أحداث و تقاريرأهم العناوينالمهرجانات العربية

«أنا مع العروسة» فيلم وثائقي يثير مأساة المهاجرين في مهرجان وهران

وهران ـ «سينماتوغراف»: محمود ابو بكر

من الأعمال السينمائية المرشحة بقوة للتتويج في مسابقة الأفلام الوثائقية بمهرجان وهران للفيلم العربي، عرض فيلم «أنا مع العروسة»، للمخرج الفلسطيني الاصل خالد سليمان، برفقة الثنائي الايطالي : أنطونيو اوجوليارو وغابرييل ديل جرندي، والذي يمتد لأكثر من ساعة ونصف من دون أي ملل، أو شعور المشاهد بالنعاس.

ونجح هذا الثلاثي في تحويل «مأساة المهاجريين الجدد» الى متعة بصرية دون ان يسقط من عدستهم انسانيتها وتراجيدية الفعل الذي عايشوه لأكثر من أربعة ايام من الرحلة القاسية والمحفوفة بالمخاطر والخوف والأسى والأحلام والمراهنات التي ترتبط بقضية حياة حقيقية !

أنا مع العروسة عن قضية الهجرة

الفيلم الذي صور قصة خمسة مهاجرين عرب (من فلسطين- سوريا ) الذين خيرتهم الحياة بين ان يموتوا قصفا في الشام أو على امواج المتوسط، بحثا عن الخلاص، في مغامرة لا تحتمل اكثر من خيارين الموت أو الحياة.

تبدأ قصة هؤلاء من بدايات وصولهم الى الضفاف الإيطالية ناجين من الموت المحقق غرقا، ومحاولاتهم الى تحقيق أمنياتهم في الوصول الى المحطة الاخيرة : السويد التي تعد الوجهة الأكثر استقطابا للمهاجرين، بعد ان نكصت 17 دولة أروبية التزامها في احتضان اللاجئين .

لقطة من فيلم أنا مع العروسة

الفيلم الذي يوثق الرحلة كاملة من إيطاليا الى السويد مرورا بأربع دول اخرى، يجسد تراجيديا الانسان الباحث عن الحرية والأمان، وبعد ان تحولت الأوطان الى بيئات طاردة لانسانها .. ففضلا عن مشاركة صانعي في الفيلم فيما يمكن اعتباره خرقا لبعض القوانين المقيدة  لتعابير مساعدة اللاجئين فان ما يسترعي الاهتمام هو ذلك الجانب الفني العالي الذي تم من خلاله معالجة القضية بكل ما يرتبط بذلك من صعوبات ومخاطر .

للحظة تشعر انك امام فيلم «روائي» على مختلف اصعد المعالجة والتكنيك والحبكة التي تتراوح بين ضبط إيقاع (الحلم- والإخفاق)، وبين التلقائية الخالصة واللحظات الانسانية الباذخة الثراء ..

جابريل وخالد لم يكونا مجرد مخرجيين يقفان خلف العدسة بل جزءا عضويا من العمل بكل مفارقاته آماله وانكساراته الانسانية . بجانب قدرتهما على صناعة غواية الإثارة والسسبنس .. يتعلق قلبك بذلك الخيط الرفيع الفاصل بين الرغبة والرهبة .. وحين يصل الريتم لذروته الإيقاعية، تستعيد انفاسك في كل محطة جديدة/ دولة دولة .. ومدينة مدينة، تغذي فيها روحك بالأمل بالشعر والغناء كزاد للرحلة الحلم.

أنا مع العروسة 3

وقد كان للحيلة فعلتها حين اختار صناع الفيلم ان يضيفوا لـ «رحلة المخاطر» تلك،  بعدا غريبا يتعلق بمشهد (الفرح / العرس المفترض)، حيث يتم تجهيز قافلة من المركبات تضم عريسا وعروس وأسرتهما المفترضتين ولفيف من الاصدقاء يقطعون معهما المسافات القصية لإبعاد اي شبهة تتعلق بالتهريب .

الفيلم الذي حمل عنوان «انا مع العروسة» والذي توج بعدة جوائز أروبية، ساهم في اعادة طرح قضية اللاحئين بطريقة جديدة ليست سينمائية بحتة بل تراجيدية ايضا تعيد تعريف الأشياء وتضبط إيقاعات الوعي لدى الأنظمة الأوربية من خلال الشاشة الكبرى، في ظل فشل وسائل الاعلام التقليدية من تعريف القضية كما ينبغي.

«انا مع العروسة» تمكن بالفعل من توفير كافة الإمكانات الفنية جوهرا وتقنية، للارتقاء بفن «الأفلام الوثائقية» ليخرج بها من الرتابة للمتعة، ومن التناول الاعلامي للفني الهادف والمبدع. كما ان طريقة التمويل التي اعتمدت بدت انها مبتكرة ومبدعة في العالم العربي، حيث تم الاعتماد على التبرعات، حيث شارك في حملة جمعها اكثر من 2600 متبرع اغلبهم من الأوروبيين في مفارقة اخرى تؤكد قدرة الفن على صناعة الفارق الحقيقي في حياة الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى