السينما السعودية تفتح الأبواب المغلقة
بقلم: انتصار دردير
حراك ايجابى تشهده السينما السعودية فى الآونة الأخيرة، يدعو الى التفاؤل بامكانية فتح الأبواب المغلقة أمام السينمائيين السعوديين لتقديم ابداعاتهم، هذا الحراك يتمثل فى ظهور مخرجين ومخرجات يصرون على صنع سينما سعودية تعنى بقضايا بلادهم، كما بدأت أفلامهم تتواجد فى المهرجانات الكبرى وتحصد جوائز، فى الوقت الذى لاتجد فيه طريقها الى الجمهور الذى صنعت من أجله.
وتشهد مدينة الدمام حاليا اقامة مهرجان أفلام السعودية فى دورته الثالثة التى تكتسب أهمية خاصة، فى ظل مشاركة 70 فيلما صنعها 46 مخرجا سعوديا و24 مخرجة سعودية، وكان المهرجان قد توقف سبع سنوات عقب دورته الأولى ثم عاد فى العام الماضى فقط، وهاهو يشهد انطلاقة جديدة واصرار كبير على تقديم سينما وسط محاذير دينية وتقاليد مجتمعية حالت دون انتاج أفلام، ودون اقامة صالات سينما بكافة مدن السعودية، الأمر الذى جعل كثيرا من السعوديين يلجأون لاقامة عروض بمنازلهم على شاشات كبيرة بديلا عن الصالات، أو الذهاب إلي دول الجوار القريبه لمشاهدة الأفلام في صالات السينما، ويكفي أن نعرف أن صالات السينما البحرينية مثلا تعتمد على المشاهد السعودي بنسبة 98%.
كما كان الجمهور السعودى وراء ظهور أفلام المقاولات فى مصر خلال فترة الثمانينات، وهى الأفلام التى صنعت خصيصا له ليشاهدها فى المنازل ولا تعرض فى الصالات، وهو ما يؤكد قوة هذا السوق وأهميته بالنسبة للسينما السعودية خصوصا والخليجيه بشكل عام، وما يمكن أن يشكلة من نقلة كبيرة وحيوية في صناعة الأفلام في تلك المنطقة، والتي كانت إلي عهد قريب تظهر على استحياء في تجارب سينمائية قصيرة، لكن وصول فيلم المخرجة السعودية هيفاء المنصور «وجدة» الى التصفيات النهائية للأوسكار والحفاوة التى قوبل بها بعد مشاركته فى مهرجان فينسيا وفى كل المهرجانات العربية والعالمية التى شارك بها كان له الأثر الأكبر فى التأكيد على امكانية تقديم أفلام تلقى قبولا لدى الشارع السعودى، وساهم كذلك في ظهور أسماء أخرى مثل المخرجة شهد أمين التي شاركت بفيلمها «حورية وعين» في مهرجان تورنتو، والمخرجة عهد كامل الذي فاز فيلمها «حرمة» بالجائزة الذهبية في مهرجان بيروت، والمخرج محمود الصباغ الذي شارك فيلمه «بركة يقابل بركة» في دورة مهرجان برلين الأخيرة، وفاز بجائزة وحصد اعجاب السينمائيين المشاركين من كل أنحاء العالم.
والذين يتابعون عن كثب كيف يمكن أن ينتصر الابداع على كل المحاذير والتقاليد المتوارثة، يعلمون جيدا أن «السينما السعودية» حقيقة موجودة، وليست ضرباً من الخيال، وأن أرشيفها يضمّ مئات الأفلام الروائية والوثائقية والتاريخية، وأن المخرج السعودي عبد الله عبد المحيسن رائد السينما في بلاده كونه صاحب أول فيلم روائي طويل من إنتاج السعودية يحمل اسم «ظلال الصمت»، وأن النهضة السينمائية التى تشهدها السعودية خلال السنوات الأخيرة ليست من فراغ.
وفى مهرجان دبى الماضى شاركت السينما السعودية بقوة من خلال أفلام قصيرة أغلبها بتوقيع مخرجات شابات، وقد بات الوضع غريبا فهناك أفلام سعودية ولا توجد صالات للعرض، ولذلك أتمنى أن تسهم إقامة المهرجانات السينمائية في جدة والرياض والدمام، إلي تنفيذ مطلب افتتاح صالات للسينما بالسعودية، خصوصا وسط حالة الترقب والتوقعات المرتفعة من قبل جميع المهتمين بالفن السابع، وفي حالة إقرار ذلك ستكتمل صناعة السينما فى السعودية والخليج وتحقق الأفلام الخليجية ايرادات جيدة وستصبح منافسا قويا للسينما المصرية والايرانية، وبالفعل تستطيع السينما فى السعودية أن تحقق الكثير وقد بات الأمر وشيكا جدا.