شخصيات سينمائية

داوود عبد السيد في درس السينما بـمهرجان الجونة: لا أشاهد أفلامي وفاتن حمامة لم تحب «أرض الأحلام»

الجونة ـ «سينماتوغراف»: انتصار دردير

تسعة أفلام فقط في مسيرة المخرج الكبير داوود عبد السيد مما جعل أحد السينمائيين يقول له (تسعة أفلام فقط حرام عليك يا أخي)، وقد كتب داوود سيناريو وحوار كافة أفلامه ماعدا «أرض الأحلام» الذي لعبت بطولته سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، ولذلك اللقاء حكاية رواها خلال «درس السينما» الذي قدمه اليوم بـ «الجونة السينمائي» ويأتي في إطار تكريم المهرجان له بمنحه جائزة الإنجاز الإبداعي.

وفي اللقاء الذي أداره المخرج أمير رمسيس المدير الفني للمهرجان كشف داوود عبد السيد عن علاقته بفاتن حمامة ونجوم أفلامه، وعن صدامه بالسلطة والأفلام الجديدة التي يراها الجزء الحي للسينما المصرية، وعن ضرورة دعم الدولة للإنتاج لكن بشرط عدم تدخلها في مضمونه.

وقال داوود عن فيلم «أرض الأحلام» الذي كان التعاون الأول والأخير مع النجمة الكبيرة فاتن حمامة: كانت فرصة العمل مع فاتن حمامة مهمة بالنسبة لي، وهي سيدة شديدة الذكاء وتدرك مع من تتعامل ولابد أن تحقق ما تريده من الفيلم وأنا أيضاً كمخرج أحقق رؤيتي، وكان الحل في تصميم البدلة على مقاس فاتن كحل وسط للجمع بين سينما المؤلف وسينما النجم، وكان السيناريو الذي كتبه هاني فوزي في أولي تجاربه واضطررت لإعادة كتابته 4 أو 5 مرات، وبالمناسبة فالفيلم لم يعجب فاتن حمامة ولم أحاول أن أعرف السبب. فلا هي كانت تنوي تكرار العمل معي ولا أنا أيضاً لكنها ممثلة أكن لها كل الاحترام.

سينما النجم التي لجأ إليها داوود عبد السيد رأي المخرج أمير رمسيس أنه لم ينج منها سوي فيلم «سارق الفرح» الذي لعب بطولته ماجد المصري وكان مرشحاً له أحمد زكي.

وعن سينما النجم، قال داوود: النجم هو ضمان للجمهور ولتحقيق إيرادات للمنتج، لكن أبرز عيوب هذه السينما تحكم النجم في الفيلم، فإذا استطاع المخرج التوصل لصيغة تضمن عدم تحكم النجم في الفيلم واحترام رؤيته ويكون ملائماً للدور فهذا يكفي، وبالنسبة للنجوم الكبار الذين عملت معهم كأحمد زكي ومحمود عبد العزيز ويحيي الفخراني فقد كان منهم يعمل نحو أربعة أفلام في السنة ثلاثة منها تجارية والرابع يكون فنياً.

ويؤكد المخرج الكبير لست ضد السينما التجارية لكن أنا مع تطويرها للارتفاع بمستواها ولا أري إمكانية صناعة سينما خارج السينما التجارية.

وحول تصريحه بأن السبكي هو أفضل منتج في مصر قال بل انجح منتج لأنه أكثر من ينتج أفلاماً تجارية.

وعن اصطدامه بالسلطة في أغلب أفلامه مثل (أرض الخوف، البحث عن سيد مرزوق)، قال داوود: منذ صغري وأنا ضد السلطة وأتصور أن العلاقة معها تشبه قصص الحب لابد أن يكون بها غيرة وشك لكني ضد السلطة الغاشمة،

وأحاول أن أحقق نوعاً من الحوار معها ولم أدخل في قضايا تدفعني للصدام، ولكن بعض أشياء لا نتفق عليها ويتم تمريرها وأكثر فيلم قابل متاعب مع الرقابة كان «مواطن ومخبر وحرامي»، لولا وجود رئيس رقابة مثقف هو د. مدكور ثابت لما تم إنقاذه، وفي فيلم «سارق الفرح» كتبت في السيناريو عشة البطل فقالوا كيف يكتب عشش فغيرتها إلي بيت فوافقت الرقابة، والحقيقة أن هذا الفيلم يرجع كله لمهندس الديكور انسي أبو سيف الذي أقام حياً عشوائياً لكن تحبه وتتمني أن تعيش به، وكنت قلقاً بشأن الفيلم لأنه يظهر الإنسان كما في الطبيعة تتحكم غرائزه فيه بشكل كبير وفكرت في إضافة أغنيات له وقد كان.

وحول تقديمه لنصين أدبيين في فيلميه «الكيت كات» عن رواية مالك الحزين لإبراهيم أصلان و«سارق الفرح» عن قصة لخيري شلبي، ومدي تقاطع سينما المؤلف التي يقدمها مع النصوص الأدبية، يقول داوود: المسألة مختلفة في العملين ففي (الكيت كات) حذفت عدد كبير من شخصيات الرواية، وفي (سارق الفرح) أضفت أحداثاً وشخصيات وأنا في تعاملي مع النص الأدبي افترسه، وأرحب جداً بسيناريو كتبه آخر طالما توافق مع رؤيتي فهذا سيوفر على 50 علبة سجائر.

وعن قلة عدد أفلامه (9 أفلام فقط) وعدم خوضه تجارب في المسرح والتليفزيون، قال المخرج الكبير: عدد أفلامي قليل لأني لست موهبة عبقرية ولا ماكينة تضخ أفلاماً، كما أن كل عمل يأخذ وقتاً طويلاً، ففيلم «رسائل البحر» ظل ينتظر 9 سنوات، و«الكيت كات» خمس سنوات، والأمر لا يتعلق بي بل بالإنتاج، أما التليفزيون فمعروف شروط إنتاجه أن تبدأ التصوير قبل العرض بشهرين وأن تعمل من 22 إلى 23 ساعة يومياً، ولو كنت أصغر عن ذلك بـ 40 عاماً ربما فعلتها.

وعن مدي اهتمامه بالجمهور وهو يصنع أفلامه، أكد داوود عبد السيد أن الجمهور له أولوية كبيرة عنده، قائلا: لا أتصور مخرج يعمل فيلم ولا يكون له جمهور، والوضع الآن في السينما المصرية محير فلدينا سينما تجارية ناجحة يقبل عليها الجمهور وتحقق إيرادات، ولدينا أيضاً الجزء الحيوي من السينما وهي التجارب الجديدة مثل «يوم الدين» أو «أخضر يابس» فهي أفلام فنية لكن هل تلقي قبولاً من الجمهور وتحقق إيرادات وهل علينا أن نغير الجمهور، أم الأفلام؟  فمثلاً أفلام المخرج الراحل صلاح أبو سيف جمعت بين النجاح الفني والجماهيري، وأري أن علينا أن نفكر كيف نتغير بالحرية والعلم.

وقدم المخرج الكبير في درس السينما بالمهرجان «روشتة» لحل مشاكل السينما يتمثل في دعم الدولة للإنتاج دون تدخل منها في الفيلم ولا توزيعه، لأنها لو قامت بدعمه وتوزيعه كما تتجه لذلك ستكون هي جهة الإنتاج وهي المتحكم في الفيلم وتتحول الأفلام لمنبر دعائي لذا أريدها أن تدعم فقط.

وعن أكثر فيلم عبر عنه شخصياً، قال: فيلم «أرض الخوف» لأنه تناول أزمة جيلي الذين افهموه أن مصر تصنع (من الابرة للصاروخ) ثم أفاق على هزيمة 67 ليجد نفسه معلقاً في الهواء.

وكشف داوود عبد السيد في درس السينما أنه لا يحب صنع الأفلام السياسية، وقال إننا لا نعرف تاريخنا الحديث فلا نعرف حتى الآن كيف ولماذا وقعت هزيمة 67 والباحثين في التاريخ يجدون صعوبة في الوصول للوثائق الحقيقية بينما الإسرائيليين يعرضون الوثائق على الشعب ليعرف حقائق التاريخ.

كما أكد انه لا يحب مشاهدة أفلامه ولا يعيد قراءتها، وقد يري بعضها بالصدفة إذا عرضها التليفزيون فيستوقفه مشهد أو أثنين مؤكداً، حينما أشاهد الأفلام عادة أري عيوبها التفصيلية، وهو يري أن فيلم «البحث عن سيد مرزوق» هو مفتاح كل أفلامه من أرض الخوف لمواطن ومخبر وحرامي.

شهدت المحاضرة حضوراً كبيراً من صناع الأفلام والمخرجين الشباب الذين عبروا عن تأثرهم بأفلامه التي تمثل مدرسة سينمائية مغايرة، كما حضرتها الفنانة بشري مدير العمليات بمهرجان الجونة، والسينارست تامر حبيب، والممثلة نجلاء بدر، وسمير صبري، وليلي شعير، وانتشال التميمي مدير المهرجان الذي اختتمها بسؤال حول مدي استعداده للقيام بدور تمثيلي في حياته، فقال ضاحكاً (أنا بتكسف من خيالي).

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى