بلاتوهات

«أن نكون آل ريكاردو»..مُحاولة «نيكول كيدمان» الباهتة لتجسيد الممثلة «لوسيل بول»

«سينماتوغراف» ـ متابعات

امتلكت “لوسيل بول” أهم عناصر النجمة الهوليودية في حقبة الأربعينيات من القرن الماضي؛ الموهبة والجاذبية والجمال وخفة الظل، وظلت تبحث عن مكان بجوار نجمات عصرها، أمثال “كاثرين هيبورن” و”أنجريد برجمان” و”كارول لومبارد” وغيرهن؛ ومن أجل هذا كانت تقبل الكثير من الأدوار الصغيرة، وبدلاً من الوصول إلى قمة قائمة أفلام هوليوود الأشهر، احتلت قمة قائمة نجمات أفلام الدرجة الثانية، وبدأت تتقدم في السن دون أن تصل إلى هدفها، ونصحها منتج شهير أن تًكمل مسيرتها كممثلة في الراديو، وفي ذروة حالة الإحباط والإحساس بالفشل تجرب حظها في التليفزيون، ويحقق مسلسلها I Love Lucy عن الحياة اليومية للزوجين “لوسي وريكي ريكاردو” نجاحاً باهراً، ويُصبح أحد أهم وأشهر المسلسلات الكوميدية في تاريخ التليفزيون الأمريكي.

تصلح حكاية الممثلة “لوسيل بول” كفيلم سيرة شخصية تقليدي، يروي حكاية صعود نجمة من البدايات المتواضعة إلى قمة النجاح، ويرسم ملامح زمن بزوغ الدراما التليفزيونية في حقبة ثرية ومُلهمة، ولكن كاتب السيناريو “أرون سوركين” بحث عن زاوية أخرى في حياة “لوسيل” لتكون موضع فيلمه Being the Ricardos “أن نكون آل ريكاردو”، وكما فعل في سيناريو فيلم Steve Jobs “ستيف جوبز” إختار فترة زمنية قصيرة وقام بتكثيفها درامياً، وبدلاً من الحدوتة النمطية إختار تسليط الضوء على أزمة محورية في حياة البطلة، وجعل من تلك الأزمة وتداعياتها وسيلة للتعرف على جوانب إنسانية بعيدة عن الصورة الرسمية المُنمقة لواحدة من أشهر نجمات الكوميديا التليفزيونية في هوليوود

أرون سوركين” صاحب العديد من السيناريوهات الشهيرة؛ منها فيلم The Social Network “شبكة التواصل الإجتماعي” الذي حصل عنه على أوسكار السيناريو، ومسلسل The West Wing “الجناح الغربي”، وفيلم Being the Ricardos  هو ثالث تجربة له في الإخراج والكتابة معاً، وهو كاتب سيناريو أفضل كثيراً منه كمخرج.

جسدت “نيكول كيدمان” دور “لوسيل بول”، وأمامها الممثل “خافيير بارديم” في دور “ديزي أرناز”، المُغني ذو الأصول الكوبية، وزوج لوسيل وبطل مسلسل “أحب لوسي”، وقد عبر “بارديم” عن ملامح شخصية المُغني والممثل “ديزي أرناز” التي تتلون بين الجاذبية والذكاء والشر، ويبدأ الفيلم و”لوسيل” التي قارب عمرها على الأربعين في قمة مراحل النجاح مهنياً، ولكن تُحيطها تحديات مهنية وعائلية قد تهدم كل ما حققته في لحظة

في حقبة الخمسينيات كانت تهمة الإنضمام لأى أحزاب أو حركات شيوعية في أمريكا كفيلة بتدمير سمعة الممثل، ووضعه على القائمة السوداء لهوليوود، ورغم تبرئة جهات التحقيق لاسم “لوسيل بول” من الإنضمام لأى أنشطة شيوعية لكن الصحافة ظلت تُنقب في ماضيها لإثبات التهمة عليها، ولا يحاول السيناريو الإغراق في تلك التفصيلة، ويذهب بإتجاه إنعكاس الأمر على “لوسيل” من زوايا مهنية وشخصية.

تشعر “لوسيل” بالتهديد بإحتمال فقد حب جمهورها ونجاحها ومجدها الفني، تُحاصرها الشكوك في خيانة زوجها، وفي الوقت ذاته تكتشف أنها حامل رغم سنها المُتقدمة، وأن الحمل يعني توقف المسلسل في أوج فترات نجاحه؛ ولمواجهة كل هذه الضغوط وضعت كل تركيزها في خدمة إتقان عملها، وأصبحت مُفرطة في الإهتمام بالتفاصيل، وإعادة المشاهد وتعديلها، حتى أصبحت مزعجة لكل من حولها؛ فهى تستيقظ فجراً وتستدعي الممثلين إلى الاستديو لإجراء بروفات وتعديلات على المشاهد، وتُعارض المخرج كثيراً، وتسعى للضغط على زميلتها في المسلسل لتوقف حِميتها وتعود لوزنها الزائد كما ظهرت في بداية المسلسل، وتُرهق كل من حولها بالسعى إلى مزيد من الكمال الفني.

يروي السيناريو الحكاية من عدة زوايا، منها الشكل الوثائقي حيث يعرض شهادات عدد ممن شاركوا في عملية إنتاج المسلسل، وشاهدوا كواليس العمل وأزماته، وخط درامي يعرض كواليس واحدة من أشهر حلقات المسلسل، وكانت أثناء أزمة إتهام “لوسيل” بالشيوعية”، وهناك خط درامي أخر يصور لقطات من ماضي “لوسيل”، وبداياتها في السينما، وبداية علاقتها بزميلها وزوجها لاحقاً “ديزي أرناز“.

قبل اختيار “نيكول كيدمان” لتجسيد شخصية “لوسيل بول” كانت “كيت بلانشيت” المرشحة الأولى للدور، وبعد اعتذارها قام مجموعة من المعجبين بالممثلة الكوميدية “ديبرا ميسنج” بحملات على مواقع التواصل تُرشحها للدور؛ كونها أقرب لملامح وشخصية “لوسيل بول”، ووافقتهم “ديبرا” وقامت ببعض تجارب التصوير بماكياج “لوسيل بول” وشعرها الأحمر المميز، ولكن الدور ذهب إلى “نيكول كيدمان” في النهاية؛ وغالباً لأسباب تتعلق بشباك التذاكر؛ ولأن “نيكول كيدمان” ممثلة أكثر موهبة.

رغم إجتهاد “نيكول كيدمان” في أداء الدور، وحرصها على التفرقة في الأداء بين صوت “لوسيل بول” المُصطنع الحاد في التمثيل، وصوتها الحقيقي في الواقع، ولمحات موهبتها كمُمثلة، لكن طبقات الماكياج الكثيف جعلت تعبيراتها تصدر عن وجه بلاستيكي مصطنع، بالإضافة إلى غلبة أداء “كيدمان” الذي يميل للعصبية، ومن شاهد أداء “لوسيل بول” في أعمالها الدرامية أو حتى اللقاءات التليفزيونية بعيداً عن التمثيل سيرى أن “نيكول كيدمان” تُجسد شخصية أخرى بالكاد تقترب من شخصية “لوسيل بول”، وهذا يُذكرنا بأداء “نيكول كيدمان” لشخصية الممثلة وأميرة موناكو الراحلة “جريس كيلي” في فيلم Grace of Monaco، وقد إفتقدت روح الشخصية في الفيلم، وليس فقط ملامحها المُميزة، وكان مُدهشاً للغاية حصول “كيدمان” على جائزة الجولدن جلوب في التمثيل.

يلفت النظر أن كل من “كي جي سيمونز”، و”نينا أرياندا” كانا الأكثر إقناعاً في تجسيد شخصيتي “فراولي” و”فيفيان”، وهما من أبطال مسلسل “أحب لوسي”، وجسدا شخصيتا الثنائي الذي يعيش بجوار ثنائي “لوسي وريكي” في المسلسل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى