أحداث و تقارير

إنتصار دردير تكتب: وداعاً على أبو شادى

ـ إنتصار دردير

صدمنا على أبو شادى برحيله، كان قد تخلف منذ فترة عن حضور كثير من المناسبات الفنية التى كان أحد نجومها، وأغلق صفحته على «الفيس بوك» وحينما تحادثنا قال لى «كده أحسن»، مبدياً رغبته فى بعض الهدوء بعد أن عاش حياة صاخبة مليئة بالتحديات، وبدأ فى الانسحاب شيئاً فشيئاً وخاصة بعد رحيل رفيقة حياته.

التقيته قبل شهور فى الأوبرا وتحدثناً طويلاً فى مشواره ومواقعه العديدة التى شغلها بوزارة الثقافة، فقد كان أبرز رجالات وزير الثقافة الأسبق فاروق حسنى الذى أغدق عليه بالمناصب وكان ذلك مثار حنق البعض، إلا أنه استطاع فى كل المواقع التى شغلها سواء فى رئاسته لقصور الثقافة، وتوليه المركز القومى للسينما وكذلك الرقابة على المصنفات الفنية، أو رئاسته لمهرجانى الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والأفلام الروائية أو توليه المجلس الأعلى للثقافة، أن يترك بصمة تؤكد جدارته بما أسند إليه، وقد كان منحازاً بشدة للسينما وخلال توليه هيئة قصور الثقافة أصدر سلسلة «آفاق السينما» التى قدم من خلالها عشرات الكتب المتخصصة بأسعار زهيدة لتكون فى مقدور كل عشاق الفن السابع.

وشهدت فترتى رئاسته للرقابة على المصنفات الفنية ظهور عدة أفلام شديدة الجرأة لم تكن لترى النور لولا مساندته لها ووقوفه ضد كل محاولات وأدها، ومنها فيلم «هى فوضى» للمخرج الراحل يوسف شاهين وتلميذه المخرج خالد يوسف، فقد رفض عدة رقباء السيناريو ووضعوا عليه 50 ملحوظة مطالبين بحذف كثير من مشاهده ووافق على أبو شادى على تصويره باعتبار أن الشريط السينمائى هو الفيصل فى النهاية، وبعدما صرح بعرضه وقفت وزارة الداخلية ضد الفيلم، وجاء ثلاثة من كبار قاداتها لمشاهدته، وكان قرارهم رفض عرض الفيلم وتدخل أبو شادى مؤكداً لأحد مسئوليها أن عدم عرض الفيلم سيثير أزمة كبيرة، وأن المخرج يوسف شاهين اسماً كبيراً ولن يقبل بهذا الأمر وسيعمل على تصعيده، وسأل عما توقفوا أمامه فى الفيلم وكما روى لى أنهم رفضوا مشهد تطاول وكيل النيابة على الضابط، فقال بسيطة نحذف المشهد، وقالوا أن عنوان الفيلم تقريرى قال بل هو استنكارى وسنضع علامة استفهام على الأفيش تؤكد ذلك، واستطاع إقناع المخرج خالد يوسف بحذف المشهد من نسخ الفيلم التى ستعرض بالقاهرة، ووضع علامة استفهام على بعض أفيشات الفيلم وليس على نسخ الفيلم، واستطاع تمريره وتخطى الأزمة.

ووقف أيضاً مسانداً لفيلم «عمارة يعقوبيان»، ولكثير من الأفلام ضد تغول قوانين الرقابة، كما كان تأسيسه لمهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والقصيرة الذى رأسه عدة سنوات ودفع بكثير من التجارب لمواهب شابة منحها فرصة المشاركة التى كانت بمثابة جواز مرورها إلى السينم، وخلال رئاسته لمهرجان الفيلم القومى أرسى تقليداً بإصدار كتب للمكرمين ومنح جوائز مالية لكافة فروع العمل السينمائى، وكانت كتاباته النقدية وجهاً آخر استطاع من خلاله أن يرصد كثير من التجارب السينمائية الهامة ويسلط الضوء على مواهب جديدة

لاشك أن السينما فقدت واحداً من نجومها البارزين الذى دعمها بقوة فى كافة المواقع التى شغلها، لكنه لم يحظ بالتكريم الذى يستحقه فى حياته والذى يفقد معناه تماماً بعد رحيله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى