«أحلام منسية» يتوج بتنويه خاص وجائزة أفضل مخرجة في مهرجان بمقدونيا
الوكالات ـ «سينماتوغراف»
فازت المخرجة المصرية مروة الشرقاوي بجائزة أفضل مخرجة عن فيلمها التسجيلي الطويل “أحلام منسية”، بالإضافة إلى حصول الفيلم على تنويه خاص من لجنة تحكيم مهرجان الأفلام الطويلة بمقدونيا.
وتعد هذه الجائزة الثانية للفيلم بعد حصوله على جائزة أفضل فيلم تسجيلي في الدورة الرابعة عشرة من المهرجان الدولي للأفلام المؤثرة في إيران.
ويحكي الفيلم، الذي استغرق ثلاث سنوات لإتمام تصويره، رحلة الشاعر المصري عمرو إسماعيل مع مرض الفشل الكلوي، وتنقله اليومي بين أروقة المستشفيات باحثا عن حل لمشكلته الصحية، ويعتبر الفيلم دراما وثائقية تتضمن شهادة حية ومؤلمة تحاول من خلال الفن السابع الانتصار على الواقع المؤلم.
وفي الواقع، يقول الشاعر عمرو إسماعيل، وهو شاعر باللهجة العامية، إن رحلته مع الفشل الكلوي كانت مرهقة جدا له على المستويين النفسي والجسدي، فإسماعيل اكتشف إصابته بمرض الفشل الكلوي عام 2015، وهو في أوج شهرته وبسبب ذلك الاكتشاف انقلبت حياته رأسا على عقب.
وعن لحظاته الأولى مع إدراك المرض يقول الشاعر في أحد تصريحاته الصحافية “اتخضيت في الأول ومكنتش فاهم يعني إيه فشل كلوي”.
وحكى الشاعر في الفيلم تفاصيل رحلته مع المرض، فهو لم ينس حتى موعد أول جلسة لغسيل الكُلى التي كانت بتاريخ العشرين من نوفمبر 2015، الذي أصبحت حياته من بعده مرهونة بجلسات غسيل الكلى التي تتم ثلاث مرات أسبوعيا.
لكن كاميرا الشرقاوي فضحت معاناة الشاعر إسماعيل ليس فقط من المرض، بل كذلك من ممارسات المجتمع العنصرية والصعوبات التي تعرّض لها إسماعيل في حياته الجديدة. فهو ببساطة لم يجد عملا بسبب رفض أصحاب العمل توظيفه وقبول ظروفه التي ترغمه على التنقل إلى المستشفى لتصفية دمه ثلاث مرات أسبوعيا، ورغم أن زملاءه المرضى يخفون مرضهم للحصول على عمل، لم يشأ عمرو اتباع هذا الطريق وإخفاء مرضه، فهو بالنسبة إليه ليس بحدث عارض وإنما حقيقة عليه التعايش معها.
ثم واجه الشاعر الرفض من أهل حبيبته، فوالدها لا يرغب في أن يصبح أحفاده يتامى، وحكم على الشاعر بأنه يسير نحو الموت بسرعة جنونية.
وواجه الشاعر نظرة المجتمع بطريقته الساخرة فاستطاع تقبّل الأمر والتعايش معه رغم أنه يؤكد أن “نظرة المجتمع لمريض الفشل الكلوي سيئة جدا، فهم يتوقعون موته بسرعة ولا يعتبرونه قادرا على الزواج والعمل”. ولأنه يؤمن بأن المرض ليس النهاية بل بداية لحياة بشكل مختلف وظروف مختلفة، اختار أن يصوّر قصته في فيلم “أحلام منسية”، وتمكّن عمرو من تصوير أجواء جلسات الغسيل الكلوي، وأفراد أسرته بمن فيهم والدته، وبعض زملائه من مرضى الكلى.
وتكشف إحصاءات منظمة الصحة العالمية أن معدلات الإصابة بالقصور الكلوي الحاد والفشل الكلوي المزمن في مصر تُقدّر بـ225 حالة بين كل مليون نسمة، وتحتل مصر المرتبة العشرين بالنسبة إلى عدد الوفيات الناتجة عن أمراض الكلى على مستوى العالم.
وتقول مخرجة الفيلم مروة الشرقاوي إنها اختارت تصوير فيلم عن معاناة مريض الفشل الكلوي لأنها التمست لدى الشاعر قدرة على الحكي والتعبير بسلاسة عن حكايته التي تعدّ نموذجا عن الآلاف من القصص للآلاف من المصريين الذين يعانون منذ سنوات من هذا المرض.
وعبّرت مخرجة العمل عن أملها في أن يقام لفيلم “أحلام منسية” عرض جماهيري داخل مصر بعد أن تم عرضه عالمياً لأول مرة في المسابقة الرسمية بالدورة الخامسة لمهرجان أسوان السينمائي الدولي لأفلام المرأة.
وكشفت الشرقاوي أنها تستعد لتقديم فيلمين جديدين أحدهما فيلم روائي قصير انتهت من تصويره مؤخرا بعنوان “عزيتي ورد”، والآخر “إلى دانيال” وهو يعد ثاني فيلم تسجيلي لها بعد فيلم “أحلام منسية”.
وتقول المخرجة إن فيلم ‘أحلام منسية’ قائم على معايشة إنسانية مع بطل الفيلم شاعر العامية إسماعيل مريض بالفشل الكلوي، يعيش في عالمه الخاص عالم مواز من الكوميديا السوداء، يحاول جاهدا بما تبقى له من إرادة تحقيق أحلامه المنسية على أمل أن يجد متبرعا للكلى.
وبالفعل كانت نهاية فيلم “أحلام منسية” نهاية سعيدة وشديدة الواقعية أيضا، فقد نجح الشاعر إسماعيل في أن يقدم لمن يعرفونه واقعيا ولمن سيتعرفون إليه عبر الفيلم، لمن يشبهونه ولمن يئسوا من الحياة دون مرض أو عائق كبير، رسالة أمل بأن المستحيل يصبح ممكنا إذا ما آمن الإنسان بنفسه، فالشاعر استطاع تحقيق كل الأحلام التي تمناها، فقد نجحت عملية زرع الكلى، واستطاع السفر لأداء العمرة في السعودية، كما أنه يستعد للزواج من فتاة يُحبّها.
ورغم أن أحلام إسماعيل لم تبق أحلاماً منسية، إلا أن الشرقاوي حافظت على تسمية الفيلم “أحلام منسية” لأنها أرادته هدية لكل مرضى الكلى وكل اليائسين الذين نسوا أحلامهم أو تخلوا عنها قسرا خلال رحلة معاناة شديدة لم تنته بعد.
جدير بالذكر أن فيلم “أحلام منسية” كان قد حصل مؤخرا على دعم من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي لأفلام المرأة في ورشة القطع الأولى للمخرجات العربيات.
كما سبق أن قدمت الشرقاوي على مدار السنوات الماضية العديد من الأفلام الوثائقية القصيرة من أبرزها فيلم “مدينة الذهب” عام 2017، وفيلم “رحلة سعيدة”، وفيلم “امرأة تطل من النافذة” عام 2019 الذي حصل على أفضل فيلم تسجيلي في الدورة العاشرة من مهرجان يوسف شاهين للأفلام الروائية والتسجيلية القصيرة.