بلاتوهات

الشيخة جواهر بنت عبدالله القاسمي تكتب: «الشارقة السينمائي للطفل».. حكايات جديدة للحياة

 

بقلم: الشيخة جواهر القاسمي   

مع تطور الفنون البشرية وزيادة الوعي الإنساني بضرورة وجود طريقة لتفسير الجمال، وصياغة حالة جديدة أكثر رقيّاً للتعبير، جاءت السينما لتثبت نفسها كواحدة من أبرز الابتكارات الإنسانية شمولية، فهي التي استطاعت أن تجمع الصورة، والصوت، والحركة، واللغة في قالب جمالي واحد، وهي التي نجحت في طرح توليفة متجانسة عبر إيماءات، أو لغة جسدية، أو من خلال موسيقى، أو حتى بالصمت نفسه.

عبر هذا الإيمان الواضح بالدور الكبير الذي تلعبه السينما في صياغة مفاهيم وجدانية جديدة، وإرساء دعائم فكرية أكثر رحابة في نفوس الناشئة الجديدة، خصصنا في مؤسسة (فن) مجالاً حيّوياً يمكّننا من مخاطبة الأطفال والناشئة واستهداف مداركهم، وأفكارهم، لنرسّخ لديهم تجربة وعي جديدة، ونرسم لهم آفاقاً أكثر إبداعاً.

تتجسد رؤية المؤسسة وما تنهض به من دور فيما يطرحه مهرجان الشارقة السينمائي الدولي للطفل عاماً تلو آخر، إذ اختار أن تكون السينما فناً لحمل رسالة المحبة والسلام، وفتح أفق الطفل الإماراتي والعربي على مختلف ثقافات العالم، مؤكداً على رؤية الشارقة التي حولت الفعل الجمالي والمعرفي والإبداعي إلى لغة خطاب ترتقي بالأجيال الجديدة وتمكّن دورهم وحضورها عربياً ودولياً.

منذ تأسيسه في العام  2013، هيأ “الشارقة السينمائي للطفل” طريقه نحو إيجاد جيلٍ صانعِ للجمال وحامل لرسالته، إذ فرض لنفسه مكانة مرموقة بين الأحداث السينمائية المحلية والعربية، فباتت ريادته تحسب كأول مهرجان متخصص للأطفال في العالم العربي.

كشف المهرجان عن هويته كحدث فني فارق، من خلال تخصيص حزمة واعدة من المواضيع السينمائية التي تتناسب مع الأطفال، وطبيعة تفكيرهم، بالاستناد إلى جملة من المعايير الواضحة، وعمل على استقطاب أسماء بارزة في “الفن السابع” من مخرجين، وكتّاب، وصنّاع أفلام، ليضعوا نتاجاتهم الفنية بين أيدي الصغار، متطلعين إلى عيون تتابع عن كثب، وشغف، أحداثاً جمالية يبحرون في مضامينها ويترقبون تفاصيلها.

باستقطابه لتلك الأسماء، مضى المهرجان في تأكيد حضوره على صعيد بناء شخصيات الأطفال وتوجيه انتباههم نحو آليات عمل السينما، وطرق صناعتها، ليطّوّر من مهاراتهم ويصقلها، ويدفعها بثقة نحو حرفة العمل السينمائي، إذ حرص المهرجان على تنظيم سلسلة من الدورات وورش العمل المخصصة للصغار، ليكون بمقدورهم إنتاج أفلامهم الخاصة في المستقبل.

ولقد ترجم المهرجان، ومن قبله المؤسسة، رؤى وتجلّيات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وقرينته سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيس المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، اللذان يؤمنان بأن المكوّن الأساسي لنهضة الشعوب والمجتمعات تكمن في الفنّ، والعلم، والإيمان الواثق بطاقات الجيل الجديد، والحرص على تعزيزها، وتثبيت دعائم الإبداع في داخلها، لتكون جديرة في المستقبل وقيادة دفّة الابتكار.                                                                                                                                                   

وفي كل يوم، نرسم ملامح صغيرة تتشكّل أمامنا، كبيرة بطاقاتها وأحلامها، يغمرها شغف الإبحار بعيداً في الصورة، والكلمة، والمخيّلة، صورة لأطفال يحملون راية الجمال، فظل هدفنا أن نبني لأطفالنا منارة وضّاءة، عالية، تمكنهم من مراقبة أحلامهم وتطلعاتهم.. وليكون بمقدورهم، يوماً ما، وضع حكاية جديدة للحياة.

 

* مدير مؤسسة (فن) ومهرجان الشارقة السينمائي الدولي للطفل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى