المخرجة أمل رمسيس تتحدث في «كايرو فيلم فاكتوري» عن صناعة فيلم تسجيلي بميزانية محدودة
القاهرة ـ «سينماتوغراف»
استضافت “كايرو فيلم فاكتوري”، المخرجة المصرية أمل رمسيس في لقاء بعنوان “كيف تصنع فيلمك التسجيلي الإبداعي بميزانية محدودة”، وأدار الحوار الناقد السينمائي محمد سيد عبد الرحيم، وتضمنت الجلسة نقاشًا حول تجربتها في الإخراج، والإنتاج، والتدريب على صناعة الأفلام، ورؤيتها حول الفيلم التسجيلي الإبداعي.
وقالت رمسيس أن الفيلم التسجيلي الإبداعي ليس اختراعًا جديدًا، بل يمتد تاريخ وجوده إلى العشرينيات من القرن الماضي، فعلى سبيل المثال فيلم “الرجل والكاميرا” للمخرج دزيجا فيرتوف عام 1929 هو بمعنى ما فيلم تسجيلي إبداعي، لأنه ينقل الواقع من وجهة نظر المخرج وبأسلوب جديد وغير مسبوق في حينها.
وأضافت رمسيس أن هناك كذبة كبيرة تم تكريسها وهي أن الفيلم التسجيلي ينقل الواقع وأن هناك واقع واحد يجب أن يفرض على كل الجمهور، لكن في الحقيقة لا وجود للواقع المحايد، فالواقع من وجهة نظر كل صانع أفلام يختلف عن الآخر.
وقالت رمسيس، إن الفيلم التسجيلي الإبداعي لا يدعي أنه ينقل الواقع وإنما هو تعبير عن وجهة نظر صانعه، فكأنه دعوة للجمهور لمشاركة صانع الفيلم زاوية الرؤية.
وأضافت أن الفيلم التسجيلي الإبداعي يتميز أيضًا بأنه يعكس محاولات صانع الأفلام التجريب في أساليب مختلفة للتعبير عن فكرته وهو ما يجعل كل فيلم تجربة فريدة تجمع بين الواقع والخيال، مشيرة إلى أنه لا أهمية للحدود بين الواقع والخيال في الفيلم التسجيلي الإبداعي.
وأشارت رمسيس إلى أن مهرجان القاهرة الدولي لسينما المرأة الذي كانت تنظمه على مدى سنوات في القاهرة، لم يكن يتضمن برنامجًا منفصلًا للأفلام الروائية وآخر للأفلام التسجيلية، وقالت “هذا يعكس موقفي تجاه الأفلام وهي أنها تدعو المشاهد لاكتشاف مساحات تتماس معه ومع خياله وأفكاره وتفتح في ذهنه آفاق جديدة بصرف النظر عن المسميات”.
وأشارت أمل إلى أنه بهذا المعنى فإن أهم مخرجين السينما التسجيلية على مدى تاريخ السينما المصرية صنعوا أفلام تسجيلية إبداعية تحمل رؤيتهم للعالم وتعكس شغفهم بالتجريب في الشكل والأسلوب للتعبير عن رؤيتهم.
وفيما يتعلق بإنتاج الفيلم التسجيلي أشارت أمل إلى أن التمويل لا ينبغي أن يكون عقبة أمام صانع الفيلم لأن الأفلام التسجيلية لا تتكلف ميزانيات ضخمة، وقالت “هناك خدعة كبيرة يتم الترويج لها وهي أن الأفلام التسجيلية لا يمكن إنجازها بأقل من 250 ألف يورو وهي أرقام مبالغ فيها ومعرقلة”.
وأضافت أمل رمسيس أنها صنعت فيلمها “ممنوع” بدون أي دعم محلي أو خارجي لأنها كانت ترغب في التعبير عن رؤيتها بحرية من دون أي ضغوط إنتاجية. إلا أنها أشارت إلى أنها ليست ضد دعم الأفلام، ففيلمها الأخير “تأتون من بعيد” حصل على دعم من جهات مختلفة ومع ذلك فإن الدعم الذي حصل عليه لم يتجاوز الـ60 الف يورو احتاج إليها الفيلم لأنه تطلب السفر إلى عدة دول وشراء حقوق استخدام الارشيف.
وواصلت: لم تكن تلك هي التكلفة الفعلية للفيلم، لأن الجهد البحثي ومعظم التصوير والمونتاج قمت به بنفسي بالإضافة إلى تعاون فريق مؤمن بالمشروع، والحقيقة أن صانع الأفلام عندما يكون مدفوعًا برغبة حقيقية في تنفيذ فيلمه، ولديه رؤية واضحة لما يريده من الفيلم، ويدرك جيدًا ما العناصر التي يحتاجها لصناعة فيلمه، فضلًا عن وجود فريق يشاركه الإيمان بالمشروع، فلن يكون الدعم بأي حال عقبه أمام تنفيذ الأفلام.
من جهته أشار الناقد محمد سيد عبد الرحيم إلى أن أمل رمسيس من صناع الأفلام المتميزين في مصر، سواء في مجال صناعة الأفلام من خلال أفلامها التي تحمل رؤية محددة سواء في المضمون أو الشكل أو من خلال دورها الفاعل في تدريب العشرات على صناعة أفلام تجمع بين الرؤية الخاصة تجاه العالم وبين التجريب في الأسلوب من خلال ورشة الفيلم التسجيلي الإبداعي التي أسستها قبل خمس سنوات، بالإضافة إلى جهودها في نشر الثقافة السينمائية من خلال عروض الأفلام في قافلة بين سينمائيات التي أسستها عام 2008 أو من خلال مهرجان القاهرة الدولي لسينما المرأة الذي كانت تنظمه لسنوات.
وأضاف عبد الرحيم: أمل رمسيس بهذا المعنى هي ناشطة سينمائية لا تكتفي بالتعبير عن رؤيتها من خلال إخراج أفلامها بل تلعب دورًا فاعلًا في صناعة السينما من خلال دعم صناع الأفلام وأيضًا من خلال خلق ذائقة سينمائية مغايرة” .
ومن جهتها أشارت المخرجة ناهد نصر مؤسسة “كايرو فيلم فاكتوري” إلى أن استضافة المخرجة أمل رمسيس هو جزء من مواصلة العمل على ربط صناع الأفلام على أول الطريق بالمحترفين، وهو ما يمثل إضافة عملية ومهمة يحتاجها المشهد السينمائي. وقالت “تبادل الخبرات والتجارب التي تتم على أرض الواقع وفتح المجال للتساؤلات والمناقشات أمر حيوي للربط بين صناع الأفلام وضروري لتطورهم”. مشيرة إلى أن اللقاء هو جزء من سلسلة لقاءات تنظمها “كايرو فيلم فاكتوري” والتي تهدف إلى مشاركة الخبرات والتجارب والدعم بين مجموعة متنوعة من الفنانين البصريين وصناع الأفلام، بهدف استكشاف التحديات والبدائل في صناعة الأفلام.
يذكر أن المخرجة أمل رمسيس التي درست الحقوق بجامعة القاهرة، قبل أن تنتقل إلى دراسة المونتاج والإخراج السينمائي في مدريد تتمتع بخبرة واسعة في مجال إنتاج وإخراج وتطوير الأفلام التسجيلية، بالإضافة إلى التدريب على صناعة الأفلام.
حصل فيلمها تأتون من بعيد (2018) على التانيت الفضي من مهرجان قرطاج، وعلى جائزتي لجنة اتحاد نقاد السينما الإفريقية، ولجنة النقاد الدوليين الفيبريسى من مهرجان الإسماعيلية السينمائي الدولي للفيلم التسجيلي والقصير.
وحاز فيلمها ممنوع (2011)، على عدة جوائز مرموقة من بينها جائزة الجمهور لأفضل فيلم وثائقي طويل في مهرجان Drac Magic، وجائزة أفضل فيلم في مهرجان الفيلم العربي في روتردام.