«حجر الود».. فيلم تونسي يرصد استغلال المشاعر لتحقيق غايات شخصية
تونس ــ «سينماتوغراف»
قدّم المخرج التونسي محمد خليل البحري مساء أمس الأربعاء العرض الأول لفيلمه “حجر الواد” بقاعة الكوليزي بالعاصمة تونس، بحضور طاقم الفيلم من ممثلين وتقنيين.
و”حجر الواد” هو أول فيلم تصوّر مشاهده في تونس، ويعرض بعد قرار عودة الأنشطة الثقافية في الخامس والعشرين من سبتمبر الماضي، وذلك إثر توقفها جراء فيروس كورونا.
فيلم طغت عليه الإثارة والتشويق ما جعل المُشاهد يتساءل لفكّ ألغازه، حيث يعتمد محمد خليل البحري في أفلامه على أسلوب النهايات غير المتوقّعة.
وكان الواقع والغموض والخيال في الحياة الاجتماعية التونسية العنوان الأبرز للفيلم، كما عالج علاقات الصداقة والحب والغيرة والخيانة والمنافسة في العمل واستغلال المشاعر من أجل تحقيق الغايات الشخصية.
وانطلق الروائي الطويل باختفاء الإعلامي “فراس بوزيان”، (جسّد دوره الممثل مجد بلغيث)، وسط ارتباك وخوف صديقه وزميله الإعلامي الشهير “مالك” (الممثل أحمد الأندلسي)، الذي تحقّق الشرطة معه ومع الفريق التلفزيوني حول أسباب اختفاء الصديق.
صراع داخلي يجعل بطل الفيلم مالك تائها بين شعوره بالذنب من اختفاء صديقه الذي تتراءى له صورته في كل مرّة وبين يقينه ببراءته، ليدخل في دوّامة من الشكّ، حيث تشير أصابع الاتهام إليه بقتل فراس وإخفائه.
وفي محاولة مالك للخروج من حالته ومن تأنيب ضميره تعرّف على عبير زميلته في نفس المؤسّسة الإعلامية التي كانت تعاني بدورها من أزمة نفسية لتنشأ بينهما حالة حب.
وتتوالى الأحداث بمحاولة بطل الفيلم (أحمد الأندلسي) الخروج من هذه الأزمة النفسية، فيقرّر الزواج من عبير بعد أن غادرا وظيفتيْهما، لتنتهي أحداث الفيلم بمقتل زميلته على يد صديقه الذي ظهر فجأة، وتبيّن أنه لم يمت.
والعمل من بطولة أحمد الأندلسي ورؤوف بن عمر ومروى العقربي ومجد بلغيث ومالك العوني ولمين بالخوجة وأحلام الفقيه وعزيز باي.
ونجح المخرج فنيّا في تمرير مشاعر الحيرة والاضطراب والشكّ والتساؤل التي انتابت بطل الفيلم إلى الجمهور، ليُصبح بدوره تائها بين جملة من الاستفهامات حول الحالة النفسية التي تمرّ بها الشخصية الرئيسية في الفيلم.
واستعرض البحري من خلال هذا العمل السينمائي مجموعة من القضايا منها ما يتعلّق بتردّي الحالة النفسية للمواطن التونسي في ظلّ الأحداث التي تلت ثورة الرابع عشر من يناير 2011، وهي القضية المركزية في الفيلم.
كما لم يُفوّت التطرّق إلى الإعلام مُنتقداً طرق وأساليب معالجته للأحداث، وقد صوّرها في أن الإعلام يبحث عن الإثارة من أجل الرفع من نسب المشاهدة، وتتحكّم فيه لوبيات المال والأعمال، ممّا جعله يفقد دوره الأساسي في نقل الأحداث بموضوعية.
ويعدّ “حجر الواد” ثاني فيلم طويل في مسيرة محمد خليل البحري بعد فيله الروائي الأول “لآخر نفس” (2020) الذي تدور أحداثه حول كوابيس تُؤرق الدكتور فارس، وتجعل هاجسه الوحيد معرفة سبب زيارة والدته المتوفاة قبل عام ونصف العام له في المنام، ما دفعه نحو إعادة فتح ملف موتها.
ومن هنا تنطلق أحداث الفيلم بين الدراما والتشويق والاستقصاء. وهي سيكودراما مستوحاة من قصة واقعية، عبارة عن رحلة بحث عن الحقيقة التي تروى من خلال أوهام وكوابيس اليقظة لفارس، حقيقة أقضّت مضجعه وحوّلت ليله نهاراً ونهاره ليلاً، حقيقة جعلت الأحلام تصطدم بالواقع لتصير لغزاً بوليسيا يصعب حله.