صالات العرض

«تم إلغاء الكريسماس».. دراما إنسانية كوميدية عن الفجوة بين الأجيال

«سينماتوغراف» ـ مها عادل

مع مواسم الأعياد والاحتفالات بالعام الجديد، عودتنا السينما العالمية على أن تقدم لجمهورها أفلاماً تتناول قضايا عائلية، وتضيء عبر إنتاجات مميزة على الجانب الاجتماعي والمواقف المختلفة التي تجمع كل أفراد الأسرة.

«Christmas is cancelled ـ تم إلغاء الكريسماس» واحد من هذه الأفلام التي تنتمي لنوعية الدراما الاجتماعية الكوميدية الخفيفة، وحقق عند صدوره نجاحاً كبيراً.

الفيلم بطولة نجم «هوليوود» ديرموت مولروني، بمشاركه نجمتين شابتين هما هايلي أورانتيا، وجانيل باريش، ويتناول قصة شابة جادة في حياتها وناجحة في عملها تدعي «إيما» تقوم بدورها هايلي أورانتيا، وتعيش أزمة وفاة والدتها، وتكرس حياتها لتعتني بوالدها، حتى تكتشف أنه يعيش قصة حب مع «براندي» وتجسدها (جانيل باريش)، وهي غريمتها السابقة في المدرسة الثانوية، وتتوالى الأحداث بين مشاعر الصدمة والصراع والإثارة وحياكة مؤامرات طريفة للتفريق بين الأب وخطيبته، بينما يكون على الجميع أن يتعايشوا ويحتفلوا معاً بفترة الأعياد، الأمر الذي يفجر العديد من المواقف الكوميدية والإنسانية.

يقدم الفيلم الذي أنتجته شركة «Lionsgate» العالمية الشهيرة، بالتعاون مع شرك «Marvista Entertainment»، أحداثاً ممتعة، ويخاطب ذوق مختلف الثقافات، عبر دراما إنسانية كوميدية، كما يلعب الإيقاع الدرامي للفيلم وتتابع الأحداث، دوراً أساسياً في تحقيق متعة المشاهدة، فرغم أن هذا النوع من الدراما الاجتماعية قد يقع أحياناً في فخ التطويل، إلا أن هذا الفيلم نجح في الحفاظ على الإيقاع متماسكاً بفضل روح الفكاهة والحوار الذكي الذي يسهم في تطور الأحداث عبر مواقف كوميدية تخلو من الابتذال وتقدم معالجة بسيطة، وفي نفس الوقت عميقة، للعلاقات الإنسانية بين الأب وابنته، والفجوة التي تحدث بين الأجيال.

الفيلم من إخراج الأمريكية برارتانا موهان، وكتبته سارة إنديسلي، وهكذا أصبح الصوت النسائي حاضراً بقوة خلف الكاميرا ليكسب الفيلم مشاعر قوية وفهماً عميقاً لطبيعة العلاقة التي تجمع بين الأب وابنته، والمواجهات التي حدثت بين الابنة وخطيبة والدها التي كانت قبل سنوات طويلة صديقتها ثم غريمتها في المدرسة الثانوية، الأمر الذي يشكل صدمة عاطفية لها تدفعها لرفض انضمام «براندي» لعائلتها المكونة من فردين فقط، وتشرع في محاولات متتالية لتفريق الخطيبين، الأمر الذي يخلق سلسلة من المشاهد الطريفة التي تفجر الكوميديا على مدار 95 دقيقة هي مدة عرض الفيلم.

برارتانا موهان حاولت أن تضع المشاهد في أجواء فترة الأعياد منذ المشهد الأول في الفيلم بشكل بديع للغاية؛ حيث تجولت الكاميرا في السماء من منظور الدرون لتتابع الثلوج وهي تتساقط بين الأشجار، ثم تصل إلى البيت الذي سيشهد أحداث الفيلم والذي تنتشر فيه زينة الكريسماس، كما نجحت المخرجة في توظيف واختيار أماكن التصوير التي تخدم القصة وتضيف الجمال والتناغم؛ حيث تم تصوير كثير من المشاهد الخارجية في أماكن مفتوحة يغلب عليها الطبيعة الساحرة ومشاهد الجليد، وحتى المشاهد الليلية الخارجية لم تخلُ من السحر والأضواء والجمال. وتلاحقت أحداث الفيلم عبر مشاهد تفصلها إشارات تحمل عداً تنازلياً للأيام التي تسبق الكريسماس، ويمتد العدّ بعد ذلك حتى ليلة رأس السنة.

اختيار الممثلين في الفيلم كان موفقاً ويجتذب الجمهور عبر مجموعة من أحب الممثلين من مختلف الأجيال السينمائية، ويسهم في أن يتحلق أفراد الأسرة من مختلف الأعمار حول الفيلم، فالأب يلعب دوره النجم ديرموت مولروني، والذي يحظى بشعبية وقبول كبير لدى جيل الآباء الذين شاهدوه يتألق في الأفلام والمسلسلات منذ التسعينيات مثل المسلسل الأيقوني «فريندز» أمام جينيفر أنيستون والفيلم الشهير «زواج أفضل أصدقائي» أمام جوليا روبرتس، والبطولة النسائية تقوم بها نجمتان شابتان تحظيان بشعبية كبيرة لدى جيل الأبناء، بدءاً من الممثلة والمغنية هايلي أورانتيا التي انطلقت نجوميتها منذ أن كانت مراهقة تحصد الإعجاب في الموسم الأول لبرنامج «إكس فاكتور»، والنجمة الأخرى جانيل باريش وهي أيضاً ممثلة ومغنية حصلت على جائزة «The Teen Choice Awards» أربع مرات خلال السنوات العشر الماضية، وهذه التوليفة التي قدمها القائمون على الفيلم جعلت كل أفراد الأسرة يجدون صدى لأنفسهم داخل أحداث الفيلم، وهو ما جعله عملاً عائلياً بامتياز.

تكتمل القيمة الفنية للفيلم بالموسيقى التصويرية التي ألفها الملحن الأمريكي أرون جيلهاوس، والذي اشتهر بالعمل في الموسيقى التصويرية للأعمال الكوميدية، ولكنه في هذا الفيلم لم يجنح للتعبير الكوميدي أو الفكاهي، وإنما اختار أن تكون الموسيقى حالمة وناعمة تثير الشجن والمشاعر، أو مستوحاة من أغانٍ ومقطوعات شهيرة ترتبط بالكريسماس وعيد الميلاد ورأس السنة في الثقافة الأمريكية، لتصبح الموسيقى أحد عناصر الدفء والإبهار في هذا الفيلم.

وتميزت عناصر الفيلم المختلفة بقدرة عالية على ظهور المشاهد الدرامية بدرجة عالية من الكفاءة والإبداع، سواء على مستوى التمثيل أو الإخراج أو فنيات الصوت والإضاءة، وآليات المونتاج.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى