مراجعات فيلمية

«حياة رايلي».. مواجهة مهابة الموت بالسخرية

«سينماتوغراف» ـ عمار محمود

فيلم «حياة رايلي ـ Life of Riley» هو آخر أفلام المخرج الفرنسي الراحل آلان رينيه، وسبق أن فاز بجائزة النقاد في مهرجان برلين عام 2014.

وآلان رينيه واحد من أهم المخرجين الفرنسيين الذين بدأت شهرتهم في بداية الموجة الفرنسية، وفاز بالعديد من الجوائز الفرنسية والعالمية عن أفلامه كالدب الذهبي من مهرجان فينيسيا وجائزة لجنة النقاد من كان.

الفيلم مقتبس عن مسرحية للكاتب الإنجليزي ألان إيكبورن، والتي يحكي موضوعها عن ثلاثة عائلات مختلفة بينهم صداقة قديمة، عائلة مونيكا (ساندرين كيبرلان) وسيمون (أندريه دسوليير) واللذان يحبان بعضها، فسيمون هادئ وانهزامي ومونيكا متسلطة بعض الشيء، فهما ثنائي مثالي لبعضهما، وكذلك باقي العائلات في هذا الجانب المتسلط في نسائهم، فـعائلة الدكتور كولين (هيبوليت جيراردو) وكاثرين (ٍابينا أزيما) بالرغم من قوة شخصية كولين بعض الشيء لاتزال كاثرين هي المسيطرة، والعائلة الثالثة هي عائلة جاك (ميشيل فويرموز) وزوجته تامارا (كارولين سيهول) شخصيتها هي الأخرى أقوى من زوجها.

ويوجد هناك صديق ثالث لتلك العائلة واسمه جورج، والذي تعرف الزوجات الثلاث بأنه مصاب بالسرطان، فـيعرض أحدهم فكرة مساعدته في تلك المحنة والشهور المتبقية له في حياته، فيحاولون ضمه إلى فريق التمثيل الذي يؤدي مسرحية ما.

ويحاول الثلاثة نساء التقرب من جورج بأي طريقة مهما كانت عواقبها حتى يهونوا عليه اصابته بالمرض الخبيث، ولا يجدن مشكلة في ذلك لأنهم سبق وإن سيطروا على رجالهم، والذين يوافقون على طلباتهم الغريبة، كطلبهن من أزواجهن السفر مع جورج بدونهم، وكان الرجال يوافقون مرة بدافع الحب، ومرة بدافع الإشفاق على حالة جورج.

يسخر الفيلم كثيراً من مسألة الموت، فـتدور بعض الأحاديث عن الموت أثناء الطعام مثلاً وكأنها ثرثرة يومية عادية، إما ساخرة منه لفظاً، أو ترجمة بأداء ساخر أثناء الحديث عنه كالأداء المضحك لجاك.

 

والموت هو الموضوع الرئيسي للفيلم، والذي من خلاله يحاول آلان رينيه التخلص من فكرة مهابة الموت بالسخرية منها وتهميشها، بل ويصل إلى حد عدم التفكير بها من قبل بطل الفيلم المجهول جورج الذي سيموت عما قريب ويعرف ذلك.

فجورج يحاول الاستمتاع حتى آخر لحظات حياته، بل ويحاول الاستمتاع بكل المتع مرة واحدة.

تدور الأحداث على خشبة مسرح، تتغير ديكوراتها قليلاً، ولكن ألوانها دائماً مبهجة، فتنويعات الأحمر والأصفر والأخضر، تضفي جواً هادئاً صافياً محفزاً على الحياة، منافياً لمحتوى الموت الذي يتناوله الفيلم من خلال قصة أحد أبطاله الذين لن يظهرون أمام الكادر ولو لمرة واحدة. وهو أمر يتسق مع المحتوى الشكلي في الفيلم، لأن الموت بمعناه المباشر والمجازي كموت العاطفة مثلاً، لا مكان له في وسط العائلات الثلاثة، فـمونيكا تترك جورج حبيبها السابق عندما لم تستمتع معه، وكذلك تامارا وكاثرين، يضغطن على أزواجهن من أجل الحصول على المتعة، حتى لو كانت تلك المتعة ثرثرة فارغة عن المرضى أو الموتى.

وعندما يقترب الموت منهن أكثر فأكثر، في شكل آخر، كموت الحب تجاه أزواجهن، يتخلّين عن رغباتهن من أجل احياء العاطفة التي ماتت.

المشكلة الأكبر في الفيلم، هي التطويل، والذي لم يتحمله الفيلم لقلة التفاصيل التي تتيح دراما ساخرة من الموت، لأن العلاقات بين الشخصيات كانت كارتونية، والعقدة كارتونية أيضاً وسهلة جداً في حلها.

وقد تسبب ذلك في سقوط إيقاع الفيلم واصابته بالترهل، والذي لم تساعده الألوان الصارخة ولا الأداء الجميل من كل أبطال العمل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى