السينما تهوى القصص المتعلقة بالملكية على حساب الحقائق التاريخية
ظاهرة أكدتها أفلام الدورة الـ 76 لـ «مهرجان كان» ..
كان (فرنسا) ـ «سينماتوغراف»
أظهر مهرجان كان هذا العام أن الفن السابع لا يزال يولي أهمية كبيرة للقصص المتعلقة بالملكية، من بلاط قصر فرساي إلى سلالة تيودور، وخصوصاً في ما يخص وجوهها النسائية، ولكن غالباً على حساب الحقائق التاريخية.
فالمهرجان افتُتِح في 16 مايو بفيلم “جانّ دو باري” (Jeanne du Barry) للمخرجة الفرنسية مايوين، من بطولة النجم الأميركي جوني ديب في دور الملك لويس الخامس عشر، فيما أقفل الأسبوع الأول من العروض على “فايربراند” (Firebrand) من بطولة جود لو مجسّداً شخصية المستبدّ هنري الثامن.
ولاحظت المؤرخة وكاتبة السيناريو البريطانية اليكس فون تونزيلمان أن “قصة هنري الثامن رويت مرات عدة وبطرق مختلفة.. لكن الناس يبقون فضوليين ولذا يواصل المخرجون” إنجاز افلام عن هذا الملك.
أما المخرج البرازيلي من أصل جزائري كريم عينوز الذي أقرّ بأنه لم يكن يعرف شيئاً عن سلالة تيودور قبل الشروع في “فايربراند”، فجازف بالانغماس في قصة الزوجة السادسة لهنري الثامن.
وقال إن “أسطورة العائلة المالكة الإنجليزية شائعة جداً إلى درجة ان الجميع يعرفها”.
ورأى المتخصص في شؤون الملكية ستيفان برن أن المخرجين ينجذبون غالباً إلى ما توفره هذه القصص من عناصر روائية “عن نساء ورجال عشقوا وتعذبوا وكانوا تجسيداً للإنسانية في السلطة”.
لكن هذا الهوس بقصص الملوك والمحيطين بهم غالباً ما تشوبه روايات قد لا تتسم بالدقة التاريخية ويصح وصفها بأنصاف الحقائق.
ففي “جانّ دو باري”، تتزوج محظية الملك الكونت جان دو باري بينما هي تزوجت في الواقع من شقيقه غيّوم، وهو ما أوضحت المخرجة مايوين أنها فعلته “عن قصد” توخياً لعدم إضافة شخصية جديدة.
وإذا كان أداء جود لو أحد أبرز عناصر تألق “فايربراند”، فإن نهاية الفيلم التي تتناول ظروف وفاة هنري الثامن أحدثت صدمة لدى النقاد.
ولاحظت مجلة “فرايتي” أن “هذا المشهد خيال خالص وإعادة كتابة لإرث كاثرين بار (أليسيا فيكاندر) لا يولي اعتباراً للوقائع”.
أما صحيفة “ذي غارديان” فرأت هي الأخرى أن الفيلم “يخترع صداقة بين كاثرين والداعية البروتستانتية الهرطقية آن أسكو”. وعلّقت بأنه “تاريخ مزيف”.
إلا أن أكثر ما هو مهين في نظر الصحيفة البريطانية هو التأكيد في الفيلم على أن “لا الرجال ولا الحروب طبعت” عهد ابنة هنري الثامن إليزابيث الأولى مع أنها واجهت الأسطول الإسباني الذي لا يقهر.
وتكثر في الأفلام التاريخية الأمثلة على الخروج عن الرواية المعتمدة.
ففي فيلم “ماري أنطوانيت” الذي كتبته صوفيا كوبولا، “قيل إن كونتيسة لا بروفانس على وشك أن تضع، علماً أن المسكينة كانت لتفرح كثيراً بأن تُرزق طفلاً لكنها لم تنجب قط، بل إن شقيقتها كونتيسة أرتوا هي التي أنجبت” بحسب ستيفان برن.
وما هو مؤكد هو أن هذه الأفلام التاريخية الطابع غالباً ما تكون مشبعة بالحداثة.
ولاحظت أليكس فون تونزيلمان أن “كثرة الأفلام الروائية التاريخية التي برزت في الآونة الأخيرة تتمحور على نساء هنّ شخصياتها الرئيسية”، من “ماري أنطوانيت” لكوبولا إلى “جانّ دو باري”، مروراً بفيلم لمايوين “ذي داتشِس” و”ذي فايفوريت” و”ماري ستيورات”، ملكة اسكوتلندا.
وأضافت “نرى فيها الكثير من الجوانب التي تتعلق بالنسوية أو المثلية أو مناهضة العنصرية، وهو ما يعكس هوساً حالياً”.
وقال ستيفان برن “لقد كتبت النساء التاريخ ولكن نادراً ما يحظين بالتقدير المناسب. إذا أعطيناهن مكانتهن من خلال السينما، هذا ليس سيئاً”.