بلاتوهات

«أون ذا ميلكي رود».. الحرب لا تزال هاجس المخرج الصربي كوستوريتسا

الوكالات ـ القاهرة: «سينماتوغراف»

يعرف محبو المخرج الصربي أمير كوستوريتسا أن الحروب اليوغوسلافية هي أكثر ما يشغل باله وتطرق إليها في أفلامه الشهيرة مثل (تحت الأرض) و(الحياة معجزة) كما يعرفون أيضا أن الكوميديا العبثية هي سلاحه لتجاوز أبعاد المعاناة في تلك الحروب.

وفيلمه الأحدث (أون ذا ميلكي رود)  ليس استثناء.. فلا تزال الحرب هي الهاجس المؤرق ولا تزال الكوميديا العبثية هي السلاح.

“مقتبس عن ثلاث قصص حقيقية والكثير من الخيالات” بهذه الجملة يبدأ كوستوريتسا فيلما آخر تدور أحداثه في قرية صغيرة إبان الحرب وتلعب الحيوانات فيه دورا محوريا. الشيء الجديد هنا هو أن كوستوريتسا يلعب أيضا دور البطولة للمرة الأولى في فيلم من إخراجه.

on-the-milkey-road-na-mlijecnom-putu-venice-2

القصة التي ألفها كوستوريتسا أيضا تدور حول شخصية كوستا الرجل القروي البسيط الذي يجسده المخرج والذي تدور حياته حول توصيل الحليب من المزرعة التي يعيش فيها إلى الجنود الصرب في إحدى جبهات القتال. ورغم اضطراب الأحوال بسبب الحرب فإن الحياة تبدو مستقرة وطريقها محدد بالنسبة لكوستا الذي من المقرر أن يتزوج شقيقة أحد الجنرالات بمجرد عودته من الحرب.

يتناول الفيلم ثلاث فترات مختلفة من حياة كوستا الأولى روتينية بعض الشيء يمارس فيها كوستا مهام نقل الحليب على حماره بشكل شبه آلي إلى أن تدخل امرأة إيطالية صربية – تلعب دورها الممثلة الإيطالية مونيكا بيلوتشي- حياته لتقلبها رأسا على عقب لندخل في الفترة الثانية من حياة الرجل القروي والتي تكون حافلة بالمخاطر والمغامرات فيما يقع كوستا في حب المرأة التي لا يمنحها الفيلم اسما ليزيد من غموضها والتي تخفي سرا يهدد حياتيهما.

لعل من أهم أدوات كوستوريتسا في ترسيخ الأجواء العبثية لأفلامه هي الاستعانة بالحيوانات للعب أدوار مهمة وفي هذا الفيلم يستخدم كوستوريتسا الحيوانات بكثافة فهناك الصقر صديق كوستا الوفي الذي يحب موسيقاه وهناك الحمار الذي يحمل كوستا وحاويات الحليب من المزرعة إلى جبهة القتال دون تذمر والثعبان الذي يحب الحليب ويساعد في حماية الرجل القروي الذي يترك له بعضا من الحليب في طريقه كل يوم.

rkcnt

تلعب موسيقى ستريبور كوستوريتسا -ابن المخرج- ذات الإيقاع السريع والاعتماد المكثف على الآلات الوترية دورا في تعزيز الأجواء الكوميدية العبثية الطابع للفيلم. وهذا هو سادس فيلم يتعاون فيه الابن مع والده في تأليف الموسيقى.

كما ساعد في تحقيق هذه الرؤية اللقطات البانورامية للطبيعة الجبلية الساحرة التي نفذها المصور السينمائي جوران فولاريفيتش والتي تتناقض بشكل صارخ مع الموسيقى السريعة ودوي القصف والأعيرة النارية.

وفي الفترة الثالثة والأخيرة من حياة كوستا والتي تدور أحداثها بعد 15 عاما يتغير شكل السرد قليلا ليتبنى نبرة أكثر واقعية بعد أن وضعت الحرب أوزارها.

الحرب هي الفعل العبثي الذي لا معنى له لكن ما يأتي بعد الحرب هو تداعياتها حيث لا يترك الواقع المؤلم مساحة للعبث، وحيث يبدو إطعام دب قطعا من البرتقال فعلا عاديا، وحيث يستعين كوستا بالدين ليساعده على تقبل فكرة أن ما تكبده من خسائر بسبب الحرب هو جزء من طريق أكبر مرسوم له، وليس مجرد نتيجة خرقاء لحرب عبثية لا معنى لها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى