«الخادمة».. لغة سينمائية كورية مشبعة بالحكايات والتفاصيل
«كان» ـ عبد الستار ناجي
يذهب المخرج الكوري القدير بارك تشان ووك الى منطقة جديدة في فضاءات حرفته السينمائية بعد ان طاف في جملة من المحطات التي رسخته كواحد من القامات السينمائية الكبيرة في كوريا الجنوبية والعالم على حد سواء.
ودعونا قبيل الذهاب الى فيلمه الجديد «الخادمة ـ MADEMOISELLE» الذي عرض في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي الدولى نتوقف قليلا امام مسيرة هذا المبدع السينمائي الذي ولد في سول عام 1963.
وقد بدأ مشواره السينمائي عام 1992 بفيلم القمر هو.. والشمس الحلم ومن ابرز اعماله فيلم اولد بوي 2003 الذي اقتبسته السينما الاميركية من خلال عدة نسخ وان ظلت النسخة الاصلية تؤسس لمرحلة عالية المستوى من افلام المغامرات في السينما الكورية والعالمية.
اما فيلمه قبل الاخير هو ستوكر وقدمه عام 2013. وهو يعود من جديد الى مهرجان كان السينمائي عبر فيلمه الخادمة الذي يرتكز على نص روائي يذهب بنا الى عام 1930 حينما كانت كوريا الجنوبية تحت الاحتلال الياباني حيث نتابع حكاية سوكي كيم تاي ري التي يتم اختيارها للعمل كخادمة عند احدى الاسر اليابانية الثرية.
ويأتي اختيارها من قبل لو كونت هاي جونج يوو من أجل ان تحاول اقناع فتاة شابة تقيم مع عمها في القصر التابع للاسرة اليابانية بان ترتبط به. على ذلك الاساس تأتي الحيلة. خادمة من اسرة فقيرة تعيش على سرقة الذهب وتربية ورضاعة الاطفال الى خادمة في منزل اسرة يابانية ثرية تعيش على تقاليد صارمة. يوما بعد اخر راحت تتطور العلاقة بين الخادمة الشابة هديكو كيم مين هو من جانب ومن الجانب الاخر بين الشابة والكونت. حيث تسعى الشابة للتخلص من عمها المتسلط والذي يريدها ان تقرأ الروايات الجنسية لضيوفه من الاثرياء. كل يتحرك الى هدفه.
الخادمة من أجل تحسين ظروفها والكونت للحصول على الثروة والشابة الثرية للتخلص من عمها. الكل يلعب على الاخر. الخادمة على الكونت والشابة. وفي المقابل الكونت على الخادمة والشابة. وايضا الشابة على الخادمة والكونت. حتى اللحظة التي تتطور العلاقة بين الخادمة والشابة الى علاقة مثلية. وعبر تلك العلاقة التي تظل محاطة بالاسرار. يبادر عم الشابة الى تصفية الكونت وتتمكن الشابة من الهروب من سول الى شنغهاي برفقة صديقتها الخادمة بعد تغيير هويتها وتجميع كافة الاموال التي كان تجمعها اسرتها والكونت الكذاب.
كل تلك الاحداث تأتي ضمن احترافية سينمائية عالية المستوى ابدع في صياغتها كسيناريو الكوري بارك تشان ووك والذي قام بنفسه باخراج الفيلم. بالتعاون مع فريق عمل رائع من فريق الممثلين. وايضا مدير التصوير المقتدر شونج شونج هون بالاضافة الى الاحترافية في تصميم المشاهد التي ظلت تدور دائما في ثلاثينيات القرن الماضي.
سينما بارك تشان ووك هي سينما الاحتراف العالي الجودة. الذي يأسر المشاهد ويجعله ملتصقا بكرسيه وهو يتابع احداث هذا الفيلم الثري باللغة السينمائية المشبعة بالحكايات والتفاصيل والألوان وأيضا القيم الكبرى حتى وان اختلفنا مع بعضها الا انها تظل سينما تذهب الى المشاهد باحترام رفيع المستوى. وهي سينما نظل نترقبها ونرصدها.