كان (فرنسا) ـ «سينماتوغراف»
تلقى المخرج الإيراني محمد رسولوف حكماً بالسجن لمدة ثماني سنوات، بالإضافة إلى غرامة مالية ومصادرة ممتلكاته والجلد، من قبل محكمة إيرانية، حسبما أعلن محامي رسولوف، باباك باكنيا، في منشور على موقع X (المعروف سابقًا باسم Twitter) يوم أمس الأربعاء. .
وقال باكنيا إن الحكم صدر عن الفرع التاسع والعشرين لمحكمة الثورة الإسلامية وتم تأكيده في الفرع السادس والثلاثين لمحكمة استئناف آينا.
وبحسب باكنيا، وجدت المحكمة أن تصريحات رسولوف العلنية وكذلك أفلامه وأفلامه الوثائقية “كانت أمثلة على التواطؤ بقصد ارتكاب جريمة ضد أمن البلاد”.
يأتي الحكم على رسولوف قبل مهرجان كان السينمائي، حيث من المقرر أن يتم عرض أحدث أفلام المخرج، “بذرة شجرة التين المقدسة”، لأول مرة في العالم، من خلال المسابقة الرسمية، وكان من المشكوك فيه بالفعل ما إذا كانت السلطات الإيرانية ستسمح للمخرج بالسفر إلى فرنسا لحضور المهرجان. ويبدو ذلك مستحيلاً الآن.
تدور أحداث فيلم رسولوف المشارك بمهرجان كان السينمائي الدولي هذا العام “بذرة شجرة التين المقدسة” حول قاضي المحكمة الثورية في طهران الذي يتعامل مع تداعيات الاحتجاجات التي اجتاحت البلاد في السنوات الأخيرة، ليستسلم للحظات من جنون العظمة عندما يختفي مسدسه.
كان رسولوف أحد أكثر منتقدي صناعة السينما الإيرانية صراحةً للنظام المتشدد في طهران. وقد دفع الثمن. تم القبض على المخرج في يوليو 2022 بسبب توقيعه على عريضة تطالب قوات الأمن بضبط النفس فيما يتعلق بالاحتجاجات الشعبية. أُطلق سراحه مؤقتًا في فبراير 2023 لأسباب صحية، وظل قيد الإقامة الجبرية منذ ذلك الحين.
وفي العام الماضي، دعا مهرجان كان رسولوف للعمل في لجنة تحكيم “نظرة ما”، لكنه مُنع من مغادرة إيران، وأفادت التقارير أن السلطات الإيرانية مارست ضغوطًا على المخرج لسحب بذرة شجرة التين المقدسة من مهرجان كان بالكامل.
وفي العديد من أفلامه، مثل “أمل اللقاء”، و”المخطوطات لا تحترق”، و”لا وجود للشيطان “، و”لرد”، انتقد نظام الحكم الفاسد في إيران.
ومحمد رسولوف هو من مواليد 23 أكتوبر 1972 في شيراز، وهو مخرج إيراني مستقل.
وفي مارس 2020، حاز فيلمه “لا وجود للشيطان” على جائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين السينمائي الدولي في دورته السبعين، واستلمت الجائزة عنه ابنته باران رسولوف بسبب قرار منعه من السفر.
ويناقش الفيلم قضية عقوبة الإعدام في إيران، ويخلص إلى إدانتها من خلال تحدثه عن الذين ينفّذون العقوبة والمقربين منهم.
ويعود تاريخ العلاقة المتوترة بين المخرج الإيراني والنظام السياسي بالمجتمع الفارسي إلى عام 2009، حينما اتهم صاحب الـ 52 عامًا رفقة مواطنه المخرج الآخر جعفر بناهي، بالتواطؤ ضد الأمن القومي والدعاية ضد النظام الإيراني، وعلى أثر ذلك قضت محكمة إيرانية بسجن روسولوف 6 سنوات قبل أن يتم تخفيض الحكم إلى عام واحد فقط.
ولم تنتهي الحكاية عند ذلك الحد، ففي عام 2011 رفضت السلطات الإيرانية السماح للمخرج بذهاب إلى فرنسا لتسلم جائزة فيلمه “إلى اللقاء” الذي فاز وقتها بإحدى جوائز مهرجان “كان” الفرنسي، الذي كان بطلاً في أزمة أخرى للمخرج مع نظام بلاده حينما عرض نسخة مهربة من فيلم “المخطوط لا يحترق” للمخرج نفسه الذي وقفت أمامه السلطات الإيرانية في ذلك الحين وحاولت إجباره على عدم عرض فيلمه بالمهرجان، لكنه نجح في تهريب إحدى نسخه من العاصمة الإيرانية إلى إدارة المهرجان التي قامت بعرض الفيلم، وعلى أثر ذلك ذهب المخرج الإيراني إلى السجن من جديد.
ويبدو أن للمهرجان الفرنسي دورا في تأجيج السلطات الإيرانية على روسولوف، ففي عام 2013 وبعد مشاركة أحد أفلامه بفعاليات نفس المهرجان وأثناء عودته من مدينة “كان” إلى طهران، أوقفته السلطات الإيرانية بالمطار وصادرت جواز سفره وممتلكاته، وظل وقتها ينتظر توجيه المدعي العام الإيراني سيلاً له من الاتهامات أقلها محاولات إسقاط نظام الحكم الإيراني والدعاية ضده، لكن مرت الأيام والشهور وانخرط في عمله وأخرج أفلامًا أخرى زادت من حدة التوتر بينه وبين النظام.
مخرج فيلم “السهول البيضاء” الحائز على جائزة لجنة تحكيم مهرجان دبي السينمائي الدولي نسخة عام 2009، قال عبر فيلمه “رجل نزيه” إن المجتمع الإيراني بحالته الآن لن يخرج منه مواطن إيراني صالح، بل ما حل بالمجتمع لا يؤدي إلا نتيجة واحدة مواطنين مضطهدين، وما يواجهه المخرج الإيراني على أرض الواقع الآن لا يؤكد إلا ذلك.