مراجعات فيلمية

«ثلاثة آلاف عاماً من الشوق».. جورج ميلر حكاء السينما المبهر

كان ـ «سينماتوغراف» : عبد الستار ناجي

يعتبر المخرج الأسترالي جورج ميلر واحداً من أهم الحكائين السينمائيين الذين يدهشوننا بأعمالهم وإبداعاتهم، والذى بدأ مشواره السينمائي مع فيلم «ماد ماكس» 1979 إلى جوار مواطنه النجم ميل جيبسون، لتمضي المسيرة عبر سلسلة من أفلام المغامرات التى أخذت منحي فلسفي عميق يدعو المشاهد إلى الحوار ومن أعماله ( ماد ماكس،  تولايت زون، وبيبي بيج ان ذا سيتي، و هابي فيت)، وأخيراً تحفته «ماد ماكس طريق الحرية» الذى عرض في كان السينمائي عام 2015 .

يعود هذا العام مجدداً إلى مهرجان كان والسينما من خلال فيلم «ثلاثة آلاف عاماً من الشوق» الذى يروي باختصار شديد، علاقة الدكتورة إليثا (تيلدا سوينتون) مع جنى خرج لها من قنينه قديمه أشترتها من أحد الاسواق التركية القديمة، جسد شخصية الجني النجم البريطاني الأسمر إدريس ألبا، هي دكتورة مرموقه نشطة ولكن بدون حياة اجتماعية أو علاقات، وهو جنى يسرد قصته على مدي ثلاثة آلاف عاماً عاشها متنقلاً بين مجموعة من العلاقات مع النساء اللواتي عمل على خدمتهن وعاش معهن قصص رائعة يظل يحن إليهن، وحينما يظهر من جديد هي تريد أن تصنع تاريخاً وعلاقة، وهو يريد أن يكمل تاريخه وحكايته المقطوعة في رحلة سينمائية مشبعة بالدهشة الإبهار والقراءة الذكية للتاريخ والأزمنة والأمكنة.

سينما من نوع مختلف تلك التى يقدمها جورج ميلر، تحمل التقنية العالية والدهشة، وقبل كل ذلك العمق الفلسفي، لا شيء مجاني عند هذا المخرج والقامة السينمائية الكبري . يقرن دائماً اشتغلاته بالبحث والتحليل والحرفة السينمائية المشبعة بالثراء والتجديد، يعرض الجنى على صاحبته الجديدة ثلاث طلبات مقابل الحصول على حريته وهنا الفلسفة الجديدة والمنحي الجديد، حيث الجنى يقدم خدماته مقابل حريته التى ظلت حبيسة وبحكم الإنسان وقرارته، ولكنها تريده لها وهي تعلم جيداً بأن جميع الطلبات السابقة التى صدرت من الشخصيات السابقة كانت خاطئة إما لأسباب مادية أو صراع علي السلطة أو غيرها، وتريده لتمضي بقية الزمان معه بعد أن راح يروي حكايته التى تمتد على مدي ثلاثة آلاف عاماً مشبعة بالشخوص والصراع والألم، علاقة بين باحثة وجنى تذهب إلى ما هو أبعد من العلاقة التقليدية بين إنسانه تجد الجنى لينفذ طلباتها إلى علاقة بحث عن الحرية لجنى يريد الخلاص والآمان النفسي، بعد حسب طويل وخدمات يقدم لأسياده.

وفي النهاية يأتى الطلب الأخير .. إذهب فأنت حر .. ويكون الجواب .. سأظل أعود إليك .. حيث تلتقي به مصادفة وهى تتجول في إحدي الحدائق .. مؤكداً بأنه سيظل قريباً حبيباً ..

سينما من نوع مبهر ممتع مسلئ وعميق، هكذا هي سينما الحكاء المخرج الأسترالي جورج ميلر الرائع .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى