أحداث و تقارير

«دونباس» للأوكراني سيرجي لوزنتسا.. افتتح «نظرة ما» بتهكم!

كان ـ «سينماتوغراف»: عبدالستار ناجي

يمثل المخرج الأوكراني سيرجي لوزنتسا واحداً من أبرز صناع السينما في بلاده، ويمتاز بحسة السينمائي السخي بالتجديد مع مسحة مقرونة بالتهكم فنياً وسياسياً. وهو في فيلمه (دونباس) يذهب إلى ذات الصيغ الفنية الإبداعية التي لطالما اشتغل عليها في تجاربه الفنية الماضية. بعيداً عن النمطية قريباً من الحرفة والسينمائية الخاصة والتى راح يؤكد عليها تجربة بعد اخرى. ونشير هنا إالى عدد من أبرز أعماله ومنها المخلوق اللطيف 2017، والرجل الخلوق 2016، وفي الضباب 2012، بالإضافة لعدد من الأفلام الوثائقية، وهو في بونباس يذهب إلى حالة قريبة من التوثيق لكم من الأحداث التي عاشتها أوكرانيا في مرحلة الأحداث والمواجهات الأخيرة من روسيا.

طرح جريء من مبدع سينمائي يعشق بلاده ولكنه لا يرتضي بالزيف. فهو يشتغل على كم من المعادلات الفنية ومنها ما ارتكز عليها فيلمه. فحينما يطلق على الحرب سلام، وعندما تتحول الدعائية المزيفة (البروبوجادنا) إلى حقائق، وعندما يتحول الألم إلى حب عندها فقط تتحول الحياة إلى موت.

عن ذلك الموت البطيء وتلك الممارسات يقدم لنا سيرجي لوزتنسا فيلمه الذي عرض في افتتاح تظاهرة (نظرة ما) في مهرجان كان السينمائي.

يبدأ الفيلم مع مجموعة من الكومبارس الكهول الذين كانت تتم عملية المكياج لهم لتصوير أحد الأعمال الدعائية وسط أجواء الحرب ومن خلال تلك الشخصيات ومجموعة الحكايات التي تحيط بها وتفجر بؤسها وألمها وتعبها وظروفها وكمية المغالطات التي تحيط بها والتى تفسر الأشياء دائماً بطريقة مغلوطة ملتوية وكل من يعرض هو فاشستي.

كمية كبيرة من العنف السياسي والاقتصادي تجاه روسيا وأيضاً أوكرانيا عبر مشهديات مطولة مع كاميرا ثابتة مع فريق رائع من نجوم السينما والمسرح في أوكرانيا قدموا شخصيات بعمق ومعايشة عالية.

شخصيات من الواقع ومن بينها ممثلة يتم الاستعانة بها لتجسيد عدد من الشخصيات الدعائية، وآخر سرقت سيارته من قبل الجيش وحينما يعثر عليها ويطالب بها تكون كارثته الكبرى كما هو شأن الكثير من أمثاله، وتتواصل الحكايات وأغلبها يتم على الحواجز الكثيرة المنتشرة في المناطق الحدوية بين أوكرانيا وروسيا.

وصولاً إلى المشهد الأخير، حيث ذات المجموعة من الكومبارس يستعدون لمكياج جديد ويدخل عليهم قائد عسكري ويقوم بتصفيتهم جميعاً لأنهم يعرفون جوانب من الأسرار ويجب التخلص منهم.. وينتهي الفيلم. ولكن الحوار حول الفيلم سيظل قائماً ومتواصلاً لأننا أمام مخرج يقول الكثير عبر أعماله السينمائية المثيرة للجدل..

ونتمنى من صناع السينما في العالم العربي التواصل مع مثل هذه النتاجات السينمائية الثرية بالحقيقة والألم.. والوجع الإنساني نتيجة السياسة وكوارثها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى