراقية يمثل مشكلة معقدة أمام السينمائيين لاسيما وأن السينما هي مرآة الشعوب.
 
ويشارك الفيلم الوثائقي (الأوديسة العراقية) للمخرج سمير جمال الدين في المهرجان في فئة الأفلام الوثائقية الطويلة وهو من إنتاج العراق وسويسرا والإمارات والمانيا ويعرض الفيلم الثلاثي الأبعاد قصة عائلة المخرج المهاجرة التي سافرت على مدى نصف قرن، حيث يستعيد الجميع الأحلام التي سحقتها ويلات الديكتاتورية.
 
وفي برنامج السينما العربية في المهجر سيعرض فيلمان الأول (الأب) للمخرج هشام زمان وهو فيلم قصير من إنتاج مشترك بين العراق والنرويج عام 2005 عن أب وابنه يتجاوزان الحدود العراقية التركية بطريقة غير شرعية ويلقى القبض على الأب الذي يتجاهل صراخ الإبن من أجل أن ينعم بحياة سعيدة. ويعرض أيضا فيلم (الحرب) للمخرجين محمد الدراجي وتوم فان در فلبين وهو من إنتاج العراق والمملكة المتحدة عام 2003 ويبحث الفيلم في تأثيرات الحرب على الحياة بشكلها الاعم وعلى الطفولة بشكلها الخاص، ففضلا عن الخراب الداخلي فانها تخلف اقتصادا متدمرا للبلدان المتحاربة وهي ايضا تولد خرابا في المجتمع لا سيما في بنية الطفل الذي ينشأ في ظل الحروب التي هي بكل أشكالها وصورها أداة لتخريب الذات البشرية  وتستهدف الانسان بداخله وبنائه الاجتماعي.
 
ويبدو أن التواجد العراقي في المهرجان ضعيف نسبيا من ناحية الكم إذ سيعرض في فعاليات المهرجان المختلفة قرابة 197 فيلماً من 61 دولة، إلا أنها مشاركة نوعية ففضلا عن الفيلمين القصيرين فان الثلاثة أفلام الأخرى تشارك في مسابقات رسمية مهمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى