أحداث و تقاريرأهم العناوينالمهرجانات الأجنبية

الأفلام الأوفر حظا للفوز الليلة بسعفة «كان» الذهبية

 كان ـ «سينماتوغراف»: مها عبد العظيم

يسدل مهرجان كان الستار مساء اليوم الأحد على نسخته الـ68، وكثرت التكهنات حول الفائزين المفترضين بالسعفة الذهبية. فأي من الأفلام الـ19 التي خاضت السباق أوفر حظا بالفوز؟

إن التكهن بالفائز المفترض أمر صعب في هذا المهرجان إذ يعود الحسم إلى لجنة التحكيم بحساسياتها المختلفة، وما عدا بعض النسخ التي أجمع على إثرها الجمهور والنقاد على تألق فيلم واحد، فغالبا ما تكون المفاجأة في الموعد. وربما يكون التكهن هذا العام أكثر تعقيدا من ما مضى، إذ بدا مستوى الأفلام المشاركة في السباق متوسطا عموما. لكن رأينا أن بعضها، وفي طليعتها «الشباب» و«كارول» تبدو أوفر حظا من غيرها للفوز بالسعفة الذهبية.

نضع في صدارة من سيقتنص السعفة الذهبية فيلم «الشباب» لباولو سورنتينو، وهو بمثابة قطعة مصوغة بطريقة بصرية يستعرض فيها المخرج الإيطالي كل براعته «الفلينية» في تناول مسألة حساسة ومؤثرة: مرور الزمن. ويبدو سورينتينو، الذي قال ببساطة «موضوع فيلمي هو الزمن الذي يمر، وكم من الوقت تبقى لنا للعيش»، قد بحث خصوصا تأثير الزمن في الغرام وفي الإبداع. ويزخر الفيلم بسلسلة من الشخصيات القوية التي تنظر إليها الكاميرا بحنان فائق على غرار مارادونا «فنان الكرة» في مواجهة الشيخوخة والسمنة.

تدور الأطوار في نزل سويسري عند جبال الألب حيث تخلو الشخصيتين الرئيسيتين فريد (مايكل كاين، ويتكهن له العديد بجائزة التمثيل) وميك (هارفي كيتل) إلى الاستجمام. الأول مدير فرقة موسيقية متقاعد لم يعد ينتظر الكثير من الحياة والثاني مخرج يعشق النساء ويسعى بعناء إلى إنهاء فيلمه الجديد. الرجلان على مشارف الثمانين من العمر وفي مواجهة غروب الشباب، يترددان بين النظر إلى المستقبل الضيق واستحضار الذكريات. وكان هذا الموقف فرصة لسورنتينو لاستحضار بعبقرية مذهلة دوامة من المراجع السينمائية عبر تجربة حسية فريدة في تصفح للوحات بصرية وموسيقية (البوب والكلاسيكية والفولك) لا تضاهى ووسط إخراج طويل النفس.

وتظهر الأجساد الشابة في الفيلم وكأنها أصنام رومانية تزيد إظهار انهيار أجساد الشيوخ الذي أكل عليهم الدهر وشرب. وتتقاطع الأقدار وتتلاقى في نسيج جمالي يجمع بين الهزل والخفة «التي يصعب مقاومتها» وعمق المشاعر من جهة أخرى. ويبهرنا سورينتينو في كل مرة بخيال ثري متناهي البعد فيحمل ذاكرة نخبة الفن السابع ويلقي من خلالها على شخصياته نظرة ساخرة صادقة. فالجمال في عين سورنتينو في كل مكان في الأجساد الذابلة وفي باروكة نجمة آفلة وحتى في أجراس أبقار ترعى !

وشاركت أفلام سورنتينو خمس مرات في مهرجان كان، فاز فيها مرة واحدة عام 2008 بجائزة التحكيم عن فيلم «الديفو». وإن كان فيلمه «الجمال الكبير»  عاد من كان بخفي حنين عام 2013، إلا أنه كوفئ في 2014 بأوسكار أحسن فيلم أجنبي.

ونقاط الشبه بين «الشباب» و«الجمال الكبير» كثيرة حيث يتناول الأخير هوس المجتمع بالشباب ويدفع فيه تقدم السن إلى البعد والنسيان. فهل يحاول مهرجان كان تدارك ذلك بإسناد السعفة الذهبية إلى سورنتينو أم يفضل عليه مواطنه الرائع ناني موريتو الذي يشارك في السباق بفيلم «أمي» الأقل إسرافا في الزخرفة البصرية وربما أقوى وقعا من حيث الشاعرية ؟

وهكذا اخترنا «سعفة القلب» لباولو سورينتينو، لكن نضع إلى جانبه بالتساوي «كارول» للأمريكي تود هاينس. ويروي «كارول» قصة حب نشأت بين امرأتين من طبقتين اجتماعيتين مختلفتين، خلال خمسينات القرن العشرين في الولايات المتحدة. وكانت المثلية الجنسية حينها من أكبر التابوهات في أمريكا المحافظة، فعندما التقت كارول بتيريز كانت بصدد الطلاق وتكافح من أجل حضانة ابنتها. ورغم ذلك تتحدى كارول القوانين الجائرة وتقترح على تيريز أن ترافقها في رحلة عبر الولايات المتحدة.

عادة ما تقسم أفلام كان الآراء إلى معسكرات، وهناك جزء لا بأس به من النقاد لا يستبعد أن يفوز فيلم «وللجبال أن تنزاح» للصيني جيا زهانغكي بالسعفة الذهبية. وتدور أحداث الفيلم في الصين أواخر القرن العشرين. فيسعى الشابان «زانغ» و«ليانزي» إلى إغراء صديقة الطفولة «تاو» ابنة فينيانغ. ففي حين يملك «زانغ» محطة بنزين وتنتظره آفاق زاهرة، يعمل «ليانزي» في منجم فحم. تميل «تاو» إلى الرجلين وتمزق بين خيارين فتجبر على حسم مستقبلها ومستقبل ابنها «دولار» الذي سترزق به لاحقا. وعلى مدى ربع قرن، يصور جيا زهانغكي تحولات الصين ويرسم أستراليا كوعد حياة أفضل، ويتناول آمال وخيبات شخصياته في مواجهة قدرها.

فهل تكرم لجنة التحكيم جيا زهانغكي أم تختار آسياويا آخر، التايواني هو هسياو هسيان (يناهز السبعين من العمر) الذي يعتبر من أكبر السينمائيين العالميين؟ وشارك هسياو هسيان في هذه النسخة بفيلم «القاتل» وهو فيلم ملحمي ذو نسق بطيء جدا يدور في الصين بالقرن التاسع. تعود «ني إينيانغ» إلى أحضان عائلتها بعد سنوات من الغربة. ونشأت «ني إينيانغ» على يد راهبة زرعت فيها حب فنون القتال، فصارت تسعى عبر هذه الوسيلة إلى إشاعة العدالة والقضاء على الطغاة. وتكلف بتصفية «تيان جيان» وهو أحد أفراد عائلتها وحاكم منشق يسيطر على ريف «فايبو» العسكري. وتجد «ني إينيانغ» نفسها أمام خيار صعب، فإما أن تضحي بحبها للرجل الذي تهواه وإما أن تقطع للأبد مع «نظام القتلة».

لكن المفاجأة الأكبر التي يمكن أن تخرج لنا بها لجنة التحكيم هي إسناد السعفة الذهبية لفيلم «ابن ساول» وهو الفيلم الطويل الأول للمجري لازلو نماس. ويظهر “ابن ساول” نظرة مرعبة من داخل المحرقة النازية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى