إضاءات

«السجناء الزرق».. يسلط الضوء على معاناة المرضى النفسيين خلف أسوار المؤسسات العقابية

الوكالات ــ «سينماتوغراف»

بعد 12 عاماً من فيلمها الأول عن أوضاع سجن رومية في لبنان، تعود الممثلة والمخرجة زينة دكاش إلى المكان ذاته، حيث تدور أحداث فيلمها الوثائقي الجديد “السجناء الزرق”، الذي تستعرض من خلاله قضية المرضى النفسيين خلف أسوار المؤسسات العقابية.

الفيلم مدته 75 دقيقة، وهو الوثائقي الطويل الثالث لزينة عن السجون بعد “12 لبناني غاضب” في 2009 عن سجن رومية للرجال و”يوميات شهرزاد” في 2013 عن سجن بعبدا للنساء.

يكتسب الفيلم اسمه من المبنى الأزرق داخل سجن رومية الذي يضم السجناء المصابين باضطرابات نفسية وعصبية، حيث تعمل دكاش على مساعدتهم بالعلاج النفسي من خلال “المركز اللبناني للعلاج بالدراما”، وتعمل على دمجهم في أنشطة وعروض فنية ومسرحية.

جرى تصوير الفيلم على مدى ثلاث سنوات داخل سجن رومية المكتظ بالنزلاء، ويمكن من خلاله ملاحظة مدى الإهمال الذي يعانيه المرضى النفسيون الصادرة ضدهم أحكام قضائية أو الموقوفون على ذمة قضايا، حيث لا رعاية طبية ولا متابعة قضائية لأوضاعهم القانونية.

وأوضحت دكاش أن القانون اللبناني الصادر في 1943 ولا يزال سارياً ينص على أن “كل مجنون أو معتوه أو ممسوس ارتكب جرماً يبقى في السجن إلى حين الشفاء”، وهو في نظرها نص فضفاض غير ملزم بإجراء تقييم منتظم لحالات السجناء، وهو ما يبقيهم خلف الأسوار حتى يأتيهم الموت.

وقالت: “عملت داخل السجون لسنوات طويلة وصنعنا مسرحيات كثيرة، وكل هذا موثق بالفيديو والصور، لكن فكرة صنع فيلم لا تظهر سوى عندما يكون هناك شيء ملح يشدني للحكي عنه وإبرازه بشكل منفصل”.

أضافت “لاحظت أثناء العمل بعض السجناء غير المتزنين نفسياً، وعندما سألت اكتشفت أن الأحكام الصادرة ضدهم تشمل جملة (لحين الشفاء)، وعندما بحثت أكثر، وجدت أن بينهم من قضى 37 و38 عاما بالسجن، لدرجة أن بعضهم أصابه الخرف أو الألزهايمر”.

وأشارت إلى أن الأفلام والمسرحيات وغيرها من الجهود المجتمعية والمساعي الشخصية ساهمت في تحريك المياه الراكدة وتغيير ولو شيء بسيط في أوضاع السجناء وخروج بعضهم بالفعل في إطار جهود خاصة. وقالت إن هناك مشروع قانون منذ عدة سنوات بشأن أوضاع السجناء الذين يعانون من أمراض نفسية وعصبية، لكن الوضع القائم في لبنان يؤجل مناقشة كثير من القضايا.

ورغم قسوة الحياة داخل السجن، لا يخلو فيلم “السجناء الزرق” من المرح الذي يتولد من ردود الفعل التلقائية للسجناء أثناء جلسات العلاج النفسي والإعداد للأعمال المسرحية. وأكدت دكاش أنه رغم صعوبة العمل داخل سجن للرجال في البداية، واستغراق وقت طويل لاعتياد النزلاء على وجودها ومنحها ثقتهم، فإنهم فور تأكدهم من صدق نواياها ورغبتها الحقيقية في مساعدتهم أطلقوا عليها لقب “أبو علي” ليشعروا بأنها واحدة منهم.

كان فيلمها الأول “12 لبناني غاضب” قد فاز بالجائزة الأولى في مسابقة المهر العربي للأفلام الوثائقية العربية، في الدورة السادسة لمهرجان دبي السينمائي عام 2009، كما فازت وقتها عن الفيلم نفسه بجائزة ثانية هي جائزة الجمهور. واعتبر هذا الفيلم جسر عبور دكاش من عالم البرامج الكوميدية الذي اشتهرت به إلى عالم الأفلام التسجيلية داخل السجون اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى