«روح خلية النحل».. عالم الواقعية والسحرية
«سينماتوغراف» ـ إبراهيم العزاز
«روح خلية النحل ـ بالإسبانية El espíritu de la colmena» هو فيلم دراما إسباني من كتابة وإخراج فيكتور إريثيه سنة 1973. يعتبر أحد أعظم الأفلام الإسبانية. يُصوّر قرية إسبانية معزولة خلال سنة 1940، أي بعد عام واحد من انتهاء الحرب الأهلية الإسبانية.
تدور أحداث القصة في الأربعينات من القرن الماضي، وتضعنا في خضم ديكتاتورية فرانكو، في بلدة على هضبة قشتالية حيث تصل شاحنة الأفلام السينمائية لعرض فيلم «فرانكشتاين».
فتاتان من الجمهور، آنا (آنا تورنت في أداء استثنائي) وإيزابيل (إيزابيل تيليريا)، لا يزالون تحت الانطباع الذي أحدثه الفيلم. حيث تزوران منزلًا مهجورًا، ستعود إليه «آنا» الأصغر سناً مرارًا وتكرارًا. تلتقي «آنا» بالموت لأول مرة بطريقة مباشرة ووحشية. تستحضر قصص الرعب والموت أعمق المخاوف التي تطال كل ما لا نعرفه.
فيلم عن الطفولة، عن اكتشاف العالم – من الداخل والخارج – عن الخطوات الأولى للنمو، حول الأسئلة والشكوك، والخوف والقدرة على التساؤل. يتم التعبير عنها من خلال السينما التي لا تحتاج إلى كلمات لإظهار ما لا تعرف الفتاة – آنا – كيف تقوله بعد.
سينما شاعرية تتعمق في موادها وأشكالها: الضوء، اللون، الإطارات، الفراغات، الأصوات والصمت. يصوّر المصور السينمائي «لويس كوادرادو» بعض الصور الجذابة في التصوير باللونين الذهبي والأصفر والبني الصامت، وينشر الظلّ والضوء ببراعة: ترى «آنا» وجه الوحش ينعكس في بركة من الماء، والأطفال يقفزون فوق النار، والنوافذ التي تشبه شكل قرص العسل.
عمل مخرج الفيلم الباسكي «فيكتور إريثيه» على بنية شبه موسيقية تظهر فيها الموضوعات على المستوى البصري. بين توحيد الإيقاع الداخلي وتنسيق تنوّع العناصر، خالقًا في مجمله عالمًا بين الواقعية والسحرية،
حيث يتعايش الحزن البيئي والإحباط اليومي مع التعبير عن احتياجات الإشباع في الخيال، والتي تحاول كل شخصية إشباعها بطريقتها الخاصة.
فيلم «روح خلية النحل»، أحد الأفلام النادرة التي تتناول حياة الطفل الداخلية على محمل الجد. يكشف أسراره ببطء. إنه عمل سري وغامض يتعامل مع أعمق الألغاز، أي الخلق والموت. كما يتناول العلاقات الأسرية بين الزوج والزوجة، والأب والبنات، والأخت الكبرى والصغرى، ومحاولة كل شخصية للتواصل، في نفس الوقت الذي يتم فيه عزل الشخصيات، وحدتهم المطلقة. باختصار، إنه فيلم عن السينما نفسها وعن قوة السينما في غزو أحلامنا وإيقاظ تجربتنا الحيّة ومخاوفنا.
«عندما أصنع فيلمًا، ما أرغب فيه هو أن أتمكن دائمًا من اكتشاف شيء جديد في الحياة. بهذا المعنى، السينما بالنسبة لي، من بين أشياء أخرى، أداة عمل وإمكانية للتعلم. لغة تطمح في النهاية إلى أن تصبح شكلاً من أشكال المعرفة الكاملة». فيكتور إيريثيه