«سينماتوغراف» ـ عبد الستار ناجي
ستظل العراق المادة الاكثر خصوبة بالنسبة لكتاب الروايات والسينما الاميركية في هذه المرحلة من تاريخ السينما والرواية على حد سواء، وإذا كانت الحرب الفيتنامية قد شكلت رصيدا ضخما من النتاجات الادبية والسينما، فان العراق اليوم مرشح لان يحتل الحصة الاكبر من تاريخ النتاجات السينمائية بالذات مرحلة التدخل الاميركي واسقاط صدام حسين.
وفي أحدث النتاجات السينمائية يأتي فيلم «بيلي لين خطوة الحياة الطويلة ـ Billy Lynn’s Long Halftime Walk» الذي يستند الى نص روائي بنفس العنوان للكاتب الروائي الاميركي بيل فونتين تصدى لاخراجها المخرج الصيني الاصل أنغ لي الفائز بالاوسكار مرتين.
أحداث الفيلم تبدأ مع حفل لتكريم الجنود العائدين من الجبهة في العراق عندما تبدأ أحداثيات الايام الصعبة والمواجهات من خلال حكاية المجند الشاب بيلي لين البالغ من العمر 19 عاما والذي عاش ويلات الحرب الضروس التي التهمت الكثير من الشباب من الجانبين.
كان بيلي لين هو العائد الوحيد من مجموعتة التي كانت على خطوط التماس وشاهد كم الاحداث والحكايات التي تحبس الانفاس، والتي خلفت بداخله الكثير من الجروح القاسية والندب نتيجة الحرب وويلاتها وقسوتها وتفاصيلها اليومية .
وعلى خلفية الاحتفالات بمباراة كرة القدم في يوم عيد الشكر ومع ايقاع الموسيقى والطبول والألعاب النارية تتداعى الذكريات بأحداثها المتفجرة والدامية حيث سقط في عدد من تلك المعارك الكثير من رفاقه الذين زجوا بحرب لا يعرفون عنها أي شيء.
في الفيلم النجم الشاب جو ألين الذي سيمثل احد الاكتشافات السينمائية الجديدة بالنسبة للسينما الاميركية الجديدة ومعه في الفيلم كريستين ستوارت وستيف مارتن وغاريت هيدلوند وكريس تاكر، بالاضافة الى نجم أفلام المغامرات فان ديزل والذي نشاهده في هذا الفيلم بشكل مختلف بل لعلها المرة الاولى في مشواره السينمائي نراه يمثل مستخدما أدواته كممثل وليس عضلاته المفتولة.
بعد احدى المعارك الطاحنة وسقوط النسبة الاكبر من الجنود يتوج الجندي بيلي لين بطلا قوميا لدوره في تلك المعركة ومساعدته لمجموعة من زملائه الجنود ولكن هل تكفي البطولة والأوسمة لتشفي ذلك الجندي العائد من أتون حرب طاحنة عاش أيامها المفجعة في العراق ذاكرة شابة تحمل الكثير من الحكايات والألم وايضا الجروح الدامية التي ستفتح الباب على مصراعيه بالذات حول موضوع التدخل الاميركي في حياة الشعوب.
في فيلم المخرج الصيني المتأمرك أنغ لي كثير من الشفافية والعمق فالحرب هنا لا تروى من وجهة النظر الاميركية وعلى طريقة هوليوود بل عبر الشفافية المفرطة والحديث عن أدق التفاصيل وتعرية الواقع الأليم الذي عاشه ذلك الجندي وبقية أعضاء فرقته الذين ذهبوا ضحية تلك الحرب الضروس.
الفيلم صورت مشاهده الخارجية بالذات تلك الخاصة بالعراق في المملكة المغربية بالذات في استديوهات ارفود الذي يعتبر واحدا من اهم المواقع لتصوير كبريات الاعمال السينمائية العالمية ومنها سبكتر والمومياء وأمير فارس وملكة الصحراء وكم آخر من الاعمال السينمائية التي رسخت هذا الموقع والمملكة المغربية كأفضل المواقع لتصوير الافلام الاميركية والاوروبية في الشرق الاوسط.
ويبقى ان نقول فيلم «بيلي لين خطوة الحياة الطويلة» ليس مجرد فيلم عن الحرب في العراق بل تجربة سينمائية ثرية المضامين تفجر المئات من الاسئلة بالذات فيما يخص حيثيات التواجد الاميركي في العراق.
