أفلام أبطالها مصورو فوتوغرافيا.. شغف المهنة أبرز تفاصيل الحياة الانسانية
«سينماتوغراف» ـ عمار محمود
تزخر السينما المصرية بالعديد من الأفلام التي تحكي حيوات أشخاص ضحوا بإستقرارهم المادي والمعنوي لصالح شغفهم، سواء كان بالمال أو بالفن أو بحب تكوين العلاقات الإنسانية أو حتى الرغبة بالقتل، ولكن الموضوع الذي لم تتعرض له السينما بشكل مكثف هو الشغف بالتصوير، سواء كان فوتوغرافيا أو تصوير فيديوهات، وبالرغم من قلة الإنتاج السينمائي في ذلك الموضوع بالذات، إلا أن الأفلام التي تعرضت له لاقت نجاحا جماهيريا وإحتفاءا نقديا يثبت قدمها في تاريخ السينما المصرية، بعد أن حصدت العديد من الجوائز المحلية والعالمية أيضاً.
الأفلام التي نعرضها كان أبطالها الرئيسين أو أحدهم مصابا بشغف تصوير ماحوله، موثقا لحياة عاشها أو يتمناها، وذلك من أجل متعة شعورية يحصدها عند مشاهدة محتوى كاميرته مرة أخرى.
بصرة
إنتاج:2008
إخراج وتأليف: أحمد رشوان
الفيلم الروائي الطويل الأول للمخرج والذي نال جائزة أحسن تصوير من مهرجان فالنسيا في العرض الأول للفيلم هناك، هو أحد الأفلام التي تعرضت لنفسية المصور في عصر العولمة والذي تأثر بالحضارة الغربية وقيمها الحداثية ضد قيم المجتمع الشرقي الذي يعيش فيه.
تتبدل حياة بطل الفيلم باسم سمرة من تحضيره للدكتوراة في أحد فروع القانون في أحد جامعات باريس عندما قرر ممارسة التصوير الفوتوغرافي والذي يحبه بسماعه لنصيحة صديق له هناك حدثه عن قصر عمر الإنسان وتعاسته إذا ضحى بما يحب ويرغب في سبيل ما يفرضه عليه قدره، فـيرجع إلى وطنه محاطا بقناعات جديدة وأصدقاء يشاركوه بعض القناعات، لعل أهمها كان تمسكه بقيمه التي أنبتت في فرنسا أثناء رحلته هناك، ويرصد المخرج أشد لحظات البطل إتساقا مع عاداته الجديدة أو تناقضا لعادات مجتمعه الشرقي من خلال علاقاته النسائية، وإصطدام أحلام الحب والسلام للعالم مع الواقع السياسي الذي يحاول جاهدا الهروب منه ومع ذلك يطارده أينما ذهب وصدمته الشديدة عند سقوط العاصمة بغداد في أيدي الغزو الأمريكي دون مقاومة ، لأن بطل الفيلم قاوم أيضاً.
إضحك الصورة تطلع حلوة
إنتاج: 1998
تأليف: وحيد حامد
إخراج: شريف عرفة
ما يميز أفلام الكاتب وحيد حامد هو إعتنائه الشديد بالتفاصيل الإنسانية والتي تنتصر للخير والحب والجمال في سرد مغري وممتع متعرضا للوسط التي تنبت فيه المبادئ بشكل واضح ، وأحد أعمدة الفيلم و أسباب نجاحه هو بطله أحمد زكي في أحد أهم أدواره السينمائية وأداءاته الذاتية التي لم يبذل مجهودا كي يتقمص شخصية سيد غريب ، صاحب أستوديو التصوير.
دراما إنسانية تنتصر للقيم والمبادئ التي أخذها على عاتقه بطل الفيلم صاحب أستوديو التصوير والذي أصابه شغفه بمهنته، تنمية تذوقه للجمال والخير في النفس البشرية بالرغم من الصعوبات المادية و المعنوية التي تدبرها الحياة لكل قابض على جمرة الكرامة الإنسانية ، فـيحنو على إبنته الوحيدة عندما تخطئ ، ويضحك في وجه من أغضبه أو حتى أهانه، ويحاول دوما الثأر لكرامته مهما كانت العواقب.
هيليوبوليس
إنتاج: 2009
إخراج و تأليف: أحمد عبد الله السيد
التجربة الأولى للمخرج في موجة الأفلام المستقلة المصرية وأحد أجمل أفلام المخرج و تمت المساهمة في إنتاجه من العاملين في الفيلم بإشتراكهم التطوعي في الفيلم ، والأسلوب الوثائقي الدرامي هو المميز جدا لتجربة المخرج أحمد عبد الله ووجود مادة مصورة بكاميرا هو أحد مميزات أفلامه الثلاثة “فرش وغطا – ميكروفون – هيليوبولويس”.
وجود كاميرا في شوارع القاهرة، هو وجود لمشكلة، هكذا يراها البعض، خصوصا بعد الأحداث السياسية المتوترة التي تشهدها المنطقة، هذه كانت إحدى مشكلات أحد أبطال القصص الأربعة داخل الفيلم، والتي مركزها حي مصر الجديدة في مدينة القاهرة، يصطدم خالد أبو النجا بكاميرته القزمة خوف الناس من المرآة الجمعية “الكاميرا”، بالرغم من أن موضوع تصويره كان عن العمارة في أحياء مصر الجديدة ، إلا أن وجود المرآة الجمعية محفز للتوتر، وهي كانت محور للفكرة العامة في الفيلم الذي يحاول كشف خوف أبطاله بسبب السلطة الجمعية، كانت أخلاقية أو سياسية أو مادية.
مصور قتيل
إنتاج: 2012
إخراج: كريم العدل
سيناريو: عمرو سلامة
التجربة الأولى لمخرجه في فئة أفلام الإثارة والتشويق والتجربة الثانية في الإخراج بعد فيلم “ولد و بنت” وكلاهما ليسا من تأليفه، و يمتاز هذا الفيلم بطابعه الليلي المشابه للفيلم الأمريكي الأسود في الخمسينات، وأيضا يتميز بالسيناريو المتصاعد الذي تبقى ذروته مشتعلة حتى آخر دقيقة في الفيلم ، وأحد أهم أداءات الممثل إياد نصار الذي كان أحد أبطال فيلم بصرة أيضا.
إياد نصار مصور صحفي محترف، يأخذ كفايته من تصوير الجثث والأحداث الدامية، فيحاول إتمام كتاب جمّع فيه صور حقيقية للحظات إختلس تصويرها بدون علم أصحابها، يتورط مع فتاة تحاول كشف وحشية أحد المستشفيات في التعامل مع المرضى النفسيين، ثم يشتري كاميرا تغير له مسار حياته إذ يكتشف قدرات غير عادية تحدث يظنها في البداية من فعل الكاميرا، وتتوالى مفاجآت الفيلم عند تورط حبيبته المقتولة في أفعال مشبوهة ومحاولة زوج أخته الممثل أحمد فهمي للعثور على الحقيقة ، وهي مفاجأة الفيلم التي تبقى حتى آخر لحظة غير معروفة.
ضربة شمس
إنتاج: 1980
إخراج: محمد خان
تأليف: محمد خان، فايز غالي
أحد أبطال الفيلم هي قصة إنتاجه، عندما إتفق محمد خان مع صديقه مدير التصوير سعيد شيمي على إنتاج الفيلم بأمواله الخاصة التي جمّعها في لندن أثناء عمله هناك ، لكنهم عندما عرضا السيناريو على النجم نور الشريف، أعجبه السيناريو وشغف الشابان اللذان لايعرفهما أحد، إذ كانت التجربة الأولى للمخرج والثالثة لمدير التصوير، فقرر أن يخوض هو مغامرة الإنتاج و إسناد الفيلم لمخرج، آمن بشغفه تجاه السينما فقرر التضحية بكل ما يملك كي ينتج أول أفلامه ، و الذي بعد ذلك الفيلم، سوف يصبح أحد أهم الحكّائين السينمائيين وأحد روّاد الموجة الواقعية في الثمانينات.
يدفع الفضول بطل الفيلم نور الشريف المصور الفوتوغرافي للتقصي عن حقيقة إحدى الصور التي صورها في حفلة زفاف، والتي لاحظ وجود ورقة بها كلمة قبيل إحتراق الورقة تماما، فيفاجأ بإنتحار أحد المدعوين للزفاف والذي يكتشف لاحقا بأنه حامل الورقة المحروقة، ثم يطارد أشخاص وتتم مطاردته هو الآخر، كعادة من أصابهم شغف بشيء ما، إذ لا هدأة سوى بإكتشاف الحقيقة، و بقدر ما يختلف بطل الفيلم عن مخرج الفيلم، لكنهم يتفقون على ضرورة السعي وراء مايحبّون، مهما كانت العواقب، ومايميز الفيلم هذا عن أفلام الإثارة المصرية، هو تعرضه للجانب الإنساني وعلاقة البطل بحبيبته القلقة.