إضاءات

المخرج سعد العصامي : نحتاج إلى منتج عراقي مُحترف ومُثقّف سينمائياً

فيلمه «آخر السعاة» يعرض في «جنيف» بعد «أفلام السعودية» ..

 

الدمام ـ خاص «سينماتوغراف»

يواصل الفيلم العراقي الطويل «آخر السعاة» رحلته مع المهرجانات السينمائية حول العالم، بعد أن حقق نجاحاً كبيراً بعد فوزه بجائزة «أفضل تمثيل» لبطله رائد محسن في مهرجان «سينمانا» الذي أقيم بسلطنة عمان، كما عرض في «مهرجان كرامة لحقوق الإنسان» الذي أقيم في تونس، فيما ينتظر الجمهور السعودي عرضه من خلال مشاركته في المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة لمهرجان أفلام السعودية بدورته التاسعة، وبعدها يتجه إلى مهرجان جنيف السينمائي في سويسرا.

مخرج الفيلم سعد العصامي، درس الإخراج في «كلية الفنون الجميلة» بجامعة بغداد. لاحقاً، درس الصحافة في «كلية الآداب». له أفلام روائية قصيرة، شاركت في مهرجانات سينمائية دولية مختلفة، وحاز بعضها على جوائز عدّة. آخر أفلامه كان بعنوان «الشيخ نويل» من إنتاج عام 2022 و تم تصويره خلال فترة الإغلاق التام بسبب تفشي جائحة كورونا.

تحدّث العصامي لـ «سينماتوغراف» عن فيلمه «آخر السعاة» وموضوعه، فقال إنّه كتَبَه بالإشتراك مع السيناريست العراقي ولاء المانع، وتمّ تطوير السيناريو مع نقّادٍ سينمائيين.

تدور أحداثه حول ساعي بريد يُدعى أيوب، يعمل في منطقة ريفية، ثمّ يُفصَل من الوظيفة بعد أنْ توقّف الناس عن إرسال الرسائل البريدية، بسبب تطوّر وسائل الاتصال، إذْ قَضَت شركات الاتصال على هذه الخدمة؛ وبسبب استيلاء أحد المالكين على أرضه، فتبدأ رحلته في الحصول على أرضٍ، يستطيع أنْ يُشيّد عليها بيتاً يؤوي عائلته. لكن «الرياح تجري بما لا تشتهي السفن».

يشير العصامي إلى أنّ الخطوط الرئيسية في الفيلم مستوحاة من قصّة ساعي البريد الفرنسي، جوزف فردينان شوفال، الذي أمضى أكثر من 30 عاماً في تشييد منزله، جاعلاً إياه تحفة معمارية في قلب المدينة الفرنسية «لا دروم».

وعن الأسلوب المتّبع في تنفيذ الفيلم، قال العصامي إنّ السيناريو«هجين»، يقع بين الواقعية الإيطالية والموجة الفرنسية الجديدة؛ وإنّه مثلٌ حيّ على «سينما المؤلّف»، لهذا، سيجد البعض أنّ خطاب الفيلم قاسٍ في طرحه تساؤلات عمّا تودّ تفسيره شخصيات الفيلم: «هذا واجب السينما. السيناريو الجيد يُشير إلى أيّ خطر، كي ينتبه إليه المجتمع، وإلى أنّ الإنسان هو الأهمّ في معادلة الحياة».

ويتابع : هذا نوع سينمائيّ، يُعتَبر صرخةً صريحة لكسر تابوهات تفرضها قيم عشائرية وعنصرية، واستشراء الفساد في هذا الزمن. أسلوب الاشتغال يعتمد على لقطات متوسّطة الطول، وتوظيف الكاميرا، التي قادها مدير التصوير محمد جواد، وفق احتمالية جمالية بصرية، محاولاً تقديم كوادر سينمائية مثيرة للاهتمام، تعكس ملامح الشخصيات من خلال الاشتغال على المضمون، بالقيمة نفسها للعناصر التشكيلية.

وأضاف : بما أنّ السيناريو مكتوب بأسلوب الواقعية الإيطالية، لم تُستَخدم الديكورات، ولم يتمّ التصوير في الاستديو، بل في أماكن واقعية، وهذا كلّفنا تحضير مواقع كثيرة، لجعلها تناسب زمن الفيلم.

شارك في الفيلم ممثّلون عراقيون عديدون، يقول سعد العصامي، ويسترسل: «اشترك نجوم كبار، لهم حضور لافت للانتباه في العراق. البطولة لرائد محسن في دور أيوب، الذي قدّم أداءً عالياً. شاركته الفنانة الجميلة أيار عزيز خيون، التي أدّت دور بلقيس، زوجته. إنّه الظهور الأول لها أمام الكاميرا. بالإضافة إلى مقداد عبد الرضا وأياد الطائي، وعدد كبير من الممثلين العراقيين».

الجهة المنتجة للفيلم تتمثّل بقنوات «كربلاء الفضائية»، والفيلم أول روائيّ طويل تُنتجته المجموعة، بعد إنتاجها أفلاماً قصيرة عدّة، نالت جوائز في مهرجانات عدّة في العالم، «أشاد بها نقّاد سينمائيون ومهتّمون بالسينما». كما ساهمت «شركة عراق سيل للاتصالات» بدعمه في مرحلة الإنتاج.

وحول رأيه في المشهد السينمائي العراقي، وأبرز المعوقات التي يواجهها، قال: «للعراق تاريخ سينمائي عريق. لكنّ منجزاته السينمائية قليلة. هذا عائدٌ الى الوضع السياسي المتقلّب للبلد، خاصة في زمن النظام السابق، إذْ تمّ هدم البنية التحتية السينمائية بشكل كامل، وأصبح إنتاج الأفلام مُقتصراً على بعض المخرجين الموالين للنظام الحاكم».

أضاف العصامي: «بعد سقوط النظام، انتظرنا الفرصة التي جاءت متأخرة، عبر مشاريع بغداد عاصمة الثقافة، التي كان يُمكنها أنْ تكون فرصة ذهبية للنهوض بالسينما العراقية. لكنّ أحلامنا ماتت، عندما شاهدنا العجب العجاب».

ويتابع: «في العراق، هناك غيابٌ للدعم الحكومي وللمنتج المحلي. لهذا، أصبحت صناعة السينما مهمّة شبه مستحيلة، وعجلة السينما لا تزال تسير ببطء، لأنّ غالبية المخرجين تريد الربح من الدولة، من دون الخوض في شبّاك التذاكر، وتحقيق أرباح مشروعة عبر عرض الأفلام على الجمهور. السينما في العراق تحتاج إلى منتج خاص، مُحترف ومُثقّف سينمائياً، يستطيع دفع فيلمه في السوق العربية والمحلية، لتحقيق الربح المنشود، وبالتالي يصبح لدينا اقتصاد سينمائي».

ويستدرك العصامي، قائلاً : «يجب أنْ تساهم الدولة في منح قروض تجارية بفوائد ميسرة، لدعم الشباب وصنّاع الأفلام، بهدف تحقيق أفلامٍ روائية طويلة ودعمها، كما تفعل دول الخليج، التي تُساهم في صنعها». ويختتم إنّ هذا المشروع «ليس صعباً، إذا تبنّته نقابة الفنانين العراقيين مثلاً».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى