«خيمة 56» يثير جدلاً على منصّات التواصل الاجتماعي بعد أربع سنوات من عرضه
دمشق ـ «سينماتوغراف»
بعد أربع سنوات على إنتاجه وعرضه في المهرجانات السينمائية العربية والغربية ونيله جائزة أفضل فيلم روائي قصير في مهرجان الإسكندرية السينمائي، أثار الفيلم السوري “خيمة 56” جدلا واسعا بين السوريين بمجرد عرضه على منصّات التواصل الاجتماعي.
وقدم القائمون على هذا العمل السينمائي المنشور على موقع يوتيوب المتخصص في عرض الفيديوهات، الفيلم على أنه يدور حول “احترام المرأة لكيانها كإنسانة، وحقها في الحصول على الخصوصية في علاقتها الحميمية مع زوجها بعيداً عن أعين المحيطين بها، خاصة الأطفال، في بيئة يبدو فيها ذاك الطلب شبه مستحيل، وهي المخيم”.
وقام بدور البطولة في الفيلم الممثل علاء الزعبي وصفاء سلطان ونوارة يوسف وشادي الصفدي وسارة الطويل ووليم سيجري، وأخرجه سيف الشيخ نجيب.
وتدور قصة الفيلم، الذي كتبته سندس برهوم، حول واقع المخيّمات. ولكن الكاتبة لم تشأ الخوض في القضايا المعتادة كالقهر والجوع والبرد، بل تطرقت إلى موضوع لم يسبق للسينما أو حتى الدراما في العموم الخوض فيه، وهو ظاهرة التكاثر ضمن مخيمات اللجوء التي تشكّل خطرا على من يرعى تلك المخيّمات وعلى البلدان المضيّفة لها، مثل لبنان.
ويتابع الفيلم على امتداد 18 دقيقة بحث أزواج يعيشون في مخيّم للنازحين السوريين عن مكان لإقامة العلاقة الحميمية، لكنّهم يصطدمون بعقبات، منها ضيق الخيمة التي تؤوي أطفالهم، حتّى ظهرت فكرة تخصيص خيمة للأزواج، يستعملونها مداورة. ويصور الفيلم، بطريقة كوميدية، كيف أنشأ الأزواج “الخيمة 56” وراحوا يتسللون إليها، ورغم ذلك لم ينجوا من عيون الأولاد المتلصّصين وملاحقاتهم لمحاولة اكتشاف الخيمة الممنوع عليهم الاقتراب منها.
وتحضر العلاقة الحميمية حجر الأساس في الفيلم، كاحتياج طبيعي لا يمكن تجاوزه خاصة في أوقات الحروب والأزمات، وما تتبعها من تداعيات غير محمودة، وخصوصا على صعيد الإنجاب أو على صعيد ممارسة العلاقة الحميمية ضمن خيمة يجتمع فيها الأبناء جنبا إلى جنب مع والديهم.
ورغم أن الفيلم يناقش موضوعا محظورا في المجتمعات العربية التي لم تتصالح بعد مع تجسيد العديد من الموضوعات الإنسانية في السينما، إلا أن من أبرز الاتهامات التي كيلت إليه أنه فيلم من إنتاج شركات موالية لنظام بشار الأسد، هدفه الإساءة إلى الثورة السورية وأبناء محافظة درعا خصوصاً.
واحتوى الفيلم مشاهد حميمية وكلمات بذيئة، اعتبرها بعض المشاهدين خادشة للحياء، وذهب آخرون إلى حد اتهام الفيلم بأنه فيلم إباحي يسيء إلى النساء الحورانيات وإلى أهل حوران جميعا كون بطل الفيلم علاء الزعبي ابن حوران.
وطالب أهالي قبيلة الزعبي بالتبرؤ منه ومحاكمته مستنكرين عدم تطرق الفيلم إلى موضوعات أخرى كالجوع والفقر وظروف العيش البائسة داخل المخيمات، ما دفعه إلى تقديم اعتذاره في مقطع فيديو والتعهّد بحذف فيلم “خيمة 56” من جميع المنصات الإلكترونية.
وعلاء الزعبي ممثل سوري، درس في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق، وقدّم أول أدواره التلفزيونية المعروفة عام 2004 في مسلسل “التغريبة الفلسطينية” من إخراج حاتم علي. ومن أهم أعماله مسلسل “باب الحارة” ومسلسل “عروس بيروت” وفيلم “حلاوة روح”.
وهذا أول تعاون “جريء” للزعبي مع المخرج السوري سيف شيخ نجيب الذي يعرفه الجمهور السوري والعربي في الأعمال التلفزيونية، ومن أشهر أعماله في الدراما السورية مسلسلات: “مرزوق على جميع الجبهات” 2004، “صدى الروح” 2006، “ممرات ضيقة” 2007، “وجه العدالة” 2008، “حياة أخرى” 2009، “الصندوق الأسود” 2010.
وسبق أن قال المخرج عن فيلمه “خيمة 56” إن “فكرته جد قاسية ومضامينه عنيفة، قدمناه بطريقة بسيطة وخفيفة، رغم أنه في السينما كل شيء مشرّع، وكان بإمكاني مثلا في مشهد الرضاعة أن أظهر ثدي الأم لكني لم أفعل، لأن ذلك كان سيسيء إلى فكرة الفيلم الذي لم يكن هدفه الخوض في الأجساد وعريها، ولا حتى الغريزة، بل الحديث عن الاحتياج الجنسي، وخدش الحياء بالنهاية لن يسمح للجمهور بتقبّل فكرة العمل اللطيفة التي لم تخلُ أحيانا من بعض الكلمات النابية”.
وعلق الممثل السوري المعارض عبدالحكيم قطيفان في منشور طويلٍ ضمن موقع فيسبوك على كلام المدافعين عن الفيلم وموضوعه.
وقال قطيفان “يدّعي صانعو العمل أن البيئة المعالجة هنا هي ريفية عامة من كل سوريا! لكن التفاصيل والحيثيات واللهجة في معظمها تُظهر لنا أنها تتناول بيئة أهل حوران في مخيمات لجوئهم القسري”.
وأضاف “لو أُقحمت الفكرة بين مجموعة أفكار وقضايا أخرى يحتاجها ويعاني منها أهل المخيم، لما أثارت كل هذا الاستنكار والاستفزاز والغضب من أهلنا الكرام.. ولكن الفكرة جاءت مجردة وتافهة ومسطحة، وأقرب إلى القصدية”.