بالصور: حكايات ومواقف وأسرار«صانع البهجة».. فى ندوة «القاهرة السينمائي»
القاهرة ـ «سينماتوغراف»: انتصار دردير
أقيمت اليوم الاحتفالية التى نظمها مهرجان القاهرة السينمائي الدولي برعاية نقابة المهن التمثيلية تحت عنوان “صانع البهجة” احتفاءً بالنجم الكبير الراحل محمود عبد العزيز، فى المسرح المكشوف بدار الأوبرا المصرية بحضور عدد من نجوم الفن، وأدارها الناقد الفني طارق الشناوي، وبدأت الندوة بالوقوف دقيقة حدادا على روح النجم الراحل.
وجاء على رأس الحضور، الفنان أشرف زكى، نقيب الممثلين، والنجمة إلهام شاهين، والفنانة بشرى، ورئس الرقابة الدكتور خالد عبد الجليل، وماجدة واصف، شريف رزق الله، جيهان قمرى، سلمى غريب، والمخرج شريف مندور، الاب بطرس دانيال مدير المركز الكاثوليكي للسينما، أيمن عزب، المنتج محسن علم الدين، والسورى جهاد سعد، والمخرج الفلسطينى رشيد مشهرواى، والمخرج مجدى أبو عميرة، محمد متولى.
وفي بداية الندوة قال طارق الشناوي: إن الساحر منحنا البهجة ومازال يمنحنا عبر أعماله، رغم سكون جسده فإنه حي يرزق على الشاشات. وأضاف: “قلت ذات مرة ان الحداد لا يليق بمحمود عبد العزيز، واقصد حداد الدموع والاحزان، اذ لا اتصور انه يريد دموع او احزان، وحبنما قررت اسرة محمود عمل العزاء يوم الاربعاء لان افتتاح المهرجان كان يوم الثلاثاء، ويقيني انه قرار محمود وليس الاسرة ليستمر في عطائه وبهجته للناس”.
وأشار الشناوي إلى أنه بعد أن تألق الراحل في مسلسله الشهير “رافت الهجان” كان الشباب يقومون بتقليده في مظهره وملابسه، وبسبب هذا النجاح كان محمود مترددا بشأن الخطوة التليفزيونية التالية حتى اقتنع بسيناريو مسلسل “محمود المصري” الذي كتبه الدكتور مدحت العدل وأخرجه مجدي أبو عميرة.
ووجه الفنان أشرف زكي الشكر لمهرجان القاهرة السينمائي على سرعة استجابته لتكريم النجم الراحل محمود عبد العزيز، مؤكدا أنه رأى في عزائه مصر بكل طوائفها، وأكد أن رجال المخابرات حرصوا علي حضور الجنازة والعزاء وقال أحد أفرادها له، إن هذا الاهتمام لأن محمود عبد العزيز فنان عظيم، استطاع أن يوضح طبيعة عمل المخابرات البطولي والجهد الذي يبذلونه للشعب ، مشيرا إلى أن محافظ الجيزة طلب منه اختيار شارع أو ميدان لتسميته باسم الساحر.
وعاتب الفنان الدولة علي عدم تعزيتها رسميا في محمود عبد العزيز قائلا: “يظهر أن الفنان مش في اجندة الدولة”، وتقام الندوة تخليدًا لاسم الساحر، ويدور النقاش خلالها حول أعماله السينمائية والدرامية وقيمته الفنية ومواهبه المتنوعة، وما قدمه للفن من أعمال خالدة ورسالته تجاه الفن.
وكشف المخرج مجدي أبو عميرة عن سبب بكاء محمود عبد العزيز على أبواب ماسبيرو، قائلا “إنه كان يبحث وهو طالب عن عمل، ولم يجد اهتماما من أحد، وبعد حضوره إحدى البروفات في ماسبيرو وقف على بابه وهو يبكى إلى أن رأى الفنانة نورا واشتكي لها مما حدث ثم سافر للإسكندرية، وبعد شهرين طلب المخرج نور الدمرداش مشاركته في إحدى المسرحيات ثم جاءت له فرصة “الدوامة” التي انطلق من بعدها”. وأشار مجدي أبو عميرة إلى أن محمود عبد العزيز فنان عظيم فنيا وإنسانيا، وكان مترددا بعد نجاح مسلسل “رأفت الهجان” في عمل المسلسلات إلى أن وجد نصا قويا لمدحت العدل وهو محمود المصري ووافق عليه.
وقال الأب بطرس دانيال، رئيس المركز الكاثوليكي المصري للسينما، إن الفنان محمود عبد العزيز رغم رحيله فإنه ما زال حي بيننا، مضيفًا: “هناك ناس أموات على الأرض أحياء بيننا”.
وذكر الأب دانيال، أنه التقى بمحمود عبد العزيز أكثر من مرة، منها تكريمه في المركز الكاثوليكي المصري للسينما عام 2010، وتم الاحتفال وقتها بعيد ميلاده أيضًا. وأضاف أنه التقى به أثناء تصوير أحد مشاهد فيلم “ليلة البيبي دول” داخل المركز، ووقتها وجه بطرس له عتابًا لأنه يرسل له رسائل تهاني عديدة، لكن عبد العزيز لا يرد عليه، وعلق الساحر: “معلش نفسيتي وحشة، فقد ربتني والدتي على محبة كل الناس بمختلف دياناتهم أو جنسياتهم دون تمييز، لكن هذه الفترة أجد الناس لا تتعامل بهذا المنطق”.
وأشار الأب دانيال إلى أن جلسة الفضفضة هذه استغرقت نحو ساعة تقريبًا، انتهت بإرساله رسالة مميزة لمحمود عبد العزيز أكد له الأخير بأنه لن يمسحها من هاتفه وهي: “تعالوا إلي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم”.
وقال الفنان سمير صبرى، خلال ندوة “صانع البهجة”، إن ما جمعه بالساحر محمود عبد العزيز حبهما للإسكندرية، وعشقهما للبحر وحبهما للسمك المشوى والفن، مشيرا إلى أن علاقته به صداقة طويلة جدا، لافتا إلى أنه سافر معه منذ عدة سنوات إلى باريس عندما شك فى إصابته بسرطان فى المعدة، وقال له: ” لو مارجعتش يا سمير خليهم يدفنونى فى إسكندرية ويروشوا على قبري ميه بحر”، مضيفا: “بعد إجراء العملية دخلت له وقال لى الظاهر مش هيرشوا الميه الملحة قريب، اتأجلت”، وبعد خروجه من المستشفى مشينا فى شوارع باريس نتثفف هناك و”نرطن” بالفرنسية، مضيفا: “أتمنى من أبنائه رش مياه البحر على قبره حسب طلبه من 20 سنة”. وأوضح صبرى أنه فى حياته العادية، كان أبا عظيما وإنسانا جميلا وطيبا، ولا يستطيع أن يكره أحدا، وإسكندرانيا جدع جدا.
وتابع صبرى: “فى فيلم إبرهيم الأبيض اتصدم لحذف الكثير من مشاهده”، مؤكدا أنهما خرجا لتناول العشاء فى مطعم سمك، وقال له: “المخرج له رؤية فى حذف مشاهدك ولا تنظر لها على أنهم قللوا دورك لحساب أحمد السقا”، لافتا إلى أنه أطلق ذقنه قبلها بعدة أشهر ليحس بتفاصيل شخصية عبد الملك زرزور التى جسدها فى العمل، مؤكدا أنه غضب وقال له “لن أقدم سينما تانى”.
وتطرقت الفنانة إلهام شاهين لعلاقتها لمحمود عبد العزيز، موضحة: جمعتنى به حياة فنية وإنسانية جميلة فمثلت معه وأنا فى السنة الثانية من المعهد فى فيلم “العار” وبعدها البرىء” وكنت محظوظة بالعمل معه فى صغرى، وبعد ذلك التقينا فى أفلام “دنيا عبد الجبار” و”سوق المتعة” و”هارمونيكا” و”الجنتل”، فهذا يعنى أن عمرى الفنى كله قضيته معه، ونفس الأمر إنسانيا لأنه متزوج من صديقتى المقربة وأختى الإعلامية بوسى شلبى.
وروت إلهام شاهين عن موقف حدث بينهما اختلاف بسببه، وقالت: أثناء تصوير فيلم “دنيا عبد الجبار”، وارتديت فى أحد المشاهد فستان، فغضب وطلب تغييره رغم أن المشهد لم يتطلب ما يقوله، ولكنه كان متقمصا لشخصية عبد الجبار الذى لا يريد من زوجته دنيا ارتداء هذه الملابس، واختلفنا ولكن فى اليوم التالى نفذت ما طلبه بكل سعادة، فهو شخصية متفردة فى التمثيل ومن أقوى الفنانين فى تاريخ السينما المصرية”.
وقال المخرج سمير سيف، إن علاقته بالراحل محمود عبد العزيز، بدأت منذ أن التقاه صدفة في اتحاد الإذاعة والتليفزيون “ماسبيرو”، حينما كان مساعد مخرج لحسن الإمام، وأثمرت هذه الصداقة عن تلازمنا في أعماله الفنية. وأضاف: “علاقتنا أثمرت في البداية عن فيلم المتوحشة، الذي أدى بطولته مع النجمة الراحلة سعاد حسني، إذ كان المرشح الأول له، في فترة السبعينات، وفي أواسط الثمانينات قدمنا مسلسل البشاير مع مديحة كامل، وفي التسعينات قدمنا فيلم سوق المتعة، الذي عرض في المهرجان، ونال عنه محمود جائزة أحسن ممثل، وخلال هذه العقود تأكدت وتوطدت علاقتنا”. وأشاد به على المستوى الفني، حيث وصفه بـ”المحترف”، وأنه كان ينشر البهجة بخفة ظله بين كل الموجودين في التصوير، وكشف عن سر حب الناس لـ”عبد العزيز”، وهو “أنه لم يكن مؤذيًا إنما محبًا للجميع، فلم تكن له خصومة مع أحد، ولم يضع أحدًا في موقف سيء”.
وأكد المنتج محسن علم الدين أن الصدفة من ضمن العوامل التي قد تدفع بالفنان ليصبح واحدًا من النجوم، وهو ما حدث مع الفنان محمود عبد العزيز، إذ كان مقررا أن يقدم النجم حسين فهمي فيلم “حتى آخر العمر” عام 1975، لكن الأخير طلب أجرا عاليا، وهو الأمر الذي دفع المنتج رمسيس نجيب لاستبعاده، حتى وقع الاختيار على محمود عبد العزيز، ليوضع من خلال هذا العمل في صفوف النجوم. وأشار إلى أنه بعد الفيلم تعاون معه في عملين تاليين هما “وادي الذكريات” مع شادية، و”يا عزيزي كلنا لصوص” مع ليلى علوي.
ورغم أن الفنانة بشرى لم تلتق الفنان محمود عبد العزيز في أي عمل فني قبل رحيله، إلا أنها كانت تطمح لذلك، حتى أن مسلسله قبل الأخير وهو “جبل الحلال” كانت ستجتمع به فيه، لكن “محصلش نصيب”، على حد قولها.
وتعتبر بشرى أن تاريخ الفنان في كواليس التصوير أهم من إطلالاته على الشاشة، وروت أنه خلال تصوير الفنان الراحل لفيلمه الشهير “الساحر” كان التصوير يتأخر بعض الوقت، ومع ذلك فإنه كان صبورًا، كما أخبرتها المخرجة كاملة أبو ذكري، والتي تقدم له اعتذارا بسبب هذا التأخير، لكنه يرد “هاتولي لب وسوداني بس ومتشيلوش همي”.
وأضافت بشرى: عمرنا ما سمعنا عن النجم محمود عبد العزيز خناقة مع زملائه، حتى الخلافات التي عرضتها وسائل الاعلام بعد رحيله على الشاشة، لم نستمع لها وقتها كجمهور، وهو ما يكشف تحضره ورقيه، وهي الرسالة التي يقدمها لنا وكل أبناء جيله للجيل الجيد من الفنانين.
وأوضح الممثل القدير محمد متولي إلي أنه التقى محمود في فيلم “الطوفان”، ومسلسل “شجرة اللبلاب”، مشيرًا إلى أن كواليس العمل معه كانت مميزة، وروى أنه كان خلال تواجده في الفندق حينما ينتهي التصوير كان يسيطر على الأجواء بخفة ظله، إلى أن اقترح عليه متولي تقديم أعمال كوميدية، مشيدا باحترامه للكبير والصغير في موقع التصوير، وحبه للخير، واختتم حديثه قائلًا “ترك فراغًا كبيرًا لكنه موجود بروحه وبأعماله”.