«أوراق محمد بيومي» آخر مؤلفات السينمائي الراحل محمد كامل القليوبي
القاهرة ـ «سينماتوغراف»
يوثق المخرج السينمائي الدكتور الراحل محمد كامل القليوبي في كتابه «أوراق محمد بيومي» الصادر عن «الهيئة المصرية العامة للكتاب»، عبر عديد من الأوراق والرسائل الخاصة بالرجل، والتي تنشر لأول مرة بعد ستين عاماً على رحيله في 1962؛ مؤكداً أننا أمام ظاهرة من نوع غريب، فقد كان بيومي رائد السينما المصرية الأول، عبر إسهامه الحاسم في عديد من الأفلام؛ فضلاً عن تأسيسه البنية التحتية لهذا الفن الوليد، عبر المعاهد والصحافة المتخصصة، ومع ذلك «عاش الرجل يعاني من التهميش، ومات ولا يوجد من سمع به إلا فيما ندر».
أوراق محمد بيومي.. آخر مؤلفات الناقد السينمائي الأكاديمي الراحل محمد كامل القليوبي، وهو استكمالاً لاكتشافاته لتراث محمد بيومي الضائع، ويعد محمد بيومي (1894 ــ 1962) أول مصري درس السينما أكاديمياً، وأول مَن أسس ستوديو سينمائي متكامل بمقايس عصره، وكذلك أول جريدة سينمائية مصرية.
يقدم القليوبي أوراق الرجل، مستعرضاً بعضا من فترات حياته، كالطفولة، وحياته القصيرة في الجيش، حتى تسريحه منه، يقول بيومي «أنا كنت ضابط ملحلح واعرف الواجب/ضابط في جيش الوطن ناجح مانيش خايب/وكنت فاكر بأنه شيء يشرفني/لقيتها في الاحتلال ما تزيدش عن حاجب». يستعرض القليوبي أيضا ما سماه بـ (أوراق الصمت) وهي خطابات وقصاصات وتعليقات بيومي على أخبار السينما ورجالها وستديو مصر. وكلها خطابات وتعليقات لم ترسل لأحد! ويرى القليوبي أنها جاءت كنوع من التنفيس ورثاء النفس.
محمد بيومي هو مخرج ومصور ومؤلف وممثل ومنتج مصري من رواد السينما المصرية، ولد بمدينة طنطا عام 1894، تخرج من المدرسة الحربية عام 1915، ثم إتجه للمجال الفني بعد ثورة 1919، حيث شارك في تأسيس (فرقة وادي النيل) مع (بشارة واكيم)، ثم سافر إلى إيطاليا ثم النمسا حيث حصل على دبلوم في التصوير الضوئي والسينما توغرافي من حكومة النمسا ومعه معدات ومعمل تصوير سينمائي.
أنشأ بيومي أول جريدة سينمائية باسم “جريدة آمون” وكان أول فيلم وثائقي له هو “عودة سعد زغلول من المنفي” يوم 18 سبتمبر عام 1923، وبنفس العام قدّم أول فيلم روائي وهو بعنوان “برسوم يبحث عن وظيفة” والذي قام بتأليفه وإخراجه وتصويره وإنتاجه، شارك بعدها في العديد من الأعمال من أبرزها (ليلة في العمر، ليلى البدوية، الباشكاتب). ووافته المنية عام 1963 بالإسكندرية.
يرصد المؤلف 18 فيلماً، ما بين تسجيلي وروائي مختلفة الأحجام، مثل «ليلة في العمر»، و«الباشكاتب»، و«افتتاح مقبرة توت عنخ آمون»، توثق لتجربة بيومي الرائدة؛ حيث يرى أنه لم يأخذ حقه من التقدير. ورغم أن بعض تلك الأعمال مفقود أو لم يكتمل، فإن ما عثر عليه المؤلف يلقي الضوء على جانب خفي في تاريخ السينما المصرية.
ويكشف القليوبي عن تعرض أصول مذكرات محمد بيومي للسرقة، ويروي أن المخرج والمؤرخ السينمائي الراحل أحمد كامل مرسي، كان قد توصل لعائلة بيومي، وحصل من ابنته السيدة دولت محمد بيومي على أصول المذكرات، على أمل أن يؤلف كتاباً عن «الرائد المجهول»؛ لكنه توفي ولم يسعفه الوقت لإنجاز هذا العمل. بعد وفاته قامت وزارة الثقافة بشراء مكتبته، وبعد فحص أوراقه وكتبه، وجد الناقد والمؤرخ السينمائي الراحل أحمد الحضري أوراق ومذكرات محمد بيومي في صندوق بمنزل مرسي، فكتب على الصندوق كي يميزه عن غيره من الصناديق التي تحتوي على عدد من الأوراق، عبارة «مهم جداً»، وعند تسلُّم الكتب والأوراق لم يعثروا على هذا الصندوق الذي امتدت إليه يد خفية واستولت عليه.
يقع الكتاب في 119 صفحة من القطع الكبير، وصدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، ورغم الجهد المبذول فيه فإن أسلوبه غلب عليه تقريرية جافة، اهتمت برصد الحقائق دون نظرة تحليلية، وربطها بدراما حياة الرجل. كما اتسمت بعض الوثائق المنشورة بسوء الطباعة، وأصبحت أقرب إلى كتلة من السواد. لكن تبقى للكتاب أهمية فائقة في التعريف بهذا الرائد، وتسليط الضوء على صفحة مجهولة من تاريخ السينما في مصر.