أفضل 10 أفلام في مسيرة المخرج الفرنسي «جان لوك غودار»
باريس ـ «سينماتوغراف»
جان-لوك غودار (1930)، أحد أبرز مخرجي “الموجة الجديدة” السينمائية. وهو كاتب سيناريو وناقد سينمائي وأحد أهم المخرجين في تاريخ السينما في فرنسا والعالم.
ولد غودار في باريس لأبوين (سويسريين، فرنسيين)، درس في جامعة السوربون في باريس. أثناء دراسته انضم إلى مجموعة هواة سينما فرنسيين ضمت فرانسوا تروفو وجاك ريڤيت وإريك رومير وكلود شابرول وآخرين. وحين أسس أندريه بازان مجلته السينمائية الطليعية “دفاتر السينما” كان غودار من كتّابها الأوائل قبل أن ينتقل إلى الإخراج.
تكوينه النقدي أثّر في أسلوبه على مدى مشواره السينمائي. غودار هو أحد أكثر المخرجين الذين أعادوا اختراع أنفسهم بشكل دائم، مشتغلًا على التجريب في السرد السينمائي، وبناء الفيلم، متحديًا التقاليد السينمائية المعتادة.
وفيما يلي رصد لـ10 أفلام قد تكون الأفضل لغودار:
1- اللاهث – Breathless – 1960
هو أول أعمال غودار وأكثرها تجارية. بطولة جان-بول بيلموندو، والذي أصبح بعد ذلك أحد أشهر الممثلين في حركة “الموجة الجديدة” الفرنسية، وجان سبيرغ، التي راجت قصّة شعرها المميزة في الفيلم.
يبدأ “اللاهث” كفيلم عصابات، ثم يصبح رومانسيًا بتطور الحبكة. كسر قواعد الحكي التي اعتاد عليها المشاهد من قبل. كسر أيضًا تابو “الحائط الرابع”، والموسيقى التصويرية لم تعد محصورة في نوع معين، والسرد يقفز من صوت لآخر دون تقديم معلومات كثيرة عن القصة كما اعتاد المشاهد في ذلك الوقت.
رغم أن الفيلم يبدأ بجريمة، لكن تركيزه الأساسي هو على العلاقة بين الشخصيات الرئيسية ورغباتهما الحميمية. متتبعًا عواطفهما. يبدأ العمل بنمط سيظل حاضرًا في مسيرة غودار –عشّاق تتنازعهم أهداف الحياة ورؤيتهم للعالم.
2- عش حياتك – Vivre sa vie – 1962
هو ثاني أعمال غودار. من بطولة ملهمته في فترة الستينات وزوجته آنّا كارينا. يتوزع العمل على 12 شخصية، مع عناوين داخلية وهو الأمر الذي سيصبح لافتًا في أسلوب غودار البصري. يتتبع الفيلم قصة فتاة صغيرة ستصبح بائعة هوى، وهو ما سيجعلها تعرف حقائق مؤلمة عن العالم.
المشهد الأكثر بروزًا في الفيلم هو مشهد السينما، حيث تبكي نانا (كارينا) أثناء مشاهدتها لفيلم “The passion of Joan of Arc”، إذ تخلق المراوحة بين ماريا فالكونيتي في الفيلم المعروض و”نانا” موازاة بينهما، بشكل يرمز للقصة كلّها.
3- ازدراء – Contempt – 1963
بطولة بريجيت باردو، فاتنة السينما الفرنسية في الستينات، مع ظهور رمزي للمخرج فريتز لانغ في دور ثانوي. العمل يدور حول الصراع بين الفني والتجاري في صناعة السينما. يعمل زوج كاميل (باردو) في إنتاج فيلم مقتبس من ملحمة الأوديسة لهوميروس، في فيلم يعبِّر فنيًا كأولوية على كونه عملًا تجارياً، لكن التصادم يظهر ويعاني الفيلم من تغييرات كي يكون أكثر نجاحًا من الناحية التجارية.
لانج، المخرج الأيقوني للسينما الصامتة، والمعروف بأعماله التعبيرية، والذي يكن له غودار احترامًا كبيرًا، يظهر دوره في الفيلم بشكل يرمز للمعنى الكلي للقصة.
أحيانا، يصنع غودار أفلام تركِّز على أفكار ذهنية ومبادئ وراء القصة أكثر من القصة نفسها، و”ازدراء” هو نموذج مثالي على ذلك، من حيث السرد، والمونولوج البصري حول صناعة السينما وطموحاتنا الفنية وسط كل هذه الصراعات.
4- عصابة من الغرباء – Bande à part – 1964
يمكن القول أنه أكثر أعمال غودار شهرة في فترة الستينات. آنا كارينا في البطولة من جديد بين رجلين يظهران كشريكين لها.
يتتبع العمل قصة أوديل (كارينا)، التي تُدعى من قبل فرانز (سامي فراي)، وآرثر (كلود براسور) ليقوموا بسرقة يكسرون بها روتين الحياة. أوديل، فتاة وحيدة مغرمة بالسينما، تفقد تمييزها للفعل الذي ستقوم به وكأنها تشعر أنها في فيلم وليست سرقة حقيقية، لكن إدراكها للحقيقة يأتي متأخرًا.
5- ألفاڤيل – Alphaville – 1965
أحد الأفلام الرائدة في نوعه، قبل فيلم مثل Equilibrium (2002)، “ألفاڤيل” هو ديستوبيا خيال علمي عن مجتمع يقع في كوكب آخر، حيث المشاعر محرّمة. يقدم غودار نقدًا عبقريًا في عمله لوظائف اللغة: حين تكون المشاعر محرّمة في “ألفاڤيل”، فالكلمات التي تصف هذه المشاعر تُحذف من القاموس بشكل دوري.
الفيلم يتتبع قصة امرأة شابة من ألفاڤيل (مدينة ألفا) تكسر القانون وتقع في حب محقق أمريكي يأتي ليستكشف كوكبها. تؤدي البطولة أنا كارينا مجدداً، ويقوم إيدي كونستانتين بدور المحقق. الفيلم هو مثال آخر من غودار حول الفن، هذه المرة الفن هو الكلمات وقوتها التي تدعم الواقع.
6- بييرو المجنون – Pierrot le fou – 1965
بعد ألفاڤيل، جاء “بييرو المجنون” كانفجار في سينما الألوان. جان-بول بيلموندو من جديد يلعب دور رجل يقع في الحب بجنون. هذه المرة تكون آنا كارينا، الفتاة التي يحبها هي التي تلعب دور عضو في عصابة. كسر الفيلم كل التوقعات فيما يخص السرد السينمائي، حيث يتتبع الأبطال وهم في طريق تدميرهم لأنفسهم بشكل حرفي ومشهدي.
7- مذكّر مؤنث – Masculin feminine – 1966
هو أول أفلام غودار التي يظهر فيها اتجاهه السياسي بوضوح. في العمل، ينهي بول (ليود) خدمته العسكرية الإلزامية، وعبر تفاعلاته مع الآخرين من حوله، خاصة صديقته الحسّاسة، وهي مغنية بوب، يرسم غودار ملاحظاته ونقده لثقافة الشباب في فرنسا في تلك اللحظة.
التناقض بين أفكار البطل والشباب من حوله وصفت في عنوان داخلي شديد الذكاء “أبناء ماركس وكوكاكولا”.
8- تاريخ السينما – Histoire(s) du cinema – 1988-1998
هي سلسلة مكونة من ثمانية أفلام متوسطة الطول عن تاريخ السينما وعلاقتها بالقرن العشرين. حيث تتكون من صور، محاولات تصوير، مقاطع من أفلام، حوارات للمخرجين، أصوات من داخل وخارج الأفلام التي تعرضها السلسلة.
يمكن اعتبار الأجزاء الثمانية معًا كقطعة سينمائية واحدة. هذه القطعة خاصة في مشوار غودار السينمائي وهي أكثر ما تظهره كناقد سينمائي من بين كل أعماله الأخرى. حيث تظهر قدراته ككاتب مقال فني، يسمح هذا العمل لغودار بالحفاظ على التجريب، والتطوير المستمر في أسلوبه بعد 1990.
9- فيلم اشتراكية – Film socialism – 2010
هو سيمفونية من ثلاث حركات. الحركة الأولى تقع في سفينة سياحية، تعرض محادثات بعدة لغات بين شخصيات آتية من بلدان عدة بأوروبا، وكأننا أمام “برج بابل” معاصر. الحركة الثانية تدور حول حوار بين طفلين ووالديهما، تظهر من خلال هذا الحوار أسئلة حول الحرية، المساواة، الإخاء، وقيم الأمة الفرنسية. والحركة الثالثة تظهر زيارات لأماكن تاريخية في مصر وفلسطين، أوديسا، نابولي، اليونان وبرشلونة.
الفيلم أقرب لتعليق طويل على هوية الأمة الفرنسية في سياقها الأوروبي، مع تعليق على التفرقة الاجتماعية والثقافية في القارة وكيف تؤثر على البلدان المختلفة بداخلها. هنا نعود إلى حبه للفيلم السياسي، لكن الأمر يأخذ هذه المرة مساراً أكثر شاعرية على نحو لافت بدلًا من الطريقة الراديكالية التي اعتدنا أنا نراها لديه في فترة الستينات.
10- وداعًا للغة – Goodbye to Language – 2014
يتتبع الفيلم نسختين من علاقة عاطفية بين اثنين, حيث تظهر محادثاتهما أفكاراً حول الفن والأدب والقضايا الاجتماعية والسياسية، ويُظهر الفيلم كم هو ملفتًا تشابه أنماط الأزواج في أفلام غودار.
جانب آخر ملفت للاهتمام في الفيلم يخص علاقة الزوجين بكلبهما. ففي النسخة الأولى من العلاقة يقرران أنهما سيتخليان عن الكلب، وفي النسخة الثانية يقرران تربيته بدلًا من إنجاب أطفال. وفي كلا المسارين نستكشف نوعًا مختلفًا من الاشتباك مع فكرة استخدام اللغة.
يظهر الفيلم علاقتنا باللغة، والاستعارات، والتفاعلات البشرية من خلالها. ورغم استخدام الـ 3D إلا أن الفيلم ذو بناء سردي تجريبي، ممتلئ بالمجازات والعناصر غير التقليدية مما يجعله تجربة شجاعة حقًا.