سينمانامراجعات فيلميةنقد

الانتاج المشترك.. والنتائج السلبية

الناقد السينمائي التونسي محمد حسن يكتب لـ”سينماتوغراف”
الانتاج  المشترك .. والنتائج السلبية
في أواسط الستينات انطلقت حملة إعلامية واسعة في البلاد العربية تحث على اتفاق الجهات المعنية بالعمل السينمائي على الاتحاد وإنتاج أفلام مشتركة ضخمة لاقتحام الأسواق العالمية ومنافسة سينما هوليوود والبلدان الأوروبية لأن ما يصنع في كل البلاد العربية يبقى عملا محليا وفي أحسن الأحوال عملا إقليميا لا يفيد الطموح العام ويبقى تعاون الأطراف العربية يدور في نطاق ضيق مثل ظهور ممثلين من مختلف الأقطار العربية في الأفلام المصرية.
 
وفي أواخر الستينات انطلقت الشركة التونسية للإنتاج والتنمية السينمائية في عملية إنتاج مشترك مع شركات فرنسية لعل من ابرزها إنتاج شركة / يحيا الموت / للفيلسوف الاسباني / أرابال / الذي كان من أشد مناهضي حكم / فرنكو/ في أسبانيا وكان صاحب انتاج أدبي مثير للجدل وجرب الإخراج السينمائي في مناسبتين وعرض /يحيا الموت / على هامش المسابقة الرسمية في مهرجان كان الفرنسي وسط جدل إعلامي مثير واعتبر / أرابال / من مجانين القرن ومن سخريات القدر أن الأفلام المشتركة التونسية ـ الفرنسية تم منع عرضها في تونس وواصلت الشركة التونسية التجربة مع شركة لبنانية لإنتاج فيلم مشترك بعنوان / رحلة السعادة / تم تصويره بتونس من اخراج محمد سلمان وتمثيل صباح وفريد شوقي وعبد السلام النابلسي ثلاثي أضواء المسرح والزهرة فايزة والحطاب الذيب واثر الانتهاء من التصوير في يونيو 1968 اندلعت قضية عدلية بين عدة أطراف سينمائية تسببت في تأخير عرض الفيلم أكثر من سنتين ولم يسجل الفيلم أي نجاح .
 
وفي أواسط السبعينات أعادت الشركة التونسية نفس التجربة مع الشركة العالمية ليوسف شاهين وشركاءه لإنتاج فيلم /السقا مات / قصة يوسف السباعي وإخراج صلاح أبو سيف وتمثيل فريد شوقي وأمينة رزق وشويكار وبلقيس ومثل الفيلم مصر في مهرجان موسكو ولم يجد / السقا مات / ذلك النجاح المنتظر .. ومن الغريب أن الجهات الثقافية لم تهتم به رغم مكانة صلاح أبو سيف في نوادي السينما.
 
وإذا فشلت الشركة الرسمية في الإنتاج المشترك فإن الشركة الخاصة / الكوتوديك/ نجحت في تجاربها وأذكر منها فيلم / الموت الغامض/ من اخراج التونسي فريد بوغدير وكلود دانا وتمثيل نجم المسرح التونسي علي بن عياد والفيلم من الصنف المعقد الغامض يرمي إلى ابعاد فلسفية عرض بتونس في نطاق محدود وكان من النوع التجريبي لجمهور يميل إلى السينما التجريدية شديدة  السواد .
 
ونفذت نفس الشركة مشروعا ايطاليا تمثل في فيلم / جسد ساخن لجهنم / من صنف المغامرات البوليسية مع ممثلين غير معروفين ومع ذلك سجل نجاحا تجاريا واسعا وعرض أكثر من مرة ويظهر أن التفاهم بين الأطراف العربية صعب ومعقد لأن كل جهة تتعامل بلغة العواطف أي أن الانانية المفرطة تتحكم في امكانية التعاون المثمر وأحسن مثال على التجربة العراقية في انجاز الفيلم الضخم / القادسية/ وأرادوا بواسطته جمع كل النجوم العرب وافساح المجال لكل ممثل حتى يختار الدور الذي يناسبه ومع ذلك لم يسجل / القادسية / النجاح المنتظر وقد شعرت بملل لا يٌوصف عند مشاهدته على هامش مهرجان / كان / سنة 1981 رغم أن ادارة الانتاج منحت المخرج والمجموعة التقنية كل الامكانيات التي لم تتوفر لانجاز أي فيلم في المنطقة العربية .. وهذا ما وقع لفيلم ليبي بعنوان / الضوء الاخضر / سنة 1975 واشترك فيه عدد ضخم من الممثلين من مصر ولبنان وتونس وأخرجه المغربي عبد الله المصباحي وفشل الفيلم أينما عرض ويظهر ان اللعنة تطارد أي انتاج سينمائي عربي كبير لأن كل النوايا الحسنة اصطدمت بفشل أسطوري وربما لهذا السبب خيرت الشركة التونسية للإنتاج والتنمية السينمائية الاقتصار على تقديم الخدمات لشركات الإنتاج التي تصور أفلامهما بتونس.
 
  الظاهرة الصحية الوحيدة الان تتمثل في وجود عدة شركات تقوم بتصوير أفلامها في المناطق الجنوبية لتونس ولكن على حاسبها الخاص وهناك فوائد مهنية للفنيين الذين يعملون مع تلك الشركات العالمية لاكتساب مزيد من الخبرة. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى