«حياة».. نسخة باهتة لفيلم «كائن فضائي» الكلاسيكي
ـ محمد جابر
من المحتمل، دوماً، أن يحدث تشابه في بعض قصص الأفلام. ومن الوارد حتى إعادة تقديم نفس الحكاية بمعالجة جديدة، ومراعاة التغيرات التكنولوجية والعلمية. ولكن، الشيء غير مفهوم على الإطلاق، هو أن يقرر بعض طاقم فني من العيار الثقيل، أن يعيد قصة فيلم كلاسيكي شهير وعظيم، بنفس الخطوط والمحاور والتتابعات، دون أي إضافة أو تغيير أو حتى محاولة لمفاجأة عشاق الفيلم الأصلي، لتكون النتيجة هي فيلم “حياة ـ Life” الذي يعرض حالياً في دور السينما، كنسخة باهتة من كلاسيكيّة “Alien ـ كائن فضائي” للمخرج، ريدلي سكوت، عام 1979.
قصة الفيلم تدور حول مجموعة من العلماء في مهمة بالفضاء الخارجي، يستطيعون إيجاد خلية حية تنتمي إلى كوكب المريخ، ومع البدء في تحليلها تبدأ في التطور والنمو السريع جداً ككائن غريب، وسريعاً يبدأ هذا الكائن الفضائي في مهاجمة أفراد المهمة العلمية، ومطاردتهم في كل أروقة السفينة الفضائية، ويصبح عليهم الخلاص منه وقتله لسببين: الأول، من أجل النجاة بحياتهم. والثاني، من أجل حماية الأرض و”الحياة” عليها، لأنها تتعرَّضُ لتهديدٍ حقيقيّ في حال وصول هذا الكائن إليها.
هذه القصة، بكافة تفاصيلها تقريباً، يمكن أن تنطبق على الفيلمين، الكلاسيكي Alien والحالي Life، وذلك هو العائق الأكبر أمام الأخير لصنع تواصل حقيقي مع الجمهور، والذي شاهد أغلبه، بالطبع، الفيلم الأصلي، ليظل هناك سؤال ملح طوال الوقت عن الفارق الحقيقي بين العملين، والذي دفع فريق العمل لتنفيذه، وكلما ازداد التشابه والتفاصيل في محاور القصة الأساسية، اتسع السؤال، حتى كاد يبتلعك مع تترات النهاية. ينتمي الفيلم إلى الخيال العلمي ورعب الأماكن الضيقة، ويتحرك في 3 محاور يحاول أن يصنع فيها تفرُّده وتماسكه. الأول، هو شخصيات الطاقم، وتفاعل المشاهد معها، ومحاولة إعطاء التفاصيل الإنسانية التي تزيد من الوتر العاطفي المهم في الفيلم. والثاني، هو المطاردة نفسها (الطويلة والممتدة لنصف الفيلم تقريباً) وهذا الشعور الخانق الذي يسيطر على المتفرِّج، وهو يتابع مجموعة من الأشخاص المحاصرين وسط أماكن ضيقة في ظروف صعبة من قِبَل كائن غريب يستطيع الفتك بهم. وأخيراً، تصميم الكائن نفسه، وكذلك الديكور والإنتاج الفني، ومستوى المؤثرات التي يقدّمها ليقنع المشاهد بعالمه. وفي المحاور الثلاثة، لم يستطع الفيلم تقديم أي إضافة في “صنفه” بشكل عام، وفي مقارنته المنطقية مع Alien بشكل خاص.
فالسيناريو استهلك جانباً كبيراً من مرحلته التأسيسية في طرح الأسانيد العلمية التي تدعم فكرة “ظهور الكائن” وهي مرحلة مُهدرة لأن خيالية الفكرة النهائية (التي سيتفاعل معها المشاهد الذي يدخل فيلما مُصنفا كـ”خيال علمي”) لا تحتاج لكل هذا القدر من التعقيد، والأجدى هو التأسيس لشخصيات أكثر حقيقية، بدلاً من تلك الطريقة الهوليوودية في تقديم تفاصيل مبتورة عن الأبطال من أجل استخدامها في مراحل لاحقة من الفيلم. وهو الأمر الذي قيّد جداً قدرات طاقم تمثيل بثقل جاك جيلنهال وريان رينولدز وريبيكا فيرجسون، ورغم اجتهادهم عموماً في عكس الشعور السوداوي والقاتم، خصوصاً جيلنهال، إلا أنهم في النهاية كانوا مقيدين جداً، مجرد نماذج بشرية لفيلم رعب، دون حتى خلق صورة بطولية وأيقونية لأي منهم.
كذلك لا يقدم الفيلم أي جديد على صعيد الإثارة، إذ يعتمدُ على بناء تقليدي في التأسيس ثم بداية المطاردة، ويحاول صنع “تويست” أو “انقلاب ختامي” (كعادة الأفلام الهوليوودية في السنوات الأخيرة) دون أن يفيده ذلك كثيراً على مستوى الحكاية أو الأثر. بالعكس، يكون الأمر مربكاً في بعض تفاصيله الختامية. ليبقى الشيء الوحيد الذي يمكن اعتباره إضافة حقيقية عن فيلم Alien، هو مستوى المؤثرات الخاصة والتصميم الفني المتقن للسفينة.
ورغم كل ذلك فإن فيلم Life ليس فيلماً سيئاً، ولكن الكلمة الأدق في وصفه هي “نسخة باهتة”، والحالة التي يمكن أن تستمع به من خلالها بشكل كامل، هي ألا تكون قد شاهدت من الأصل كلاسيكية Alien.