المهرجاناتالمهرجانات العربيةسينمانامراجعات فيلميةمهرجان القاهرةمهرجاناتنقد

بداية قوية لبرنامج سينما الغد الدولي

بداية قوية لبرنامج مهرجان القاهرة “سينما الغد الدولي”
“تلك الموسيقى” رسالة صوتية تعيد ذكريات الطفولة، و”كوكتيل النكهات” ابن بيئته الرومانية، و”بدون قصد” جريمة قتل مع العام الجديد، وعالم خيالي “عبر زجاج مكسور، واسترجاع الطفولة مع “لاتنساني”
“سينماتوغراف” ـ  رشا حسني
 
بدأت اليوم فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته 36 بعد توقف دام لعامين، ويعود المهرجان بالعديد من الفعاليات ما بين مسابقات الأفلام، الندوات، إصدار المطبوعات السينمائية إلي جانب تعدد مسابقات الأفلام ( المسابقة الدولية، مسابقة أفاق السينما العربية و مسابقة سينما الغد) وهي المسابقة المخصصة للأفلام القصيرة وبدأ البرنامج فعالياته اليوم بعرض مجموعة مكونة من خمسة أفلام قصيرة، ترصدها “سينماتوغراف” بالتتابع التالي:
 
1- “تلك الموسيقي” فيلم كولومبي مدة عرضه 27 دقيقة، ويتناول ببساطة قصة عمر عامل البناء البسيط الذي يستقبل رسالة صوتية علي تليفونه المحمول عبارة عن أغنية تُذكره هذه الأغنية بأيام طفولته ونشأته وبوالدته، وبحياة يفتقدها كثيراً ليقرر عمر البحث عن تلك الأغنية ومعرفة المعلومات المتاحة عنها. يتجه عمر لصديقه بالعمل ليسأله عن الأغنية فلا يجد إجابة شافية ولكن يتصدى صديقه لمساعدته من خلال الذهاب للمحال المتخصصة في الموسيقي وبيعها لمحاولة التوصل للأغنية، وعبر 20 دقيقة تقريباً يأخذا عمر معه من خلال رحلته إلي عوالم كنا نظنها بعيدة ولكنها ليست ببعيدة علي الإطلاق، فما حدث لعمر في كولومبيا من الممكن أن يحدث لعمر أخر في مصر أو أية دولة أخري فجمال الفيلم يكمن في بساطة فكرته وإنسانيتها الشديدة وأيضاً في إسلوب عرض المخرج للفكرة من خلال السيناريو والإخراج، فبالرغم من إعتماد المخرج وهو نفسه أحد كتاب السيناريو علي طريقة السرد التقليدية إلا أنها ملائمة تماماً لفكرة حكي تلك القصة البسيطة مع تخلل بعضات لقطات الفلاش باك للتدليل علي النوستالجيا التي يشعر بها عمر عند سماع الأغنية. نغمة لا يعرفها عمر قادته للبحث عن أشياء قذفت به إلي الماضي والأهم الإستمتاع بمستقبله بعد تذوقه للموسيقي. الفيلم من إخراج داريو فيجارانو والذي قام بكتابة السيناريو بمساعدة أخيه الأصغر فابيان فيجارانو، وقد حصل الفيلم علي عدة جوائز منها جائزة أحسن ممثل، أحسن مدير تصوير وأفضل مكساج.
 
2- “كوكتيل النكهات” للمخرج إيجور كوبلينسكي من رومانيا والتي تُلقي بظلالها علي أحداث الفيلم، حيث يتناول أسرة فقيرة مكونة من الأب وأم مريضة لا يجد الأب المال اللازم حتي لإطعامها لا لعلاجها، فيضطر الأب للكذب والتستر علي إبنه فيكتور الذي يختار هو ووالده الحل الأصعب والأقسى لجلب المال للأسرة ألا وهو قيام فيكتور بخوض عراك للأطفال كعراك الديوك والطفل الذي يتفوق علي قرينه هو من يفوز بالمال. الفيلم إبن بيئته تماماً فهو ينتمي لرومانيا التي طبقت السياسة التقشفية والتي من شأنها تخفيض حجم إعانات الأمومة والأبوة فيما أدني لإنخفاض الحد الأدني للأجور وتراجع المستوي المعيشي بشكل عام الذي إمتد بمواطنيها حركات الإحتجاج من خلال الإنتحار حرقاً وكان أبلغهم أباء غير قادرين علي إطعام أبنائهم. في الفيلم أكثر من مشهد مؤثر منها مشهد الأب وهو يتفقد قوة نظر إبنه كي يتأكد من قدرته علي خوض ذلك العراك ثم المشهد الذي يقف فيه الأب لُيشاهد إبنه وهو يُضرب من الطفل الأخر قبل أن يتغلب عليه ثم المشهد الختامي للفيلم والذي يجلس فيه الطفل بكل ما لازال يحمله من مخيلات الطفولة التي لم يستطع الفقر والعوز القضاء عليها بجوار والده ليسأله أنه حينما يكبُر من عليه أن يُصارع تايسون أم بروسلي؟!.
 
 
3- “بدون قصد” للمخرج زوهرا كريزهوفنيكوف من روسيا وتدور أحداثه في 20 دقيقة، الفيلم مُلفت للنظر من عدة جوانب أولها أنه تحقيقاً فعلياً لفكرة الفيلم القصير الذي يتناول موقف وتداعياته في مدة قصيرة والتي من الصعب تناولها في فيلم طويل، فتدور أحداثه حول جار ذهب لإستعارة بعض الملح من جارته قبل ساعات قليلة من بداية العام الجديد ثم فجأة يقوم بقتلها لنتابع توافد أفراد عائلته وعائلة القتيلة علي منزل القتيلة للإحتفال بالعام الجديد. الشئ المُلفت أيضاً إستخدام المخرج لأبسط الطرق الفنية لتوصيل الفكرة والمضمون والتي أجدها متفقة تماماً مع حال الفكرة والفيلم كإستخدامه لمكان تصوير وحيد من أول الفيلم وحتى قرب نهايته في الشارع وهو منزل القتيلة وأيضاً إعتماده علي لزاوية كاميرا واحدة ولمدة طويلة دون أن يُصيب المُشاهد بملل، ثم أخيرا تميز العنصر التمثيلي وخاصة بطل الفيلم.
 
4- “عبر الزجاج المكسور” لإيفان مينا تونوكو في أولي تجاربه الإخراجية وهو المعروف في عالم المؤثرات الخاصة فلقد شارك بعمل المؤثرات لكثير من الأفلام العالمية الذائعة الصيت منها “هاري بوتر” و “مملكة الجنة” وغيرها، لذا لم يكن من الغريب أن يدور فيلمه الأول في عوالم غريبة تُذكرنا نحن المصريين بعوالم ألف ليلة وليلة ليزخم الفيلم بالمؤثرات التي لم تكن عبئاً لا علي الفيلم ولا علي الفكرة بل جاءت موظفة تماماً وخادمة لعنصر السرد السينمائي البصري الذي يتسق مع فكرة ومضمون العمل. تدور أحداث الفيلم حول أليس التي تفيق من نومها لتجد نفسها في عالم خيالي ولا تتذكر كيفية وصولها لهذا العالم لتخوض رحلة تحاول روحها من خلال تلك الرحلة التمسك بالحياة في حين يرقد جسدها علي سرير بإحدي المستشفيات في حالة حرجة وبجوارها إبنتها التي تحاول جاهدة أن تجعل أمها تفيق ولا تستسلم لتلك الرحلة الغريبة، لتختتم أليس الفيلم بجملة تعني الكثير “من الممكن أن ننهض ثانية إذا حاولنا إعادة جمع ما إنكسر بداخلنا”.
 
 
5- “لا تنساني” للمخرجة الفرنسية جوزيفين ديروبيه وهي واحدة من أهم المخرجين المتخصصين في تقنية الأبعاد الثلاثية علي مستوي العالم وقد خلفت هذا المجال عن والدها آلان ديروبيه، وتدور أحداث فيلمها في مدة 15 دقيقة حول توماس شاب في الثلاثينات من عمره يعود لمنزل والدته وهو منزل طفولته بعد تلقيه العزاء في وفاة والدته ليسترجع ذكريات طفولته من خلال تواجده بالمنزل. نجحت المخرجة في بث دفقة مشاعر قوية جداً للمشاهد عبر تعبير بصري شديد التميز بدءاً من إستخدامها للون الأخضر والمعروف عنه قدرته علي التعبير عن الحنين بشكل عام مروراً بحركة الكاميرا الحرة والرشيقة وصولاً بقدرة الممثل علي التعبير عن كل المشاعر الداخلية المتضاربة دون حوار يُذكر. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى