أوسكار

«البطل» لـ أصغر فرهادي.. هل يدخل القائمة المختصرة كأفضل فيلم دولي للأوسكار الـ 94؟

طهران ـ «سينماتوغراف»

كان المخرج الإيراني أصغر فرهادي يفكر في المفهوم الكامن وراء فكرة “البطل” قبل وقت طويل من بدء صناعة الأفلام. وفي الواقع جاءت الشرارة قبل أن يعرف حتى أنه سينتج فيلماً. فعندما كان طالب مسرح شاهد مسرحية بيرتولت بريخت “غاليليو” وأثارت فكرة عن الشخص الذي يقوم بعمل جيد، ويحقق صعوداً سريعاً ثم نزولاً أسرع. ومنذ ذلك الحين شرع يفكر في هذه المسألة.

سأل فرهادي من خلال المترجم ريان فرزاد “لماذا يحتاج المجتمع إلى جعل شخص ما بطلاً؟ وعندما يصبح شخصاً ما بطلاً، يبدو أنه يطلب من الآخرين أن يكونوا مثل هذا الشخص، وهو أمر غير واقعي لأن الناس لا يمكنهم أن يعيشوا حياة شخص آخر”. وكان فرهادي متردداً في شرح الكثير. وقال “لا أريد حقاً أن أجعل الجمهور الذي لم يشاهد الفيلم بعد يدخل بأفكار مسبقة”.

وفي الفيلم يعثر رجل مسجون بسبب دين وفي إجازة قصيرة على محفظة مفقودة من العملات الذهبية التي يعتقد هو وصديقته أنها قد تحل مشاكلهما. وعندما يكتشف أنها لا تكفي لتغطية الديون يسعى إلى العثور على مالكها.

في البداية، احتُفل به. لكن التناقضات بدأت في الظهور في قصته وتحولت الأكاذيب البيضاء الصغيرة إلى مشاكل.

وأراد فرهادي أن تكون الواقعية في فيلمه “البطل” أكثر عمقا مما كانت عليه في أفلامه الأخرى واعتزم في مرحلة أولى أن يختار فقط أناسا من خارج الممثلين، غير أنه في نهاية المطاف توصل إلى مزيج من أفراد غير ممثلين وممثلين مسرحيين لا خبرة لديهم في التصوير السينمائي وعدد قليل من الممثلين السينمائيين الذين دربهم كي يكونوا كغيرهم من غير الممثلين، مثل بطله أمير جديدي.

وعن اختيار هذا الممثل في دور رحيم قال فرهادي “كنا بحاجة إلى ممثل يحظى وجهه وجسده وكل شيء فيه برضا الجمهور من الوهلة الأولى، بسبب ما يتهدد هذه الشخصية، لأنها سلبية للغاية ولا يمكنها اتخاذ قرار بمفردها، ولا يمكن أن يكون هذا محبوبا لدى الجمهور”.

وأصبح الإنتاج أكثر صعوبة أثناء جائحة كوفيد – 19، لكن ذلك يعني أنه أمكن قضاء المزيد من الوقت في التدريبات وتحسين النص والشخصيات.

وبدأ فرهادي تصوير فيلم البطل “قهرمان” بالفارسية، في وقت بدا فيه أن الإصابات بكورونا آخذة في الانخفاض، ولكن سرعان ما عادت الحالات إلى الارتفاع مرة أخرى. حتى أنه عقد اجتماعات حول الإغلاق في مناسبات متعددة، لكن طاقمه أقنعه بالاستمرار.

ومع ذلك كان على فرهادي طلب المساعدة من خبراء التأثيرات المرئية لإزالة مئات الأقنعة رقميا في بعض اللقطات. ولاقى الفيلم استحسانا واسعا، وقد رشح فرهادي مرة أخرى في السباق على جوائز الأوسكار.

وأصبح “البطل” من بين 15 فيلماً في القائمة المختصرة لأفضل فيلم دولي، ومن المرجح أن يكون في آخر خمسة أفلام تتنافس على جوائز الأوسكار في دورتها الرابعة والتسعين. وسيعلن عن الترشيحات في الثامن من فبراير الجاري.

وفاز فرهادي مرتين من قبل عن فيلم “انفصال” في العام 2012 و”البائع” في العام 2018 عندما رفض حضور حفل توزيع جوائز الأوسكار احتجاجاً على حظر السفر الذي استهدف دولا ذات غالبية مسلمة، بما في ذلك إيران.

وقبلت رائدة الفضاء الإيرانية أنوشه أنصاري الجائزة نيابة عنه في تلك الليلة، وقرأت بياناً كتبه، وقد ورد في هذا البيان “جاء غيابي احتراما لشعب بلدي وشعوب الدول الست الأخرى التي لم يحترمها القانون اللاإنساني الذي يحظر دخول المهاجرين إلى الولايات المتحدة”.

وقد يكون تمثيل إيران مسببا للمشاكل في بعض الأحيان أيضاً. وفي نوفمبر الماضي كتب المخرج الإيراني على إنستغرام أنه لا يريد أن تعتقد الحكومة الإيرانية أنه مدين لها لتقديم فيلمه لتمثيل البلاد في حفل توزيع جوائز الأوسكار. وكتب أنه إذا كان الأمر كذلك، فعليهم عكس هذا القرار.

ومع ذلك يأمل فرهادي أن يستمر في صناعة الأفلام في إيران، ويقول “ولدت وتربيت هناك. من وجهة نظر عاطفية لدي صلات بالدولة. إن مكونات عقلي الباطن من هناك. لقد تمنيت دائما أن أصنع معظم أفلامي هناك. لكنني لست متأكدا مما إذا كان الحال سيبقى هو نفسه في المستقبل”.

وأصغر فرهادي هو مخرج سينمائي وكاتب ومنتج إيراني، ولد في عام 1972 بمدينة خميني شهر الواقعة في محافظة أصفهان، وبدأ اهتمامه بالسينما منذ سنوات مراهقته، ثم حصل على البكالوريوس في الفنون الجميلة من جامعة طهران وحصل على الماجستير في التخصص نفسه من جامعة تربية مدرس.

وبدأ فرهادي العمل السينمائي سنة 1986 من خلال جمعية الشباب السينمائية في أصفهان، ومن 1986 حتى 2002 قام بصنع ستة أفلام قصيرة ومسلسلين للتلفزيون الوطني الإيراني. ولم يقتصر عمله على الإخراج وإنما تعمق في مسألة التأليف، فأغلب أعماله التي توالت بعد ذلك كانت من تأليفه.

أما عام 2002 فيعد أول بروز سينمائي له من خلال كتابة سيناريو فيلم “ارتفاعات منخفضة / ارتفاع بست”.

أما عن أهم عمل له وهو “انفصال نادر وسمين” فقد حصد الفيلم 30 جائزة من مهرجانات متعددة منها جائزة الأوسكار لأحسن فيلم غير ناطق بالإنجليزية لعام 2012، بجانب جائزة الدب الذهبي لأحسن فيلم في مهرجان برلين السينمائي الدولي، ويعد أول فيلم إيراني يحصل على الجائزتين. أما بالنسبة إلى جوائز الأداء التمثيلي في مهرجان برلين ذاته فقد كانت جائزة الدب الفضي من نصيب كل من البطل والبطلة، إضافة إلى جوائز على صعيد المونتاج والتصوير وكذلك التأليف.

ويعرف عن فرهادي أنه تبنى نقداً لاذعاً لبنية المجتمع الإيراني عبر سلسلة الأفلام المتتالية التي بدأها في سنة 2002 سواء ككاتب سيناريو أو كمخرج، لاسيما أنه ينتمي إلى بلد تتخلّله الأزمات والتناقضات على أرض الواقع، حتى أنه لا يزال يبحث عن هوية واضحة المعالم تسير به نحو المستقبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى