«حائط البطولات» .. ألم يكن من الأفضل استمرار منع عرضه، ونسيانه؟!.
ـ انتصار دردير
بعد 16 عاما من انتاجه وبعد قرار سيادى بمنع عرضه خلال فترة حكم مبارك، تم الافراج عن فيلم «حائط البطولات» عام 2014، وقدم في عرض خاص ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائى الـ36 بحضور أبطاله، ويعرضه التليفزيون المصري ولأول مرة على شاشة قناة نايل سينما في الثانية عشرة من منتصف الليلة الأربعاء 5 أكتوبر، كما تعرضه القناة الأولى في العاشرة والثلث مساء غدًا الخميس 6 أكتوبر، ويؤدى محمود يس فى الفيلم شخصية قائد الدفاع الجوى، وفاروق الفيشاوى أحد الضباط فى نفس السلاح، وحنان ترك زوجة أحد مهندسى سلاح الجو. وتلعب الفنانة عايدة عبد العزيز شخصية جولدا مائير رئيسة وزراء اسرائيل خلال حرب أكتوبر1973.
فيلم «حائط البطولات» كتبه ابراهيم رشاد وكتب له السيناريو والحوار كل من مصطفى محرم ومصطفى بدر، ويتناول فترة حرب الاستنزاف عقب نكسة 1967 والعمليات الجوية التى كان يشنها الطيران الإسرائيلى على أهداف عسكرية ومدنية داخل الأراضى المصرية وتصدى قوات الدفاع الجوى لهذا العدوان المتكرر، ثم عمليات تطوير قوات الدفاع الجوى حتى تمكنت من السيطرة على الموقف ونجاحها فى إقامة حائط الصواريخ الذى حمى مصر والذى راح فى سبيله العديد من أرواح الجنود البواسل. كما يرصد الجوانب الاجتماعية من حياة الأفراد والضباط بالقوات المسلحة. ومنها قصة “الشاويش مجاهد” الذي استشهد طفله في حادث مدرسة بحر البقر، فرفض أن يأخذ عزاءه إلا بعد أن يثأر من العدو الإسرائيلي، وكذلك الحال في قصة “الرائد حسام” الذي استشهدت زوجته، و”الرائد جلال” الذي أرجأ زواجه حتى لحظة الانتصار، وغيرها من العلاقات الإنسانية المتشابكة، التي كان القاسم المشترك فيها هو الحرب وانتصار أكتوبر المجيد.
ومن ذكريات المشاهدة الأولى لهذا الفيلم في المسرح الكبير بدار الأوبرا والذي امتلأ عن آخره بالحضور من سينمائيين عرب وأجانب ومصريين، وصحفيين ونقاد وطلبة معهد السينما وجمهور غفير تدفق لرؤية العمل الذي منع بقرار سيادي من العرض، وكان الزحام بالفعل على أشده وتأخر العرض لأكثر من ساعة عن موعده، ورغم ذلك بقينا فى مقاعدنا ننتظر فى حالة ترقب الفيلم الذى يمجد بطولة العسكرية المصرية فى بناء حائط الصواريخ الذى كان يحمى قوات العبور خلال عملية اقتحام مانع قناة السويس، أنه فيلم عن حرب أكتوبر العظيمة التى ظللنا نكتب على مدى سنوات طويلة عن اهمية تخليد هذا النصر الرائع سينمائيا، وعن ضرورة أن تدعم الدولة إنتاج عدة أفلام عنها تحفظ ذاكرة هذا الحدث الاستثنائى فى تاريخنا المعاصر، لهذا كان الترقب كبيرا وكانت الصدمة أيضا كبيرة، فبكل المقاييس لم يرق الفيلم الى أي قدر من مستوى هذا النصر العسكرى وقد شابته الأخطاء الفنية وجاء طويلا ومملا وغادر كثيرون قاعة العرض بعد مشاهده الأولى، وغلبت على تصويره وتنفيذه حالة استسهال، فمنذ تيتر المقدمة الذى جاء باهتا متضمنا أسماء فريق العمل بخلفية سوداء لاتوحى بأنك امام عملا يحمل أى قدر من الخصوصية.
وفجر المشهد الأول للفيلم ضحكات الحضور حيث تضمن اجتماعا داخل الجيش الاسرائيلى بحضور رئيسة الوزراء جولدا مائير – أدت دورها الفنانة عايدة عبد العزيز – ووزير الدفاع موشى ديان وقام بدوره بافتعال شديد الفنان الفلسطينى غسان مطر وضم كبار قادة الجيش الاسرائيلى ودار الحوار باللغة العربية – وهذا وحده يكفى لأن يفقدك مصداقية العمل – وقد ترك للممثلين فيه تأدية الحوار كل وماتيسر له، منهم من يتحدث العامية ومنهم من يؤدى بالفصحى ومنهم من يجمع بين الحسنيين، لكن أكثر ما فجر الضحك كان ظهور أحد قادة الجيش الإسرائيلى وعلى وجهه (زبيبة الصلاة).
أما الفيلم نفسه فقد افتقد روحا وحيوية وجاء أغلب أبطاله أكبر سنا من طبيعة أدوارهم كما غرق فى بعض التفاصيل العسكرية التى قد لاتهم المشاهد، أما الصورة ومشاهد الجرفيك وحتى لقطات ضرب العدو لمدرسة بحر البقر لم تكن بالمستوى الفنى المطلوب، وأثارت أيضا المزيد من الضحك نتيجه توالي سبع طائرات عمليات القصف المستمره على الشاشه للمدرسة وكأنها قاعدة عسكرية ضخمه، وماتبعها من تدمير ساذج وجثث لأطفال ملطخين بمادة ليس لها علاقة بلون الدم، أما الصوت فكان رديئا وغير مسموعا فى بعض الحوارات، ومن الظلم مقارنة الفيلم بالأفلام المماثلة عربيا قبل عالميا، وهو ما يطرح سؤال عمن وافق على عرضه في التلفزيون المصري، إنها مهزله سينمائية في رداءة السيناريو وسوء الأداء التمثيلي والإخراج وكل شيء، والأهم بالطبع أن ينسب هذا العمل اصلا إلي حرب أكتوبر المجيدة. ولذلك أقول في استنكار، ألم يكن من الأفضل استمرار منع عرض الفيلم، ونسيانه؟!.