تونس ـ «سينماتوغراف»: انتصار دردير
مبادرة خاصة تقوم بها أيام قرطاج السينمائية للعام التالي علي التوالي وهي عرض بعض أفلام المهرجان داخل السجون المختلفة، وعلي مدي أيام قرطاج يتم عرض فيلم داخل أحد السجون داخل تونس، ويدعو المهرجان الاعلاميين من كل انحاء العالم لرصد هذه التجربة، بشرط عدم تصوير وجوه السجناء خلال اللقاء.
واليوم كان الموعد مع ًعرض فيلم الافتتاح “زهرة حلب” بطولة هند صبري للعرض داخل سجن النساء بسوسة، وفي حضور الفنان محمود حميدة والفنانة هند صبري وثلاثين اعلاميا وسجينات سوسة، وكان في استقبال الوفد مدير السجن وكبار الضباط انطلاقا من ايمانهم بأهمية الفنون، وعبر الفنان محمود حميدة عن سعادته بحضور هذه الزيارة حيث استقبلته السجينات بالتصيق والاعجاب وتحدث الي السجينات قائلا هي المرة الاولي التي ادخل فيها سجنا بعد ان صرت ممثلا لكني دخلته من قبل ايام الشقاوة والمشاحنات، ولدينا مثلا مصريا يقول ياما في الحبس مظاليم، وعموما هي فترة ستتجاوزنها بالتأكيد، وقالت هند صبري انني موجودة بينكم كمواطنة تونسية ونحن بدأنا عهدا جديدا لا اقصاء فيه لاحد ويسعدني عرض فيلمي “زهرة حلب”، وسيكون لدينا الوقت لاعرف ارائكم بعد عرض الفيلم.
وبدأ عرض الفيلم وسط هدوء تام من السجينات من كافة الاعمار والثقافات واللاتي تفاعلن معه ومع مشهد النهاية الذي تقتل فيه البطلة صارت همهمات بينهن، وهن يتحسرن علي موت البطلة، وعقب العرض وقفت هند صبري والممثل محمد علي بن جمعة الذي يشارك في بطولة الفيلم للاستماع الي اراء السجينات، بينما غاب عن الحضور المخرج رضا الباهي.
وقالت هند صبري لهن ان الفيلم تكريم للمرأة التونسية. وتقدير لدورها المهم، فهي لم تشأ ان تضع يدها علي خدها وتستسلم لاختطاف ابنها بل ضحت بنفسها لاجل ابنها، فالأم هي كل شئ، وموت البطلة لا يعني غياب الامل ولفتت احدي السجينات الشابات النظر اليها بثقافتها ووعيها حين شكرن اتاحة الفرصة لهن لمشاهدة الفيلم قبل عرضه في السينمات، واشادت بالفيلم الذي يتعرض لمشكلة التفكك الاسري والارهاب والفراغ الفكري الذي ادي لانخراط الشباب في هذه الجماعات الارهابية.
وقال الممثل محمد علي بن جمعة ان الفراغ الثقافي لا يعني عدم الحصول علي شهادة دراسية وانما يعني غياب الوعي الذي قد يدفع بصاحبه الي سهولة استقطاب الارهابيين له او الاتجاه الي المخدرات والايمان.
وسألت هند السجينات عن الأفلام التي شاهدوها فقالوا حلفاوين وصمت القصور، ووجهت هند صبري شكرها لاإدارة السجن ومهرجان قرطاج لحرصهما علي اقامة هذه العروض داخل كافة السجون، وايمانهما بالدور المهم الذي تلعبه الفنون بشكل عام والسينما بشكل خاص، واكدت انها برغم حضورها عروضا للفيلم مع الصحفيين والنقاد وخلال حفل الافتتاح الا ان هذا العرض يمثل لها تجربة شديدة الخصوصية لن تنساها، وقالت موجهة كلامها للسجينات ربي يفك ضيقكم ويفرج عليكم وتغادروا السجن وتنخرطوا في المجتمع ولاتعودوا اليه ابدا.
