دراسة تؤكد: انطلاقة متوقعة للسينما السعودیة فى 2017
«سينماتوغراف» ـ انتصار دردير
بات فى حكم المؤكد أن تشهد السينما السعودية فى2017 انطلاقة جديدة بعد أن شهد عام 2016 خطوات ناجحة من خلال ملامح عدة، أولها ظهور فيلمين اكتسبا أهمية كبيرة وهما فيلم “بلال” الذى كتب قصته وأنتجه أیمن جلال بالتعاون مع النجم الأمريكى ويل سميث وأخرجه خورام آلافي، وهو فیلم رسوم متحركة ثلاثي الأبعاد یحكي سیرة مؤذن الرسول الصحابي بلال بن رباح، ویسلط الضوء على قصة إسلامه وعبودیته في مكة، وقد أنتج الفیلم من قبل شركة بارجون انترتیمنت، وقد نجح الفيلم فى دخول موسوعة غینیس للأرقام القیاسیة، لاحتوائه على مشهد أطول معركة مدتها 11 دقیقة ونصف.
والفيلم الثانى “بركة یقابل بركة” للمخرج محمود صباغ، وهو ثاني فیلم روائي سعودي یصور في السعودیة بالكامل وبطاقم سعودى مائة بالمائة وهوً أيضا ثاني فیلم سعودى يرشح للأوسكار بعد “وجدة” لهيفاء المنصور، ورغم خروجه وخروج السينما العربية من منافسات الأوسكار الا أن مجلة فارایتي Varity الامريكية اعتبرته من أهم خمسة أفلام عربية رشحت للمنافسة للقب أفضل فیلم اجنبي، وقصة الفیلم من نوع الكومیدیا الرومانسیة ويتناول العلاقة بین شاب یعمل موظفا حكوميا ويهوى التمثيل، وفتاة تدعى بركة تعمل فى مجال الدعاية وقد شارك الفيلم فى مهرجان برلين الماضى وقوبل بحفاوة كبيرة، كما شارك فى عدد كبير من المهرجانات العربية من بينها دبى، القاهرة، وقرطاج.
فى الوقت الذى تم فتح باب التسجيل أمام مشاركات الأفلام لمهرجان أفلام السعودية فى دورته الرابعة التى تعقد فى 2017، بعد النجاح الذى حققته الدورة الفائتة التى أقيمت خلالها أربع مسابقات للأفلام الوثائقية والروائية وأفلام الطلبة والسيناريو غير المنفذ والتى منحت النخلة الذهبية لخمسة جوائز فى كل فرع من مسابقاتها بالاضافة الى أنها شهدت بدء انعقاد سوق المنتجين والتى اعتمدت تبنى ثلاثة من النصوص المشاركة فى مسابقة السيناريو حيث يقدم لهم المهرجان منحة انتاجية تبدأ بورش السيناريو وتنتهى بتنفيذ الأفلام واتاحة الفرصة لها للعرض فى الدورة المقبلة للمهرجان بهدف تشكيل صناعة سينما سعودية وفق المعايير العالمية والأخذ بأيدى المبدعين الشباب لتقديم أفلامهم .
خلاف ذلك فقد حقق الانتاج السينمائى السعودى خلال الأعوام القليلة الماضية خطوات واسعة فى مجال الأفلام الوثائقية والقصيرة وحصد جوائز عديدة مثلما تحقق فى دورتى مهرجان دبى الماضية، كل هذه مؤشرات تؤكد اصرار السينمائيين السعوديين على الاستمرار برغم كل الظروف غير المواتية وأهمها عدم وجود دور عرض سينمائى بالمملكة، الى حد اضطرار المخرج محمود الصباغ لعرض فيلمه فى أندية وقاعات صغيرة غير معدة للعرض السينمائى حتى يتمكن من المشاركة بفيلمه فى مسابقة الاوسكار التى تشترط ضرورة أن يكون الفيلم قد عرض فى بلاده، وأكد الصباغ أنه اذا كان فيلم “بركة يقابل بركة” لم يعرض فى بلاده فانه يثق أن فيلمه القادم سيعرض بها.
وفى دراسة مهمة قام بها سلطان بن عبدالرحمن البازعي رئیس الجمعیة العربیة السعودیة للثقافة والفنون التى ترعى مهرجان أفلام السعودية وقدمها فى مهرجان القاهرة السينمائى خلال دورته الماضية أكد البازعى أن السينما السعودية تنتظر أمرين فى غاية الأهمية ستخطو بهما خطوات واسعة وهما:
- صدور التشریعات القانونیة بالتصریح بافتتاح دور العرض السینمائي.
- قیام المؤسسات التعلیمیة بتعلیم أصول الدراما وعلوم المؤثرات الصوتية والبصرية.
وحتى يتحقق ذلك، فإن جهود عديدة تبذل وخطوات مهمة تخطوها السينما على أيدى الشباب الجدد وقد أطلقت الجمعية السعودية للثقافة والفنون “البرنامج الوطني لصناعة الأفلام” بتمویل من مركز الملك عبد العزیز الثقافي العالمي التابع لأرامكوالسعودیة واشتمل البرنامج على دورات تدریبیة على صناعة الأفلام وتجهيز قاعات عرض في فروع الجمعیة المختلفة وتنظیم عروض مشاهدة للأفلام المهمة وهو زخم یؤشر إلى مسألة في غایة الأهمیة في معادلة صناعة السینما وهى أن هناك جمهور متعطش للسینما وصناع أفلام قادرین على الإنتاج وأن المنظومة تكتمل بصدور التشريعات القانونية وفتح الباب أمام تعليم أصول الدراما وهو ما أشار اليه سابقا.
وفى الدراسة التى قدمها البازعى يؤكد كذلك أن السعوديين لم يكونوا أبدا خارج المشهد السينمائى وأن الملك عبد العزيز آل سعود شاهد أول عرض سينمائى خلال زيارته للبحرين فى 11 مايو 1939 وكان لفيلم مصرى “الهارب” من انتاج 1936″، مشيرا إلي أنه منذ خمسينات القرن الماضى حيث كانت الشركات الأجنبية العاملة فى المملكة ومنها شركة أرامكو تقدم عروضا فى مقرها السكنى، كما أن العروض السينمائية كانت تتواصل فى الأندية الرياضية نهاية كل أسبوع ونشأت دور عرض بدائية فى بعض المدن السعودية (جدة والطائف) قدمت عروضها للجمهور مقابل تذاكر، كما نشأت تجارة تأجير الأفلام للعرض المنزلى على أشرطة 16 مللى، حيث يقوم الجمهور باستئجار الفيلم وآلة العرض لمدة 24 ساعة، وكان التجار يستقدمون أحدث الأفلام العربية والمدهش أن كثيرا منها لم يكن يخضع للرقابة المعتادة، كما ساهمت وسائل الاعلام فى ذلك الوقت فى تحقيق مزيد من المتابعة للمشهد السينمائى حيث كانت تبث فى سهراتها تسجيلا صوتيا لبعض الافلام مع تعليق من المذيع على المشاهد التى لاتتضمن حوارا مسموعا، وحين جاء التليفزيون بدأ يبث أفلاما عربية وأجنبية مترجمة، لكن كل هذا الحراك توقف فجأة فى السبعينات عقب احتلال الحرم المكى الشريف من مجموعة جهيمان العتيبى المتطرفة، فقد أغلقت دور العرض وتوقف نشاط تأجير الأفلام واضطر السعوديون للسفر خارج السعودية لمشاهدة الأفلام، وفى أعقاب ذلك ظهرت تقنية الفيديو وانتشرت محلات تأجير الأفلام لكنها لم تسلم من هجمات المتطرفين، ثم ظهر البث الفضائى ومن بعده الانترنت لتصبح السينما حاضرة من جديد فى بيوت السعوديين وفى أجهزتهم المتنقلة حسب الطلب وخلال أيام من انتاجها من أى مكان بالعالم.
وتتوقف الدراسة التى أعدها البازعى عن السينما السعودية حول روادها من صناع الأفلام ومنهم
– سعد الفريج الذى تدرب فى تليفزيون أرامكو ثم انضم للتليفزيون السعودى وسافر لدراسة الاخراج والانتاج بالولايات المتحدة الأمريكية، كما حصل على دورة فى الانتاج التليفزيونى والسينمائى من bbc وبعد عودته الى السعودية عمل فى التليفزيون، وكانت له محاولة سينمائية واحدة من خلال فيلم “تأنيب الضمير” عام 1966 الذى لعب بطولته الممثل السعودى حسن دردير، الا انه لم يتمكن من مشاهدة الفيلم كثير من السعوديين لكن فيلمه التسجيلى الأهم الذى صوره عن المملكة بكاميرا سينمائية وحينما سافر الى بيروت لتحميض الفيلم اشتعلت الحرب اللبنانية ودمرت المعمل والفيلم، وقد رحل سعد الفريج عام 2006.
– عبد الله المحيسن، ويعتبره النقاد أول مخرج سعودى حيث بدأ مسيرته الفنية عام 1960 مع دراسته للاخراج بلندن والاكاديمية الربيطانية للتليفزيون، وقدم أول أفلامه التسجيلية عن مدينة الرياض، ثم اتجه للانتاج بفيلم “اغتيال مدينة” عن الحرب اللبنانية وحصل به على جائزة نفرتيتى للأفلام القصيرة بمهرجان القاهرة السينمائى عام 1977، ثم قدم فيلم “الاسلام جسر المستقبل” 1983 وجسد فيه صورة سياسية للعالم الاسلامى فى القرن العشرين، ثم صاغ بأسلوبه فيلم “الصدمة” 1990عن الاحتلال العراقى للكويت ورغم عمله مستشارا فى الديوان الملكى الا أن ارتباطه بالسينما جعله يخرج فيلم “ظلال الصمت” 2003 ودارت أحداثه خلال الاحتلال الامريكى للعراق وهو أول فيلم روائى طويل لمخرج سعودى ولعب بطولته مجموعة من الممثلين السعوديين والعرب منهم منى واصف، محمد المنصور، وناقش من خلاله أزمة الانسان العربى وعجزه فى مواجهة نظام متسلط.
– هيفاء المنصور، بدأت مسيرتها السينمائية عام 2003 بفيلم “من” الذى صوررته بكاميرا فيديو متخذة من شائعة انتشرت فى مدينة الخبر عن قاتل متخفى فى ثياب امرأة منقبة يقوم بعمليات قتل ضد النساء، وفى نفس العام اخرجت الفيلم القصير “الرحيل المر” تناولت فيه الهجرة الداخلية من القرية للمدينة داخل المملكة وكيف تؤدى لضياع الهوية والاغتراب داخل المدن، وفى سنة 2004 بدأت تصور فيلمها الثالث “أنا والآخر” الذى تناولت فيه قصة ثلاثة مهندسين سعوديين يضلون طريقهم بعد أن غاصت سيارتهم فى الرمال وسط الصحراء ويحتد بينهم الخلاف الفكرى فاحدهم أصولى والثانى متحرر والثالث معتدل، لكنهم يقتنعون أنه لابد من تعاونهم لاخراج سيارتهم من الرمال، الا أن مغامرة هيفاء الكبرى جاءت مع فيلمها الروائى الطويل “وجدة” الذى يعد أول فيلم يجرى تصويره بالكامل داخل السعودية ويحتفى الفيلم بقيم مثل حب الحياة والذى ترشح للاوسكار كأول فيلم سعودى يخوض هذا السباق السينمائى الكبير.
وهذه الخطوات التى خطاها مبدعون أوائل فتحت الطريق أمام الاجيال الجديدة وشجعت الكثيرين منهم لخوض تجاربهم الأولى، وتعددت المحاولات السینمائیة التجریبیة بدءا من العام 2004 وما تلاها، إذ ظهرت عدة أعمال قصیرة لعدد من الشبان المتحمسین، تتراوح بین السرد الروائي القصیر والتسجیلى.
فقدم أولا عبدالله العیاف فیلمه الروائي “السینما 500 كلم” وهو روائى في 45 دقیقة، من اخراج عبد الله العياف، ويشير عنوانه الى المسافة التي یتعین على المواطن السعودي أن یقطعها ليشاهد فیلم في أقرب صالة عرض سینمائي له، والمقصود بها دور العرض في دولة البحرین، فیحكي معاناة شخصیة محوریة “طارق”، في الدخول الى السینما حیث أنه لم یسبق أن دخل قاعة سینما من قبل، وذلك لعدم تمكنه من السفر خارج البلاد.
وواكب ظهور هذا الفیلم فیلم آخر روائي بعنوان “القطعة الأخیرة” للمخرج “محمد بازید” وهو فیلم صامت، تم تصویره بتقنیة الأبیض والأسود، ونفذ بحرفیة عالیة في خمس دقائق وخمسة عشرة ثانیة فقط، ویحكي عن شخصیة شارلي شابلن الذي یتنازع مع آخر على قطعة بسكویت أخیرة في الكیس الذي اشتراه “شابلن” ووضعه على المقعد الخشبي ما بینه وبین الآخر في إحدى الحدائق العامة، ونال الفيلم تنويها وإشادة في مسابقة الإمارات السینمائیة وفي مهرجان روتردام السینمائي عام 2005.
وبدءا من منتصف عام 2005 وحتى نهاية 2007 ظهرت عدة أفلام روائیة قصیرة للمخرج عبدالله المحیشي ومجموعته “القطیفً فریندز” في تنویعات مختلفة على السینما الوعظیة والمرعبة والـتأملیةـ إن صح القول ـ وهى: “ساعة الرحیل” و”الیوم المشؤوم” بجزئيه الأول والثاني ثم فیلم “رب إرجعون” الذي يعد رحلة تأملیة في الموت والتوبة، وفي نهاية2007 أنتجت مجموعة “القطیف فریندز” فیلم “شكوى الأرض” وهو یحكي قصة شاب، غیر مكتمل الأهلية العقلیة، یجسد براءة إنسان افتراضي ارتبط بنخلة وأعتبرها أمه.
ويورد سلطان بن عبد الرحمن البازعى فى دراسته بعض التجارب المهمة لمخرجين شبان حصدت جوائز محلية واقليمية..
عبدالله ال عیاف: الفائز بجائزة لجنة التحكیم في مسابقة أفلام الإمارات عن فیلم (إطار) 2006، وجائزة أفضل فيلم قصیر في مهرجانَّ الخلیج السینمائي عن فیلم (عایش) 2010، وحصد فيلمه (مطر) الجائزة الثانیة كأفضل روائي، وفيلمه الوثائقي (السینما) الجائزة الأولى في مسابقة أفلام السعودیة في الدمام 2008. ثم نال فيلمه (سكراب) الجائزة الثالثة لأفضل فیلم قصیر في المسابقة الرسمیة لمھرجان الخلیج السینمائي عام 2013.
عهد كامل: أخرجت فیلم (القندرجي) عام 2009، والذي فاز بالجائزة الأولى في مهرجان بیروت السینمائي الدولي 2010 . كما فاز الفیلم بالجائزة الثانیة في مهرجان الخلیج السینمائي لأفضل فيلم قصیر 2010، وفاز أيضا الفیلم بجائزة لجنة التحكیم الخاصة في مهرجان وهران 2010 ، كما حقق فیلمها الأخیر (حرمة) الجائرة الثانیة لأفضل فیلم قصیر في المسابقة الرسمیة لمهرجان الخلیج السینمائي عام2013 .
فیصل العتیبي: وهو مهتم بتقدیم أفلام وثائقیة على وجه الخصوص، حیث شارك في عدة مهرجانات عالمیة متنوعة بمجموعة أفلام من أهمها (الزواج الكبیر)، وفیلم (الحصن) الفائز بالجائزة الثانیة كأفضل فیلم وثائقي في مهرجان الخلیج السینمائي في دورته الثانیة.
هند الفهاد: قدمت أكثر من عمل واقتحمت منصات الجوائز في المهرجانات مركزة على قضیة المرأة ولعل آخر أعمالها فیلم “البسطة” الذي حصل على الجائزة الذهبية في مهرجان دبي السینمائي والجائزة الفضیة في مهرجان الأفلام السعودیة. وكانت ضمن لجنة تحكیم الأفلام القصیرة في الدورة 29 من مهرجان الاسكندریة.
حمزة طرزان: وقد فاز فيلمه “كيرم” بالجائزة الأولى لمهرجان الاسكندرية لأفلام البحر المتوسط عام 2013 .